أحمد يوسف التاي يكتب: إلى متى ستظل وقوداً للفتنة يا مبارك

(1)
(توفي 300 شخص في دارفور ما شايف الناس بتبكي عليهم زي ما بكوا على شهداء العاصمة، إن المواطن في دارفور يختلف عن المواطن في الخرطوم هذا درجة أولى وذاك درجة عاشرة، وبالتالي نحن لسنا مهتمين بأنه توفي 300 ألف ونأتي بالقصاص والتعويضات وغيرها نحن بس البموت في الخرطوم البلد كلها تحرق عشانو ) … هذا الحديث بين القوسين والذي ينضح بالخبث السياسي والفتنة العنصرية والتحريض جاء على لسان السيد مبارك الفاضل في الحوار الذي أجرته معه الزميلة وجدان طلحة بصحيفة السوداني…
(2)
كنتُ ولا زلتُ أردد أن بعض الساسة وما تنطوي عليه ألسنتهم بالسوء والخبث والتحريض ولشيءٍ في نفوسهم المريضة هم سبب إشعال الفتن العنصرية والتحريض وإيغار الصدور بالمرارات والغبن ، فمثل السياسيين من شاكلة مبارك الفاضل يطلق التصريحات ولا يهمه المحصول الكارثي لهذه التصريحات التي يظن أنها تخدم أجندته السياسية وتستميل الجمهور له ولحزبه، ومن عجب أن مبارك الفاضل يعتبر الإهتمام بشهداء ثورة ديسمبر جزءاً من تسويق العواطف، ولا يعتبر حديثه عن شهداء دارفور تسويقاً للعواطف أيضاً…
(3)
الحقيقة التي لا جدال حولها أن السودان ليس فيه تصنيف بين مواطنيه، هذا درجة أولى وذاك درجة عاشرة كما يفتري مبارك الفاضل في حديثه العنصري المحرض للفتنة العنصرية… ولا شك أن مبارك الفاضل يريد استقطاب أهل دارفور واستدرار عواطفهم وإيهامهم بأنه يقف الى جانبهم والقصاص للضحايا الذين سقطوا في دارفور إبان نظام “الإنقاذ”، لكن هذا الحديث ليس بغريب على الرجل الذي يمم قبل أشهر وجهه إلى شرق السودان ومارس ذات التحريض العنصري وحاول الصب المزيد من الزيت على نار الفتنة وسط أنصار تِرك، وفعلها من قبل مع الأمريكان حتى قادهم ذلك إلى ضرب السودان بصواريخ توماهوك..
(4)
والحقيقة الأخرى التي تكشف عن ساقيها بإصرار وتتعرى أمام الجميع هي أن ثورة ديسمبر كانت سباقة في تبني قضية دارفور والقصاص لضحايا النظام المخلوع، حيث كان هتاف الثوار (يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور)، مما سهل الطريق أمام حكومة الثورة للتوافق بين مكوناتها لتسليم ملف جرائم القتل في دارفور لمحكمة الجنايات الدولية وهذا ما اجمعت عليه قوى الحراك الثوري، ثم جاء سلام جوبا الذي أنصف الضحايا وأعطى دارفور كل ما طلبته لجبر الضرر الذي لحق بها في عهد نظام البشير، كما أن شهداء الثورة ليسوا من الخرطوم وحدها بل من كل أقاليم السودان بما فيها دارفور، فليس الأمر كما صوره مبارك لشيء في نفسه..
(5)
والحقيقة الثالثة التي لا تقبل المغالطات هي أن مبارك الفاضل شارك نظام البشير الذي قتل 300 ألف في دارفور، شاركه في السلطة والمخصصات والقرارات وشرعن لاستمراره وبالتالي فهو شريك له في جرائمه، وأما ثورة ديسمبر وقادتها وأنصارها هم من وقفوا في وجه نظام البشير إبان مظاهرات 2018 و2019 بالهتاف الداوي : (يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور)، ولم يخلُ مقالاً في الصحف من ذكر جرائم نظام الإنقاذ في دارفور… كان كلام الفاضل هذا سيكون مقبولاً لو أنه جاء في سياق اعتذاره عن المشاركة في النظام الذي قتل 300 ألف شخص في دارفور عندما تم اختياره مساعداً للبشير، وكان سيكون مقبولاً لو أنه جاء في سياق استقالته من نظام البشير الذي قتل ذاك العدد بعد المراجعة وتأنيب الضمير، ولكن أن يأتي في سياق الفتنة العنصرية والتحريض والتفريق بين مواطن ومواطن مدعياً أن هناك مواطناً درجة أولى وآخر درجة عاشرة ، فمانراه إلا قصد الفتنة والوصول للسلطة عبر الجثث والأشلاء والحرائق…
(6)
ارتكب مبارك الفاضل خطأً كبيراً ، وهو يدرك أن حصاد لسانه هذا سيفعل بالسودان مثلما فعل في مصنع الشفاء وحرمان السودانيين من الأدوية ، وتشريد العاملين بالمصنع وإلحاق الضرر بمالكه … السودان في الوقت الراهن في مثل هذه الظروف يا سيد مبارك يحتاج إلى الحكمة والعقلاء وتضميد الجراحات لا إثارة الفتنة وصب الزيت على الحرائق التي ما هدأت أصلاً، فمتى تعقل يارجل وقد بلغت من العمر عتياً……الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version