إنتاج النفط من أهم الموارد الاقتصادية التي تعتمد عليها جمهورية جنوب السودان، وظل التعاون الاقتصادي بين السودان وجنوب السودان، مستمراً طوال السنوات خاصة في مجال البترول حيث تصدر جوبا إنتاجها من البترول عبر الموانئ السودانية، ما جعل ارتباطها الاقتصادي مع الخرطوم أمراً مهماً، وهناك العديد من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.. في هذه المقابلة جلسنا مع شول دينق طون المدير التنفيذي للشركة الوطنية للبترول “نايل بت” بدولة جنوب السودان، لمعرفة خطط إنتاج النفط والتوسع فيه، وحجم التعاون والاستثمارات السودانية وغيرها من الموضوعات.
ما هي خطتكم من أجل تشغيل حقول دولة جنوب السودان بصورة تضمن زيادة الإنتاج، وما المدى الزمني لذلك؟
تقوم الخطة العامة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بغية إدخال مربعات جديدة حيز التشغيل بالتعاون مع مستثمرين جدد، كما تولي المؤسسة أهمية قصوى لإدخال تقانات حديثة وأساليب محسنة أو معززة لاستخلاص النفط بالتعاون مع الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال.. المدى الزمني لذلك من عام إلى ثلاثة أعوام.
بلغة الأرقام، ما حجم الإنتاج النفطي حالياً جنوب السودان وهل لدى المؤسسة خطة لزيادة الإنتاج؟
يبلغ الإنتاج النفطي حالياً من مزيج دار وهو خام ثقيل نسبياً 106,000 برميل يومياً (كان 200,000 برميل قبل الانخفاض)، بينما يبلغ إنتاج مزيج النيل40,000 برميل يومياً) كان 100,000 برميل قبل الانخفاض (تقوم المؤسسة حالياً بالتعاون مع وزارة النفط والشركات الأجنبية التي دخلت للعمل في جمهورية جنوب السودان حديثاً بعمل استكشافات جديدة في المربعات الجديدة وستدخل حيز الإنتاج في المستقبل المنظور، كما تقوم شركات الخدمات في المربعات المنتجة بإدخال تقنيات حديثة وأساليب محسنة لاستخلاص النفط بغرض زيادة الإنتاج.
كيف تنظر للتعاون بين جمهورية جنوب السودان والمملكة العربية السعودية في مجال صناعة النفط؟
أولاً: تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول والممالك الرائدة في الاستكشاف والإنتاج النفطي في العالم، وذلك لأن استكشاف وإنتاج النفط بدأ في النصف الأول من القرن العشرين.. هذه الخبرة المتراكمة والممتدة لزهاء القرن أكسبت إنسان وشركات المملكة دراية كاملة بكل المتطلبات الفنية من حيث تدريب الكادر البشري وتجهيز التقنية اللازمة.
ثانياً: نظراً لحداثة تجربة جنوب السودان في مجال استكشاف وإنتاج النفط، فإنها بحاجة ماسة للمساعدة الفنية من خلال استثمار الشركات البترولية من المملكة العربية السعودية في قطاع النفط بجنوب السودان لأن المساحة التي تمت فيها المسوحات الفنية لا تتعدي الـ10% من كامل مساحة القطر، والمسوحات الأولية تؤكد غنى القطر بالنفط وذلك لأن هنالك ما يقارب 23 مربعاً جديداً يحتاج لمستثمرين، وبالتالي ندعو الشركات النفطية بالمملكة للاستثمار بجمهورية جنوب السودان، وهذا التعاون سينعكس إيجاباً على شعبي المملكة وجنوب السودان.
هل هنالك نية لعقد شراكات أو اتفاقيات بين جمهورية جنوب السودان والمملكة العربية السعودية في قطاع صناعة النفط والمشتقات البترولية؟
نعم، هنالك رغبة أكيدة من جانبنا في جمهورية جنوب السودان للاستفادة من خبرات المملكة العربية وخاصة في ظل سياسة الأبواب المشرعة التي انتهجتها المملكة العربية السعودية تحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. وقد قمت كمدير تنفيذي للمؤسسة الوطنية للنفط في العام 2020 بإرسال خطاب إلى المدير التنفيذي لعملاق صناعة النفط بالمملكة شركة أرامكو لحثها على الدخول في الاستثمار النفطي في جنوب السودان وتوفير التدريب للكادر الوطني في جنوب السودان، إلا أن انتشار جائحة كورونا حال دون المضي قدماً في هذا المنحى.
ما هي آفاق تطوير التعاون الفني في مجال النفط بين جمهورية جنوب السودان وجمهورية السودان؟
تقوم جمهورية جنوب السودان منذ استقلالها عام 2011 باستخدام المنشآت النفطية في السودان لمعالجة نفطها، نقلها وتصديرها عبر الموانئ السودانية في البحر الأحمر بطول أنبوب قدره 1,800 كلم. كما ظل جنوب السودان يدفع 15 دولار أمريكي مقابل كل برميل نفط يتم تصديره عبر الموانئ السودانية كجزء من الدعم المادي الذي تقرر دفعه لدعم اقتصاد السودان بعد استقلال جنوب السودان ضمن 3.2 مليار دولار أمريكي هذا بالإضافة لـ 9.1 دولار أمريكي لكل برميل يشكل رسوم عبور، معالجة ونقل خام جنوب السودان. ظلت الدولتان على تعاون وثيق منذ العام 2011 وحتى الآن.
حالياً، تستعد مزيد من الشركات السودانية للاستثمار في نفط جنوب السودان وذلك لما لها من خبرة فنية في استخراج ومعالجة النفط وخاصة بعد نجاحها في سودنة القطاع النفطي وإحلاله مكان الشركات الأجنبية ويرجح أن تساعد هذه الشركات شركاءها في جنوب السودان على توطين صناعة النفط أسوة بما قامت به في السودان، لذلك فإن هذا التعاون مرجح له أن يشهد تطوراً مضطرداً في نقبل الأعوام.. الجديد في هذا المضمار هو إكمال جنوب السودان أو مشارفته على إكمال دفع مبلغ 3.2 مليار دولار المذكور آنفاً.
ما مدى الاستفادة من المنشآت النفطية السودانية وتبادل الخبرات وبرامج التأهيل والتدريب المشترك بين البلدين؟
كما ذكرت آنفاً، جنوب السودان يعتمد بشكل أساسي على المنشآت السودانية في تصدير نفطه إلى الأسواق العالمية، سيستمر جنوب السودان في الاعتماد على المنشآت السودانية لتصدير النفط المنتج من الشطر الشمالي من القطر وذلك لمتاخمته للسودان، بينما سيحول عامل المسافة دون ذلك في حال أنتجت المربعات الواقعة في الأجزاء الجنوبية من القطر.
أما في مجال التدريب والتأهيل، فقد قامت مؤسستنا والشركات المنضوية تحتها بتوقيع مذكرات تعاون فني تم تحويله لتعاون فني) مع رصيفاتها من الشركات السودانية (شركة السودان الوطنية (سودابت) والمنضوية تحتها) لتدريب الكادر الوطني الجنوب سوداني في السودان وصقله بالتجارب العملية، هذا وقد استفاد الكادر الجنوب سوداني استفادة قصوى من هذا التعاون.
الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)