Site icon كوش نيوز

الوجود الأجنبي.. المخاطر تتحدث بأكثر من لسان

على الرغم من أنَّ هناك قوة مشتركة من القوات النظامية  تعمل لمنع المتسللين بصورة غير شرعية  إلى البلاد،   إلا أن بعض الوافدين من دول القرن الأفريقي يدخلون إلى البلاد  بشتى الطرق غير الشرعية، مما يشكلون تهديداً للأمن القومي من خلال عمل بعض هؤلاء الأجانب كعملاء وجواسيس  لجهات معادية للبلاد، بجانب أن التحويلات المالية التي يدفعون بها إلى بلدانهم تشكل تهديداً اقتصادياً واستنزافاً للعملة الحرة.

 

إحصايية رسمية

في آخر إحصائية عن الوجود الأجنبي بالبلاد كانت في فبراير 2017م حيث كشفت وزارة الداخلية عن حجم الوجود الأجنبي في البلاد، وقالت إن عدد الأجانب المقيمين بصورة شرعية في السودان نحو (55) ألفاً، بينما يبلغ عدد الأجانب الموجودين بصورة غير رسمية (1500) أجنبي دخلوا البلاد متسللين. وقالت الداخلية إن الوجود الأجنبي أدى إلى ازدياد في معدلات البطالة وإلى تأثير في النواحي الأمنية وارتفاع معدلات الجريمة، والضغط على الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن خاصة الخدمات الصحية والتعليمية والمياه والكهربائية.

السودان  رغم أنه يعاني من واقع اقتصادي لا يسمح له باستضافة هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين, إلا أنه ظل ينتهج سياسة الباب المفتوح ويتحمل العبء الأكبر من كلفة وجود اللاجئين على أراضيه، بيد أن وجود الاجانب المقيمين بطرق غير شرعية ادي الي ازدياد الظواهر السالبة مما شكل مخاطر حقيقية على هيبة الدولة …في هذا الاستطلاع قامت مصادر مطلعة باستجلاء آراء الخبراء والمختصين عن المخاطر المحتملة للوجود الأجنبي بالبلاد …فهيا نطالع إفاداتهم .

 

أدوار رقابية

رئيس منظمة الشفافية السودانية د.  الطيب مختار شدد بأن الوجود الأجنبي غير الشرعي جلب على البلاد مهددات أمنية واستخباراتية متعددة، من خلال عمل بعض الوافدين بالتخابر مع جهات أجنبية أو التخابر لصالح بلدانهم التي قدموا منها، بجانب عمل البعض الآخر منهم في عمليات تهريب البشر وتخريب الاقتصاد من خلال تهريب السلع عبر الحدود إلى دول الجوار. وأكد أن عدم مراقبة أجهزة الدولة لهؤلاء المخربين يرجع إلى عدم امتلاك  الأجهزة الأمنية البيانات الأساسية لهم، نسبة إلى عدم دخولهم البلاد عبر القنوات الرسمية. وقال إن غض الطرف عن ممارسات مثل هؤلاء الأجانب سيكون له تداعيات خطيرة على الأمن القومي السوداني. وأكد مختار أن عدم مراقبة الدولة لعمليات تحركات الأجانب عبر البلاد يمثل اختراقاً لهيبة الدولة،  وقال إن تقاعس الحكومة عن أدوارها الرقابية والعقابية اتجاه الأجانب يعتبر في مفاهيم  الشفافية السودانية،  نوعاً من الفساد  الذي يستوجب محاسبة مرتكبيه.

عملاء المخابرات الأجنبية

ومن جانبه أشار أستاذ العلوم السياسية رئيس معهد فض النزاعات بجامعة أم درمان الإسلامية د. راشد التجاني، إلى أن تداعيات الوجود الأجنبي بشقيه الشرعي وغير الشرعي، تتمثل في تهديد هؤلاء الأجانب إلى الأمن القومي من خلال الأعمال  الشرعية  التي يقومون بها كعمال نظافة  أو جرسونات في منازل ومكاتب المسؤولين بالدولة، مما يجعلهم يطلعون على مستندات ووثائق غير مخول لهم الاطلاع عليها  بجانب الأجانب الآخرين الذين يعملون في أعمال غير شرعية، كتهريب البشر والسلاح والدعارة وعمليات السرقة والنهب والاحتيال.  وقال راشد للحيلولة من مخاطر الأجانب لابد من إجراءات أمنية مشددة لأن بعض الأجانب يمكن أن يكونوا عناصر أو عملاء، يتبعون إلى إحدى المخابرات الأجنبية التي تتربص بالبلاد.

