حوارات

الأمين العام المكلف لحزب المؤتمر الشعبي: قدمنا شيخنا وزعيمنا شهيداً وسيأتي الوقت الذي نقول فيه من سممه ومن قتله

هؤلاء(…) وراء اعتقال قيادات حزب المؤتمر الشعبي
المؤتمر الوطني ما يزال مؤثراً من خلف ستار على المشهد الحالي

لتوحيد الإسلاميين لابد من محاسبات وتطهير النفس من كل الآثام السابقة
الرئيس السابق كانت حوله بطانة سيئة
الموت والحياة عند الشباب سيان

 

د.محمد بدر الدين، جلس على مقعد شيخه حسن الترابي؛ للعلم والحكمة التي يتمتع بهما، سألته (السوداني) عن أن حزبه كان مشاركاً للنظام السابق حتى وفاته، والآن يطالب بتسليم البشير للجنائية؟، وأن حزبه على هامش الحياة السياسية، وأنه يسعى للتقرب إلى قحت، وأن حزب المؤتمر الشعبي يظهر أنه أحد ضحايا المؤتمر الوطني، وغيرها من الأسئلة؟ فإلى الحوار.

 

ما هو الفرق بين الإعلان السياسي الذي طرحه حزب المؤتمر الشعبي مؤخراً وبقية الإعلانات التي تم طرحها مؤخراً؟
الإعلانات التي ظهرت في الفترة الماضية بما فيها الوثيقة الدستورية نعتقد أنها قاصرة وعاجزة لم تؤدِّ إلى حل المشاكل والأزامات التي تعاني منها البلاد، لذلك طرحنا مبادرة شاملة تخاطب كل المشاكل التي تعاني منها البلاد، وهي أشمل ومطروحة للقوى السياسية للاطلاع عليها، وإذا كانت هناك نواقص يمكن أن تكمل من قبلها.

البعض يعتبر أن الإعلان الذي طرحه حزبكم الهدف منه التقرب إلى قوي الحرية والتغيير تعليقك؟
نرى أن حزب المؤتمر الشعبي بإمكانياته هو حزب كبير وراسخ، وموجود في (18) ولاية، بالتالي لا أظن أنه يستجدي قوى الحرية والتغيير، لكننا نطمح أن نتعاون مع كل القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار .

هل لديكم تحالفات مع بعض مكونات الحرية والتغيير؟
لا، نحن نسعى إلى توافق، هذه المرحلة لا تتطلب تحالفات، بل يجب أن تكون مرحلة توافق بين القوى السياسية، مرحلة التحالفات يمكن أن تأتي مع الانتخابات.

الحزب الشيوعي رفض الإعلان السياسي المقدم من حزب المؤتمر الشعبي؟
غير صحيح، نحن على اتصال مع أحزاب اليسار واليمين؛ لأن المرحلة تقتضي التشاور مع كل ألوان الطيف السياسي على الحد الأدنى من القضايا الوطنية، وفي السابق كنا على وفاق مع كل القوى السياسية في مرحلة إسقاط النظام السابق، وهذه المرحلة أحرج وأدق، وتتطلب توافقاً واتصالاً بالقوى السياسية الفاعلة في الساحة.

رغم أن حزب المؤتمر الشعبي رفض الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة الانتقالي في 25 أكتوبر الماضي، لكن لم ترضَ عنه قوى الحرية والتغيير؟
نحن لا نسعى لرضاء أو عدم رضاء، نحن فاعلون في المشهد السياسي، ونتعامل بكل أمانة وصدق، ما أتى به البرهان سميناه بما يستحق، وهو انقلاب، ترضى أم لا هذا شيء آخر، نحن لا نستجدي أحداً كما ذكرت سابقاً، لدينا مقدرات معروفة في الساحة السياسة، وإذا كان هناك شخص يرضى أو لا، فهذا ليس عملاً سياسياً.
كيف؟
لأن العمل السياسي أن تتحاور وتتوافق وتتجادل من أجل الوصول إلى اتفاق للخروج بالبلاد من ما تعيشه من أزمة رهيبة ومستفحلة لم تمر قبل ذلك على السودان، فيجب أن نترفع ونسمو فوق الأشياء، وننفذ إلى لب المشكلة والمعالجة، هذا هو المبتغى، وما دون ذلك لن نلتفت إليه.

البعض يعتبر أن حزب المؤتمر الشعبي الآن على هامش الحياة السياسية، لا هو مع النظام السابق، ولا مع الحرية والتغيير؟
بأمانة وصدق، نحن من أتينا بالنظام السابق كحركة إسلامية، لكن عندما انحرف عن الجادة والمبادئ والأصول المتفق عليها فاصلناه، وحينما أبدى حسن نية أن نأتي ونعمل سوياً، ذهبنا وجلسنا في الحوار، وأنجزنا مخرجات كانت هي المخرج للسودان، لكن النظام السابق نكص عنها وسقط، حتى في مرحلة السقوط قدمنا له ما يمكن أن يحل المشكلة، ويخرج البلاد من تلك الأزمة.
مثل ماذا؟
قلنا للرئيس السابق أن يخرج للشعب السوداني، ويقول إنه لن يترشح في انتخابات 2020م، لكنه رأى غير ذلك، أو الضغوط التي مُورست عليه من حزبه رأت غير ذلك حتى سقط.

هل تتحملون معه وزر تلك المرحلة؟
نعم، نتحملها بكل شجاعة وأمانة، والسياسة أصلاً هكذا صعود وهبوط، نحن مضينا في تلك الحقبة بمعطيات وقيم ومبادئ راسخة، ونحن الآن موجودون في الساحة بذات القيم والمبادئ، ولم نحِد عنها، لكن بيننا والآخرين حد أدنى للتوافق، وهو القضايا الوطنية المتفق عليها، أن نحفظ السودان من التمزق والانهيار والتشرذم.

لكن بعض القوى السياسية ترفض التوافق معكم لأنكم جزء من المعاناة التي تعيشها البلاد الآن؟
يمكن أن نتوافق مع كل القوى السياسية، دون شيطنة أو تجريم أو إقصاء؛ لأنها سبب الوضع الحالي، ومن الرشد السياسي يجب أن نتعامل بحكمة، ونذهب إلى المبتغى، ونخرج من الصندوق الضيق إلى جادة من الطريق.

 

البعض يصف حزبكم بالخائن، لأنه كان مع النظام السابق حتى سقوطه، والآن يطالب بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية؟
هذه ليست خيانة، هناك ظالم ومظلومون، فالنظام السابق ارتكب جرائم، ونحن معه قلنا ذلك، ولم ندارِ ولم نهادن، المتتبع لخطب الشيخ حسن الترابي طلب فيها من الرئيس السابق أن يذهب إلى الجنائية، ويدافع عن نفسه، إن كان بريئاً فليكن، وإن كانت عليه جناية يُحاسب، وهناك خصم وحكم وطرف في النزاع، والطرف صاحب النزاع هو الذي قدم القضية للمحكمة الجنائية، الذين أُحرقت قراهم وشردوا واغتصبوا وكذا، هؤلاء أصحاب قضية، لا المؤتمر الشعبي، ولا غيره يستطيع أن يقول كلمة في هذا، هم رأوا أن العدالة يجب أن تكون في لاهاي؛ لعدم ثقة في العدالة الداخلية، هذا حقهم، ونحن لسنا طرفاً في النزاع، لكن أن نقول الحق، فكل من ارتكب جريمة وأفسد، يجب أن يُحاكم حتى لو كان من المؤتمر الشعبي إذا ثبتت عليه جريمة، لماذا نسكت على الحق هذه ليست خيانة، هذا الحديث لم نبدل أو نغير فيه، إذا كنا مع النظام السابق أو ضده، أو في موقفنا الحالي، وطالما بيننا وبين العالم مواثيق وعهود يجب أن نحترمها، وإلا فلنعِش بمعزل عن العالم.

 

ما تزال بعض قيادات حزب المؤتمر الشعبي بالمعتقل رغم اعترافكم بالتغيير الذي حدث وأن النظام السابق ارتكب جرائم؟

قيادات الحزب معتقلة اعتقالاً سياسياً، ونحن نعلم جيداً من وراء ذلك.
من تقصد؟
الذين يديرون المشهد السياسي الآن، إذا توافقوا مع القوى الحاكمة الآن، أو لم يتوافقوا، حزب المؤتمر الوطني ما يزال مؤثراً من خلف ستار على المشهد الحالي، فهؤلاء هم إخوتنا الذين بغوا علينا، وما يزالون يمارسون نفس الظلم علينا، نحن الآن ما نعاني منه في الساحة السياسية جله من إخواننا الذين بغوا علينا.

إذا كانوا هم السبب وأنتم تعلمون ذلك ما هي الأدوات التي تتعاملون بها معهم؟
نتعامل بكل الوسائل المتاحة، الآن المحاكمة مستمرة، وقدمنا دفوعات بواسطة محامين مقتدرين من الحزب، على المستوى السياسي نخوض معركة سياسية، نكشف فيها كل ما يدور في هذه المحاكمة والاعتقالات.

