حيدر المكاشفي يكتب: كلام الوزير يمحوه المستشار

كان وزير المالية جبريل ابراهيم، أنذر الشعب السوداني في حديث له قبل أيام قليلة، بعام كالح مثل ذاك الذي أنذر به فرعون قومه حين رأى في المنام سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، والله أعلم اذا كان من بعد عام جبريل هذا سيأتي من بعده عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون.فالسيد جبريل حين أفاق من نشوة الانقلاب الكذوبة واكتشف ما أكله الانقلاب وما تسبب فيه من أضرار بالغة. قال حول موازنة العام الجديد والتي لا تزال في رحم الغيب، والله أعلم ان كانت هناك بالفعل موازنة حقيقية، أم هي مجرد أرقام مرصوصة وأهداف منصوصة..حول هذا (الشئ) الذي لا يدرك كنهه أحد وظل (حمدو في بطن الوزارة)، قال جبريل إن السودان تخلى عن أهدافه للنمو الاقتصادي للعام المقبل ويستعد لفترة متواصلة من محدودية الدعم الخارجي. وأضاف جبريل )نحن نبني سيناريو أسوأ الاحتمالات ونخطط للاعتماد على مواردنا الداخلية.. لن نحقق النمو الذي كنا نخطط له، وتابع إن الولايات المتحدة قطعت 700 مليون دولار من المساعدات الطارئة، بينما لم تصل أبدا 500 مليون دولار من الدعم المباشر للميزانية الذي كان متوقعا في أواخر نوفمبر من وكالات التنمية. وزاد ليست لدينا ضمانات حتى هذه اللحظة بأنهم سيدعمون المرحلة الانتقالية في السودان، مشيرا إلى أنهم يحاولون التحدث معهم. موضحاً إننا نتطلع إلى الأمام ومتفائلون للغاية بالحصول على بعض الدعم من الخليج، واستدرك لكن بالطبع خليج اليوم ليس خليج أوائل عام 2010 أو أوائل 1990، ولا يمكن أن يكونوا كرماء كما كانوا في السابق، وأشار إلى أن من بين تخفيضات الميزانية التي تدرسها الحكومة خفض دعم القمح والكهرباء. وذلك يؤدي إلى تجدد عدم الاستقرار.. (انتهى كلام جبريل الراعد والمتوعد بعام رمادة يزيد الوضع رمادا)..ولكن لم يكد يمضي على حديث جبريل الوزير سوى يومين، اذا بمستشاره الخاص والناطق الرسمي باسم الوزارة د.أحمد الشريف، يخرج على الناس مستخدما استيكة ماسحة فيمحو حديث الوزير بآخر مناقض له تماما، اذ قال هذا المستشار عن الموازنة المزمعة ولك أن تقول عنها المزعومة، إن الموازنة الجديدة تعتمد على الموارد الذاتية، وتحمل بشريات للعاملين بالدولة، وتركز على معاش الناس، وتوفير الخدمات والسلع الأساسية للمواطنين، وتقوية مظلة الحماية الاجتماعية، ودعم الصحة والتعليم والمياه. واضاف إن الموازنة ستشهد ترشيد الإنفاق الحكومي، واستنباط موارد حقيقية لا تشكل أعباء إضافية على المواطنين، وتعزز الاستدامة المالية ومبادئ الشفافية والإفصاح المالي، الى جانب تمكين المواطنين والمحللين الاقتصاديين من الاطلاع على الحقائق والبرامج المرصودة للعام المقبل بشفافية..
مع هذا التناقض البين بين الوزير ومستشاره انسحقت الحقيقة وضاعت الشفافية، واحتار الناس في من يكون منهم الصادق ومن الكاذب، ولكن قبل ذلك يفرض سؤال مهم نفسه، كيف يتناقض حديث الوزير مع مستشاره حول الموازنة، الوزير يتوعد وينذر ويعقبه مستشاره مبشرا ومستبشرا، فمثل هذا التناقض يكشف في أخف الفروض عن فجوة معلوماتية وعدم مؤسسية كبيرة داخل الوزارة، ويدل في أسوئها ان العمل داخل هذه الوزارة يجري على نسق الخربطة والتخليط والتلتيق..

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version