 

تخريب ممنهج

وفي المنحى ذاته قال الأمين العام للحزب الناصري الوحدوي ساطع الحاج إن مخاطر الوجود الأجنبي على مستوى الأمن القومي بالبلاد، تتمثل في التحويلات المالية التي يرسلونها إلى بلدانهم مما يمثل تخريباً ممنهجاً للاقتصاد السوداني. وأشار إلى أن تحويلات الإثيوبيين المقيمين في السودان إلى دولتهم تمثل خمسة مليارات دولار  شهرياً، في وقت البلاد محتاجة فيه إلى هذه الدولارات لأجل إنعاش الاقتصاد القومي.

 

تحركات الأجانب

ومن جهته يرى المختص في قضايا الهجرة والوجود الأجنبي بالبلاد السفير السابق بوزارة الخارجية الطريفي كرمنو، أن الوجود الأجنبي رغم أنه مزعج للبلاد من خلال الضبطيات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية للمتفلتين، من الأجانب على مستوى جرائم غسيل الأموال وشبكات تهريب البشر وإدارة أماكن الدعارة، إلا أن الدولة لا تحرك ساكناً حيال ضبط هذا الوجود الأجنبي ولا تهتم بمتابعة سير تحركات الأجانب. وأشار كرمنو إلى  أن هنالك دولاً تقوم بالرقابة اللصيقة على الأجنبي منذ أن تطأ قدمه أرض البلاد، وقال إن من هذه الدول جمهورية مصر  والتي تقوم أجهزتها الأمنية بعمليات مراقبة ومتابعة لصيقة للأجني ومعرفة خط سيره ونشاطه المزمع القيام به، مشيراً إلى أن هذه الرقابة الأمنية مفقودة في السودان بالنسبة إلى متابعة الأجانب. وأكد بأن بعض الأجانب يعملون لصالح دول معادية للسودان في ظاهر مهن هامشية ببعض السفارات المتواجدة بالبلاد، لكنهم في باطن الحقيقة هم يعملون كعملاء وجواسيس لصالح هذه السفارات ضد البلد الذي يستضيفهم .

 

المخابرات الإثيوبية

وبالمقابل يرى المختص في وحدة مكافحة التجسس والمخابرات المضادة في الأمن المايوي العميد أمن معاش هاشم البدري، أن عدم تفعيل القوانين المنظمة لحركة سير الأجانب وتواجدهم بالبلاد من شأنه أن يفضي إلى تهديد البلاد في أمنها القومي، واستباحة أراضيها بواسطة مخابرات بلدان أخرى. وقال إن حاجة الأجانب إلى المأكل والمشرب يجعلهم يقعون فريسة سهلة الاصطياد وتجنيدهم  لدى المخابرات المضادة، وأكد أن ذلك يرجع إلى أن هؤلاء الأجانب ليس لديهم انتماء للسودان وبالتالي تسهل عملية استغلالهم كجواسيس وعملاء، بالوكالة عن أجهزة هذه المخابرات. وقال البدري إن السودان الآن أضحى مستباحاً من عملاء المخابرات الإثيوبية والمصرية. وتابع  بالقول إن المخابرات الإثيوبية نجحت من خلال تجنيد الإثيوبيين المتواجدين في السودان  بتزويدها بالمعلومات، مما سهل ذلك من عملية اختراقها وتغولها إلى داخل العمق السوداني عند منطقتي الفشقة الصغرى والكبرى،  وبالتالي يمكننا القول إن ماتشهده الحدود الشرقية للبلاد الآن من عمليات عسكرية للقوات المسلحة السودانية هو بمثابة عمل استخباراتي بحت، وأردف هنالك أيضاً تواجد استخباراتي لأجهزة المخابرات المصرية من خلال المصريين الوافدين الذين يعملون في بيع الأواني المنزلية خصوصاً في مناطق شرق السودان، وذلك لإسناد القاعدة المصرية في إريتريا بالمعلومات المطلوبة. وقال البدري إن إغفال  الأجهزة الأمنية عن مراقبة الأجانب يجعل المخابرات المضادة تخترق كل مؤسسات البلاد الحيوية، بما فيها القوات المسلحة ولتدارك ذلك قال يجب أن تفرض رقابة لصيقة في المعابر والمطارات عند دخول الأجنبي ومتابعة تحركاته وسكناتها وصدها وتحليلها أولاً بأول وتبادل هذه المعلومات مع الأجهزة الأمنية والنظامية الأخرى في البلاد،  والعمل على تقييد عمل الأجانب في المناطق الحساسة والوزارات ومنازل المسؤولين بالدولة .

 

جرائم دخيلة

ويلفت المدير (السابق) للإدارة العامة للجوازات والهجرة بوزارة الداخلية اللواء معاش أحمد عطا المنان، أن مخابرات بعض الدول  المحيطة بالسودان تتخذ من الأجانب المقيمين في البلاد بصورة شرعية  أذرعاً لها بغرض التجسس أو القيام بأعمال مشبوهة مثل عمليات غسيل الأموال وتهريب البشر وتجارة الأعضاء، بجانب أن الثقل التعدادي  للأجانب في منطقة معينة يمكن أن ينتج عنه الجرائم التي تقع تحت طائلة الإرهاب. وأكد عطا المنان أن الجرائم  الدخيلة على المجتمع السوداني والمتمثلة في (عصابات النقرز) و(التمثيل بالجثة وتقطيعها في أكياس) و(تجارة الأعضاء) و(غسيل الأموال)، بأنها جرائم عابرة للحدود انتشرت عند قدوم الأجانب إلى البلاد. وتابع الوجود الأجنبي في السودان أضراره كثيرة  بخلاف الجانب الأمني توجد أضرار اقتصادية، حيث أن الأجانب يشاركون المواطن معيشته من خلال مزاحمته ومضايقته في السلع المدعومة،  فضلاً عن أن بعض الأجانب يعملون في تخريب الأمن الاقتصادي للبلاد من خلال أعمالهم في التهريب وتجارة العملة. وقال عطا المنان إنهم ومن خلال عملهم في إدارة الجوازات والهجرة اكتشفوا أن بعض الأجانب الموجودين في البلاد، هم أصحاب سوابق إجرامية وسجل إجرامي  بجانب أن البعض منهم فار من أحكام قضائية في بلدانهم التي قدموا منها.

 

مخابرات مضادة

وفي ذات السياق أكد المدير الأسبق لجهاز الأمن الوطني د. قطبي المهدي أن مخابرات دول الجوار المهتمة بالشأن السوداني،  تنشط وسط رعاياها  المقيمين في البلاد خصوصاً الذين يعملون في مهن هامشية لدى منازل ومزارع المسؤولين بالدولة. وقال بأنه عندما كان يشرف على إدارة دفة جهاز الأمن وجه مكاتب الجهاز في الولايات الشرقية بالقيام بحملات اعتقالات واسعة للأجانب القادمين من دولتي إثيوبيا وإرتيريا، وأكد أن الباعث الأساسي وراء هذه الحملات  هو أنهم توصلوا إلى معلومات تشير إلى ضلوع هؤلاء الأجانب في أعمال استخباراتية وتجسسية لصالح بلدانهم، خاصة وأن الأوضاع بين السودان وإريتريا كانت شبه متوترة. وأكد قطبي أن وجود الأجانب في البلاد من دول إثيوبيا وإريتريا وتشاد يشير بوضوح إلى قيام أجهزة مخابرات هذه الدول بأعمال التجسس والتخابر لصالحها،  وقال هذا عرف معمول ومعروف في عمل المخابرات. وأشار إلى أن جهاز الأمن السوداني من خلال وحداته المعنية بالتجسس المضاد، يقوم بالرصد والمتابعة لكل الأجانب المتواجدين في البلاد خصوصاً المقيمين في العاصمة في الأحياء الراقية. وأشار إلى أن الأجانب الذين يعملون في المنظمات العاملة في السودان، كانوا يمثلون أذرعاً لأجهزة المخابرات المعادية للبلاد.

 

استطلاع – أيمن المدو

الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

 

Exit mobile version