سابقاً كان هناك حديث عن وحدة الإسلاميين، كيف تمضي الآن؟
هذه أشواق، نعم يجب أن تكون هناك وحدة للإسلاميين، ونحن نسعى لوحدة من كل أهل القبلة، وحدة لكل الوطنيين، لكن على أي أرضية ومبادئ نلتقي؟ يجب أن نلتقي على مبادئ الحق والخير ومصلحة البلاد، لكن أن نلتقي على نفس ما افترقنا حوله، هذا (مضيعة) للوقت ومن السذاجة.

وهل تشروط قبل جلوسهم؟
يجب أن يجلس الجميع، وتجري مراجعات للفترة السابقة، مراجعات حقيقية، وليس مسألة (شو سياسي) لابد من محاسبات، وتطهير النفس من كل الآثام السابقة، نحن أجرينا مراجعات، وخرجنا للشعب السوداني، وقلنا إننا أخطأنا في كذا وكذا، ومبادئنا كذا وانحرفنا في كذا، والآن ما نطرحه بين يدي الشعب السوداني.. نرجو أن نلتقي مع الجميع، ولكن على مبادئ وأصول، وأن نطهر أنفسنا من سيئات الماضي، ومن ما ارتكبناه في الماضي.. نحن الآن ذاهبون إلى انتخابات، وهي سوق عكاظ، كل يعرض بضاعته، وسنفعل ذلك، والشعب السوداني عليه أن يختار، وهو الحكم، ونحن راضون بحكمه، لكن على هُدىً وبصيرة، وعلى هَدي وأمن حتى تنعم الأجيال القادمة بما تستحق.

حزب المؤتمر الشعبي يظهر كأنما هو مظلوم أو من ضحايا حزب المؤتمر الوطني؟
ما رأيك أنت.

عفواً أنا أسألك؟
أنتِ كإعلامية موجودة في الساحة، يجب أن تقولي رأيك ما الذي جرى للمؤتمر الشعبي منذ 1999م وحتى الآن؟ قياداته سُجنت وشُردت وقُتلت، نحن قدمنا شهيداً هو أيقونة ثورة ديسمبر، وهو أحمد الخير، أنتم وقفتم على المحاكمات، وعلى البشاعة التي سُجن وقُتل بها، نحن قدمنا (13) شهيداً، نحن قدمنا شيخنا، وزعيمنا شهيداً، وسيأتي الوقت الذي نقول فيه من سممه، ومن قتله، ومن قادة إلى السجون، كل هذه أليست تضحيات؟ هذا ظلم لكننا تركنا كل هذا، وقلنا عفا الله عما سلف، وقلنا لهم اذهبوا وأنتم الطلقاء، من أجل السودان.. التاريخ سيحكم على حزب المؤتمر الشعبي، ونحن عندما نجلس مع الشرفاء والخُلص في الساحة السياسية هم يقولون إن الحزب قدم الكثير، نحن نشكر من يقول ذلك، ولا نلتفت إلى من يقول غيره، إذا كان بدافع الغيرة أو الحقد السياسي، أو التدافع السياسي، نحن بعد هذه التجربة الطويلة واعون بكل هذه التفاصيل.

تقصد أن شيخ الترابي توفي مقتولاً؟
سيأتي اليوم الذي نقول فيه كل شيء .
كيف تفسر أن قيادات حزب المؤتمر الشعبي كانت في القصر حتى الساعات الأخيرة من سقوط النظام السابق، لكن بعض أعضائه أو قواعده كانت تشارك في المظاهرات لإسقاط النظام ؟

لم تكن القيادات بالقصر، هما وزيران، و(3) مناديب في المجلس التشريعي، لكن دعك من الأشكال، ماذا قدم هؤلاء؟، راجعي مضابط البرلمان، ماذا كانوا يقولون؟، وراجعي ما قدمه وزراؤنا بمجلس الوزراء، كان أداؤهم متميزاً، ونحن إذا تمت دعوتنا لأي مشاركة ويمكن أن نسهم فيها لخير الشعب السوداني سنشارك بالحق، وبما يعود بالمنفعة له، وهو يحاسبنا هل سعينا لكسب شخصي؟ لدينا عضو بالبرلمان، بروفسور نوال خضر، عندما لم يُسمع صوتها كانت تخرج مع الشباب في المظاهرات وتم اعتقالها، ربنا بسألكم لا تحكمون علينا بالأشكال، بل بأعمالنا، نحن شاركنا النظام السابق لكن بالحق، وقلنا للرئيس السابق: “يكفي لا تذهب للترشيح للرئاسة لفترة أخرى”.. وعندما تم إعلان الطوارئ، حزب المؤتمر الشعبي هم الذين قالوا له، لن نقف معك في طوارئ، لكنه أعلنها.

قلت إنكم نصحتموه بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة، هل كان ذلك عبر مستند مكتوب؟
شفاهة وبمستند، لكن أدخله بالدرج، ولم يرد عليه، وهو يعلم ذلك، وكل حزب المؤتمر الوطني، وإذا استضفتِ أحداً قولي كلامي هذا، وأتحدى أي شخص من حزب المؤتمر الوطني نحاوره في هذه الأشياء.
قدمتم له النصح قبل سقوط نظامه بفترة طويلة؟
قبل أشهر، وكانت حوله بطانة سيئة، وكان يعطينا الإحساس بأنه متجاوب معنا، ورد علينا بأنه لن يترشح، لكن في خطاب القصر المشهور غير كلامه.
هل تفاجأتم بموقفه؟
نعم، وتفاجأنا بأنه أعطانا إحساساً بأنه قبل نصحنا، لكنه ذهب في طريق آخر، وهو الذي أورده المورد الذي هو فيه الآن.
قلت إنكم تفاجأتم بموقفه، لكن لم تتخذوا موقفاً، بل ظللتم معه حتى سقوط النظام، لماذا؟
ليس من الأخلاق أو الشهامة أن ترى سفينة تغرق وتقفز منها، إذا قفزنا فهذه خيانة، لكن شباب الحزب كانوا في المظاهرات، وقدمنا الشهداء، بيننا وبين الشعب السوداني المواثيق والتاريخ، نتحدى أي حزب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار إن كان قدم شهداء ودماء لهذه الثورة مثل المؤتمر الشعبي.
وصول الثوار إلى القصر الجمهوري في تظاهرات 19 ديسمبر الجاري؟
نحن لا نتاجر ولا نشتري مواقف، قلنا إن إجراءات عبد الفتاح البرهان التي اتخذها في 25 أكتوبر الماضي، إن من حق أي شخص أن يعبر عن رأيه، وهؤلاء الثوار لهم الحق في التظاهر السلمي، وإبداء رأيهم، ويجب أن لا يتعرضون لعنف أو اعتقالات، ونكرر أن الشباب خلقوا واقعاً جديداً، ويجب أن يحترم، وأن يتم التعامل معه برشد، وليس بالصورة التي عوملوا بها، وقبل فترة قلنا للبرهان: “اذهب أنت أو أرسل إلى الشباب في مناطقهم، واجلس معهم وحاورهم ودعهم يختاروا ممثليهم من كل حي، ويتم تصعيدهم وصولاً للبرلمان الذي ننشده، وهذا ليس أمراً صعباً، قبل أن يحدث اختراق أو تسرق جهودهم ودماؤهم، هذا هو السبيل أو الطوفان”.
وبماذا رد عليكم البرهان؟
هم يستمعون وكأننا نخاطب في عالم ثانٍ، ونخرج من عندهم، لكن لا يأخذون بما ننصحهم به، ونحن نخرج للإعلام، ونقول هذا الكلام عبر (السوداني) ولنرَ ماذا تكون إجابتهم، واذهبي إليه، وقولي إن المؤتمر الشعبي اقترح هذا الأمر، ما رأيكم فيه؟.
هل توجد لقاءات مستمرة بينكم والبرهان؟
الآن لا، كانت في وقت سابق قبل 25 أكتوبر الماضي ووصلت له رسالتنا بعد ذلك، والآن رؤيتنا هذه متاحة في الإعلام والوسائط، إذا أراد أن يقرأ ويرد عليها فنحن جاهزون.
كيف تنظر إلى حال البلاد الآن ؟
حالها لا يسر، الواقع مخيف إذا لم يكن هناك رشد ووعي سياسي من كل الأطراف، نحن الآن مقبلون على مرحلة خطرة، الشباب خلقوا واقعاً جديداً، وأصبح الموت والحياة لديهم سيان، سيدفعون دماءهم، لكن هذه المرحلة لن تستمر، وأي سياسي عليه أن يقرأ ثم ماذا بعد ذلك، هذا انهيار للدولة اقتصادي سياسي واجتماعي، ويوجد تنافس خارجي على السودان، وموارد البلاد تُبدد وتسرق، لدينا شباب لا مثال له، شباب خُلص خلقوا واقعاً جديداً.

حوار: وجدان طلحة

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى