الطاهر ساتي يكتب: حل القيود ..!!

:: ( لم نأت لتوقيع أي اتفاق يخص الميناء، جئنا مع المختصين لنحل مشاكل الميناء المتراكمة)، الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي، متحدثاً عن أسباب زيارته للبحر الأحمر يوم أمس .. ليست هناك مشاكل متراكمة في موانئ البحر الأحمر كما يقول نائب السيادي، بل هذه الموانئ في حد ذاتها ( أم المشاكل) التي يجب حلها برؤى جديدة و ..(شجاعة)..!!
:: وعلى سبيل المثال، الموانئ المصرية المسموح لتُجار بلادنا استخدامها – حين يُغلق الناظر ترك ميناء بورتسودان – تديرها شركات القطاع الخاص، وليست الحكومة المصرية.. وكذلك السواد الأعظم من موانئ الدنيا والعالمين، تُدار بواسطة القطاع الخاص، فما الذي يمنع تطوير موانئ البحر الأحمر بالقطاع الخاص كما تفعل الدول، بما فيها العظمى؟ ولماذا التوجُّس من شركات القطاع الخاص؟.. !!
:: فالشاهد أن الصوت الرافض لإشراك القطاع الخاص في تشغيل وإدارة الموانئ هو (الأعلى)، والحكومات الضعيفة دائماً ما تخشى هذه (الحلاقيم)، رغم قناعتها بأن تحرير التشغيل والخدمات هو الحل الأمثل لتجاوُز كل أنواع الفشل والعجز والتردي بكل القطاعات، بما فيها قطاع النقل.. هناك قانون سلطة الموانئ البحرية لسنة 2018، وبموجبه نالت هيئة الموانئ السلطات الرقابية والسيادية.. !!
:: ومع السلطات الرقابية والسيادية كان يجب طرح عطاء التشغيل، وإفساح المجال لشركات القطاع الخاص بالداخل والخارج، بكل شفافية، لتطوير التشغيل والخدمات بالموانئ .. فالحكومةُ لا تُدمِن غير الترهُّل و الفساد، ولكن شركات القطاع الخاص تُتقِن التشغيل وتطوير الخدمات، ولا تسمح بتحويل الموانئ البحرية إلى (نظارات) أو منصات حزبية، بحيث يغلقها النُظار والعمال بين الحين والآخر، فتتكدّس الحاويات وتهرب السفن وتخسر البلاد..!!
:: لقد تأخّر فصل الرقابة عن الخدمات والتشغيل بالموانئ، وكان يجب أن يتم هذا الفصل قبل هذا التردي.. فالشركات هي التي نهضت بموانئ الدول التي من حولنا، بما فيها الموانئ المصرية المسموح لنا استخدامها (العين السخنة).. لو أتقنت الحكومة الرقابة والإشراف، فإن الشركات تُتقِن تشغيل الخدمات، وكل ميسر لما خلق له.. ولنا تجارِب ناجحة، ومنها الاتصالات، إذ هي إحدى ثمار تقزيم السلطة الحكومية لحد الاكتفاء بالإشراف و الرقابة..!!
:: ولأن الغاية هي التطوير، ليس هناك ما يمنع استيعاب شركات ذات كفاءة للخدمات والتشغيل بالموانئ، كما تفعل الدول المُتحضِّرة.. فالاقتصاد الحديث يتكئ على تقزيم سُلطة الحكومات وتضخيم سُلطة الشركات.. ولكن في بلادنا، بذات العقلية التي تسببت في انهيار الاتحاد السوفيتي، لن يكون مُدهشاً لو أنشأت الحكومة هيئات لبيع الشاي والقهوة للمارة، أو الفول والطعمية لطلاب المدارِس..
:: على صُنّاع القرار ابتكار الحلول الشجاعة، ومنها أن تكتفي الحكومة بالتشريع والرقابة، وتُفسِح مساحات الإنتاج والخدمات والتشغيل للقطاع الخاص.. ويجب إطلاق سراح الموانئ من قيود الإنتاج المُسمّاة بالسلطات الحكومية، بحيث تكتفي الحكومة بالمهام الرقابية و السيادية.. فلتكن شراكة أو خصخصة أو إيجاراً، فالاسم ليس مُهمّاً.. فالمهم أن تكون لدينا ( موانئ حديثة)، حتى لا نتسول الآخرين، حتى الموانئ، أي كما نتسولهم القمح و الوقود و .. الملاعب ..!!

 

 

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version