منوعات وفنون

فاطمة الحاج.. صاحبة الفن الأصيل وريحانة الزمن الجميل

ولدت في عام 1945م بقرية سفيطة تيراب شرق مدينة رفاعة، وتعتبر رائدة من رائدات الغناء السوداني، وإحدى مطربات الزمن الجميل اللائي أحدثن نقلة نوعية في تاريخ الأغنية السودانية، جاءت فاطمة الحاج بملامحها الريفية الجميلة ووجهها المشلخ بصورة زادتها ألقاً وجمالاً، وصلت العاصمة القومية في عام 1946م، بعد أن جاءت في زيارة مع طلبة مدرسة (بابكر بدري الأولية للبنات)، بعد أن أحرزت تلك المدرسة المرتبة الأولى على نطاق السودان، وكانت تقدم الأناشيد المدرسية بصورة جميلة ورائعة، فلفتت نظر الشاعر الكبير عمر البنا، فذهب إلى أهلها وقابل ناظر الشكرية، وأخبرهم بموهبة ابنتهم الفذة، وعرض عليهم مساعدتها وتقديم يد العون إليها لتتطور بصورة أكبر، وكان زعيم الشكرية رجلاً متفهماً ومثقفاً وواعياً برسالة الفن فوافق.

(2)
جاءت فاطمة الخرطوم تسبقها موهبة فذة وإبداع لا مثيل له، فكانت عبقريتها اللحنية وإمكانياتها الصوتية بمثابة جواز مرور لها لملاقاة عمالقة وأساتذة كبار في مجال الفن والشعر والتلحين أمثال أحمد مرجان، وأحمد زاهر من الملحنين، وعلاء الدين حمزة من الموسيقيين، والشاعر بشير محسن الذي شكل ثنائية رائعة مع الفلاتية موخراً، ورائد المدرسة الوترية الحديثة الفنان عبد الحميد يوسف الذي تعامل معها في أغنية (لاقيتو باسم)، كما شكلت فاطمة ثنائية رائعة مع الشاعرعوض جبريل، الذي كان مغنياً في ذلك الوقت، وصادفته في إحدى حفلاته، وغنت معه، فأعجب بصوتها وتبناها وقدم لها معظم أغانيها في تعامل وصل إلى ما يزيد عن العشرين أغنية يضيق المجال عن ذكرها، ولكن منها (لي حبيب شاغل بالي) و(أستحق صدك)، وقال بحسب صحيفة السوداني، إن فاطمة وضعته بصوتها الطروب مع عمالقة الشعراء، من أغانيها الخالدة على سبيل المثال لا الحصر ((حبيب الروح سيب الجفا – لي حبيب شاغل بالي – لاقيتو باسم – نسيم الصباح – ورد الغرام – …الخ ويذكر أن فاطمة الحاج قامت بتسجيل حوالى (29) عملاً موثقة حتى الآن، بينما تناثرت واندثرت بعض الأغاني؛ بسبب رداءة التخزين، وتلف بعض الأسطوانات؛ بسبب رحيل الإذاعة السودانية من بيت الأمانة إلى مقرها الحالي وصعوبة حصركل المقتنيات الخاصة بها.

(3)
وكانت ممارسة فاطمة للفن هواية فقط، فقد كانت تعمل ممرضة بمستشفى الخرطوم، وتمارس الفن في أوقات فراغها، ولكن سبب بزوغ نجمها بصورة أسرع من رفيقاتها اللائي سبقنها في المجال، هو حظها الجيد؛ لأنها وجدت العمالقة عبد الحميد يوسف، وعلاء الدين حمزة وأحمد زاهر، وأحمد مرجان، وبشير محسن، فأخذوا بيدها مباشرة إلى الإذاعة عكس الفلاتية، وفاطمة خميس، ومهلة العبادية، اللائي بدأن الغناء من بيوت الأعراس والحفلات الخاصة، كما غنت فاطمة أغنية الشفيع (حبيتو ما حباني) فأعجب بصوتها أيما إعجاب، وعبر عن إعجابه بصوتها بإهدائها الأغنية.

 

(4)
كانت فاطمة صاحبة نكتة وسريعة البديهة، ذهبت يوماً إلى مدير الإذاعة فقالت له (اليومين ديل ما بتبثوا أغنياتي مالكم؟) فقال: “لها بثيناها الساعة عشرة”… فقالت له (حرام عليك تجيب أغنياتي زمن الرجال في الشّغل والنسوان في التّكل)، في بداية الستينيات وضعت فاطمة ذهبها وأساورها للفنانين، واقترحت عليهم أن يبيعوها ويبنوا داراً تجمعهم، ولكن المنية كانت أسرع منها فقد مرضت مرضاً شديداً، وتوفيت إلى رحمة مولاها في عام 1964م حينها قام وزير الثقافة في أيام حكومة عبود، الجنرال محمد طلعت فريد، بإيصال جثمانها الطاهر بالإسعاف إلى مسقط رأسها بقرية سفيطة تيراب، بعد أن استصحب معهم بصاً كاملاً به كوكبة من نجوم الفن والغناء السوداني بجانب أوركسترا الإذاعة والتلفزيون،، نحتت فاطمة الحاج اسمها بأحرف من نور في سجلات رائدات الفن السوداني، بعد أن رفدت مكتبة الأغنية بالإذاعة السودانية بمزيد من الدرر والروائع التي لا تزال تردد إلى يومنا هذا.. ألا رحم الله فاطمة الحاج وأسكنها أعالي الجنان.

الخرطوم: (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى