حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: تجويع الصائمين..من هم هؤلاء الناس

في مقاله ذائع الصيت الذي كتبه الطيب صالح رحمه الله تحت عنوان (من أين جاء هؤلاء الناس؟)، يقول الطيب في جزء من المقال الذي حشده بحزمة تساؤلات موجعة ولاذعة وناقدة لجماعة (الانقاذ البائدة)..(أما أرضعتهم الأمهات والعمات والخالات؟ أما أصغوا للرياح تهب من الشمال والجنوب؟ أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط؟ أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟ أما سمعوا مدائح حاج الماحى وود سعد، وأغانى سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلى واحمد المصطفي؟ أما قرأوا شعر العباسي والمجذوب؟ أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسوا الأشواق القديمة، ألا يحبون الوطن كما نحبه؟ إذاً لماذا يحبونه وكأنهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأّنهم مسخرون لخرابه؟، أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍ، أحس البرد في عظامى واليوم ليس باردا. أنتمى إلى أمة مقهورة ودولة تافهة. أنظر إليهم يكرِمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شردوهم في الآفاق.)..وكما بدأ الطيب المقال بالسؤال الاستنكاري (من اين جاء هؤلاء الناس)، ختمه بسؤال آخر (بل من هم هؤلاء الناس)..
ونبدأ من حيث انتهى مبدعنا الكبير ونتساءل أيضاً (من هم هؤلاء الناس) الذين يتعمدون تجويع الصائمين، ففي الأخبار إن أكثر من (100) معتقل، أغلبهم من عضوية لجان المقاومة، في سجن سوبا يعانون من أوضاع سيئه للغاية منذ بداية شهر رمضان، وكشفت المصادر عن تعمد السلطات تجويع المعتقلين الصائمين بمنحهم (كباية كركدي وبليلة) أثناء وجبة إفطار رمضان وغياب وجبة العشاء والسحور. وأشارت لجنة محامي الطوارئ في بيان لها، إلى معاناة المعتقلين في سجون (سوبا وكوبر والتحقيقات الجنائية) من نقص حاد في الغذاء مع بداية شهر رمضان تسببت فيه إدارة السجن، بعدما رفضت أخذ المواد الغذائية المقدمة من أُسر المعتقلين وتقديمها لهم.
وناشدت اللجنة بحسب صحيفة الجريدة منظمات المجتمع المدني بضرورة مساندة قضية المعتقلين بسجن سوبا والنساء بأم درمان وحِراسات الشرطة. وشددت اللجنة على أن تجويع المعتقلين الصائمين لن ينجح في تثبيط عزيمتهم، لافتة إلى أن تجويع المعتقلين يعد انتهاكا واضحا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الثاني الملحق به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والأديان والأعراف السودانية..ان (هؤلاء الناس) الذين يمنعون المعتقلين الصائمين حتى ما يردهم من الاطعمة للافطار ليسوا من اصالة السودانيين في شئ، ويحق في شأنهم السؤالان (من أين أتى هؤلاء، بل من هم هؤلاء)، فالسودانيون هم أهل (الضرا) و(افطار الشارع) و(الافطار الجماعي) وهم أهل (عوج الدرب)، يرابطون للسابلة والعابرين في رمضان مع قرب موعد الافطار، ويجبرونهم على تغيير مسارهم للافطار معهم أيا كان عددهم، وبالضرورة فان (هؤلاء الناس) مشكوك في اسلامهم،
ذلك لأن إفطار الصائم في رمضان يعد من أعظم العبادات التي يقوم بها أي شخص، حيث يتسارع المسلمون في شهر رمضان إلى فعل الخيرات والتنافس فيها، ومن أكثر العادات التي يتنافس المسلمون فيها هي إفطار الصائم في والحصول على الأجر كاملا، وأجر افطار الصائم مثل أجر الصائم نفسه، فقد قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم، (من فطَّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائمِ شيئا)، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان، وقد وردت في فضل وأجر افطار الصائم أحاديث كثيرة وروايات غزيرة، ولكن (هؤلاء الناس) يمنعون الصائمين حتى ما يردهم من اهلهم، فمن هم ومن أين أتوا فهم ليسو منا..

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى