Site icon كوش نيوز

ضحية “الاغتصاب الزوجي ” نورة حسين… من ظُلمة السجن إلى نار الوعود الكاذبة

بعد خمس سنوات قضتها في السجن
نورة حسين: الكثيرون قالوا إنهم سيساعدونني في تعليمي أو السفر إلى الخارج، ولم يحدث شيء من ذلك
* الحياة في السجن كانت صعبة وفقدت عقلي بالكامل
* عروض المساعدة في الدراسة والسفر إلى فرنسا “كاذبة”
* شعرتُ بخيبة أمل بعد خروجي من السجن

 

نورا أو نورة حسين حماد هي فتاة سودانية، كان عمرها (16) عاماً عندما أجبرها والدها على الزواج بالإكراه، هربت لبيت خالتها ومكثت عندها 3 سنوات فوعدها أبوها بالسعي للطلاق، إلا أنه بعد رجوعها سلمها لزوجها الذي استعان برجال من أقاربه ليمسكوا بها ليتمكن من اغتصابها في محاولة منه للحصول على حقوقه الشرعية.

 

خرجت نورة من ظُلمة السجن الذي أخذ (5) سنوات من عمرها إلى ظُلمة الحياة والوعود التي لم تتحقق، قصتها التي سنرويها الآن لا تختلف كثيرًا عن قصص الناجيات من صروف الدهر حيث تبدأ بالتعاطف والدعم الكبير ثم سُرعان ما يتلاشى كل شيء رويدًا رويدًا تاركًا الضحية تمضي في نفق لا ضوء في آخره.

*من هي نورة حسين ؟
نورا أو نورة حسين حماد هي فتاة سودانية، كان عمرها (16) عاماً عندما أجبرها والدها على الزواج بالإكراه، هربت لبيت خالتها ومكثت عندها 3 سنوات فوعدها أبوها بالسعي للطلاق، إلا أنه بعد رجوعها سلمها لزوجها الذي استعان برجال من أقاربه ليمسكوا بها ليتمكن من اغتصابها في محاولة منه للحصول على حقوقه الشرعية.

حاول الزوج اغتصابها مرة أخرى في اليوم التالي حيث تمكنت من الهروب إلى المطبخ وطعنه عدة طعنات بالسكين، ثم هربت إلى منزل عائلتها فقام والدها بتسليمها للشرطة.

في أبريل 2018 أدانت محكمة أم درمان نورة بتهمة القتل العمد وصدر الحكم رسميًا بإعدامها شنقًا بعدما رفضت عائلة زوجها القتيل “عبدالرحمن حماد” أخذ الديّة.

 

*ردود فعل
حكمت محكمة جنايات الأوسط أم درمان يوم الأحد الموافق 29/4/2018، بحسب المادة 130 من القانون السوداني، بإدانة نورة حسين بالقتل العمد والإعدام شنقًا بعدما رفضت أسرة القتيل أخذ غرامة مالية كديّة، على أن يتم تنفيذ الحكم يوم 10 مايو 2018.

 

عقب صدور حُكم الاعدام أدانت منظمات دولية ومن بينها منظمة العفو الدولية حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة.وقالت منظمة العفو في بيان لها حينها إنه “يجب على السلطات السودانية إلغاء هذا الحكم الظالم والتأكد من حصول نورة على الحق بمحاكمة جديدة وعادلة”.

 

وقال أيضًا “سيف ماغنغو” نائب المدير الإقليمي لمنطقة شرق أفريقيا في القرن الأفريقي ومنطقة البحيرات العظمى: “كانت نورة حسين طوال حياتها ترغب في أن تصبح معلمة، لكن انتهى بها الأمر إلى إرغامها على الزواج من رجل أساء معاملتها، وقام باغتصابها وتعذيبها بوحشية، وها هي الآن يحكم عليها بالإعدام من قبل محكمة رفضت الاعتراف بوجود اغتصاب في إطار الزواج، فنورة حسين تعتبر ضحية، والحكم الذي صدر ضدها أمر بالغ القسوة لا يقبله عقل”.

في (مايو) 2018، وقّع حوالي 224,000 شخص عريضةً طالبوا فيها بالعدالة لنورة وإنصافها من حكم الإعدام الذي صدر بحقها، كون القتل كان بصفة الدفاع عن النفس.

 

وبعد جهود حثيثة على وسائل التواصل الاجتماعي وضغط عدد من منظمات حقوق الإنسان بما فيها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والمنظمات النسوية الدولية، ألغت محكمة الاستئناف حكم الإعدام بعد شهرين من صدوره في 26/ 6/ 2018 واستبدلته بالسجن لمدة خمس سنوات.

 

*تسليط ضوء
أثار حكم الإعدام الذي صدر بحق “نورة” اهتمام الرأي العام على مستوى السودان والعالم، وطالبت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية عديدة منها منظمة العفو الدولية ومنظمة “المساواة الآن” السلطات السودانية بالعفو عن نورة ومراعاة الظروف التي وقعت فيها الحادثة.كما أطلقت منظمة العفو الدولية مبادرة وقع عليها أكثر من 400 ألف شخص حول العالم يطالبون بالعفو عن نورة، وتم ارسال العديد من الرسائل الى رئيس جمهورية السودان “عمر البشير” للتدخل بإصدار عفو رئاسي عن نورة.

يرى مراقبون في مجال حقوق الانسان أن قضية نورة حسين سلطت الضوء على فجوات كبيرة في بعض القوانين وعلى ضرورة سن قوانين لتجريم زواج القصر، اضافة إلى ضرورة العمل على تعديل القوانين الحالية التي تميز ضد النساء والفتيات وتكرس ثقافة التسامح مع جرائم المرتكبة ضدهن.
وفي 6/5/2018 أطلقت مجموعة لا لقهر النساء السودانية حملة ضد حكم الإدانة الذي أصدرته المحكمة. وفي لقاء للبي بي سي مع أمل هباني، إحدى الناشطات في المجموعة، أشارت إلى أن الحملة تهدف إلى إلغاء الحكم و”تجريم الاغتصاب الزوجي “..

كما وجدت دعماً واسعاً من المشاهير، بما في ذلك عارضة الأزياء، نعومي كامبل، بالإضافة إلى الضغط من قبل وكالتين من وكالات الأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة للمستشار الخاص لأفريقيا. ولكنها أدينت بالقتل غير العمد وحكم عليها بالسجن خمس سنوات بدلا من الإعدام.

*من ظلمة السجن إلى نار الوعود الكاذبة
تقول نورة حسين، إنها محبطة للغاية بسبب وعود الدعم التي لم تتحقق وتابعت إنه بعد اطلاق سراحها من السجن العام الماضي شعرت بخيبة أمل من الاشخاص والمنظمات التي دعت لاطلاق سراحها والتي عرضت دعمها. وأضافت:”الكثيرون قالوا إنهم سيساعدونني في تعليمي أو السفر إلى الخارج، ولكن لم يحدث شيء من ذلك”.

وعلى رأسها ترحيب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بقرار محكمة الاستئناف في الخرطوم، وقالت إليزابيث ثروسيل، المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان إن المكتب سيواصل المتابعة مع السلطات السودانية بشأن القضية. وأعربت عن الاستعداد للعمل مع حكومة السودان بهدف جعل “قوانينها تتماشى مع معايير حقوق الإنسان.“

*تجربة قاسية
وعن تجربتها في السجن، قالت نورة حسين إن “الحياة كانت صعبة، حيث فقدت عقلي بالكامل”. وأكدت أن عروض مساعدتها في دراستها والانتقال إلى فرنسا، حيث لديها أقارب، لم تتحقق. وتعيش نورة ، وهي في الأصل من ولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم، في شمال دارفور وتزوجت الشهر الماضي من ابن عمها.وأشارت إلى أن زوجها الجديد شجعها على إنهاء دراستها، ودعمها في تجاوز جميع الامتحانات، معربة عن أملها في أن تصبح محامية لمساعدة العديد من الفتيات الأخريات اللواتي صادفتهن في السجن.
الخرطوم: سلمى عبدالعزيز

      صحيفة الجريدة

Exit mobile version