ناهد قرناص

ناهد قرناص تكتب: كدا اوووفر

اتى على النساء في هذه البلاد حين من الدهر لم يكن فيه التصريح باسم المحبوب ممكنا ..بل كان ضربا من المستحيل ..ولم يسجل التاريخ حادثة لفتاة صرحت باسم من تريد ..ذلك ان من تفعل فعلة كهذه فمصيرها هو الموت ..او النفي في الارض او على افضل الفروض ..(تتزوجي الفضل ود اخوي ..ولا كلمة زيادة) ..
كان المجتمع يفرض قوانينه غير المكتوبة والحياء يلجم ألسنة الشاعرات لذلك تجدهن يعرضن بمواصفات فارس الاحلام ..او الإدلاء بمعلومة صغيرة عن بيته او مكان عمله .. فنفهم من قرائن الاحوال وتصلنا المعلمومة خفيفة ولطيفة كصاحبتها ..اسمع معي ما قالته تلك الشاعرة
الغالي تمر السوق
كان قسموا ما بحوق
زولا سنونو بروق
في محكمة زروق
اتت باسم مشهور ..لن يضيره غناء البنات ولن يزيده ترديد اسمه الا شهرة ..من منا لم يسمع بالمحامي الشهير مبارك زروق ؟ .. الرجل المقصود قيل انه كان كاتبا المحكمة ..فاطلقت المكان وارادت الذي يعمل به ..وكانت هذه قمة البلاغة الشعرية ..
حتى تلك التي اتت باسم المذيع الشهير (ضو البيت) ..كانت تستخدم اسمه لجذب الانتباه ..فالمراد ليس المذيع المشهور انما ذلك الضابط المذكور ..
المذيع يا ضو البيت
انا منو ما استغنيت
لا تنشر الاخبار
الرائد قام لجبيت
كان غناء البنات في ذلك الزمن جميلا ..لطيفا ..راقيا رغم بساطته ..يحكي احلامهن خلف الابواب المغلقة والجدران العالية ..كانت الاحلام كلها تدور حول الفارس الذي سيأتي ذات يوم ..وينقلها الى عالم آخر ..زينته في عقلها بالورود والازاهير ..اذ لم يكن عندها مخرجا غيره ..فالفتاة يتم منعها من الخروج ما ان تظهر عليها علامات الانوثة ..لذلك تجدهن يستعطفن ويستنجدن لكي تسنح لهن الفرصة للخروج حتى ولو كان لزيارة البئر واحضار الماء
يا راقصين التويا
كلموا لي ابويا
عشان ازور الدونكي
اجيب لي حبة موية
كانت الكلمات تمس القلب مباشرة من صدقها وعفويتها ..فما الذي حدث لعالم غناء البنات ؟
اذكر انني تساءلت مرة عن داء الركاكة الذي اصاب غناء النساء ..فقال لي صديق (مما بقى يغنوهو الرجال ..) ..اذكر انني ضحكت من اجابته ..لكني الان اجد فيها شئ من المنطق ..انها مؤامرة احاطت بعالمنا الصغير يا بنات …فجأة انفتحت (مواسير) بنات يدعين انهن ينظمن الشعر ..وجدن طريقا الى الاعلام ..وهاك يا قصائد ركيكة المحتوى ..والكلمات ..اذكر انني قرأت قصيدة منشورة في صحيفة ورقية بعنوان (تبا لك ايها المغرور) ..شئ من هذا القبيل ..كنت في حينها اود مراسلتها لكي اقول لها ان هذا الذي قرأته يمكنه ان يكون اي شئ ..الا شعرا ..لكن مشاغل الدنيا اخذتني فيما اخذت ..كذلك قلت في نفسي انني غير مختصة بهذا الضرب من الفنون …فليرد عليها اهل الشعر ..تحت شعار (كل اسد في غابتو كرار).
وصلنا مرحلة غريبة من تعود الاستماع للغناء الركيك ..في المواصلات بدلا عن اشرطة عثمان حسين ..ومحمود عبد العزيز …تجد نفسك مضطرا للاستماع لاغنية مطلعها (اتعلمت اشلب واقلع ) ..تمشي على اقدامك تمر بجانبك ركشة ..تدخل اذنيك غصبا عنك ..(هييي دي مالا ) ..كلو عرفناهو … لكن ان يصل بنا الامر لتحمل التلوث السمعي الموجود في تلك القصيدة التي تتغنى فيها احداهن بمحبة حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة ..وتتحداه بي (ريدها)..يبقى كدا على الدنيا السلام
يشهد الله يا بتي اتحديتينا نحن كلنا .. كل مكان ذهبت اليه بالأمس كانت فيه قصيدتك الغريبة ..مش كان افضل تقصدي مكتبه في مجلس السيادة مباشرة ..وتلقي على اذانه القصيدة ..ربما كان قد منحك مكافأة ..وكفى الله المؤمنين القتال !!
كدا اوووفر يا جماعة ..ارحمونا من هذه الركاكة ..يكفينا في هذا العصر ..من الغلاء والزحمة ..وانقلابات الثلاثاء …كفاية يا جماعة ..لا تنشروا مثل هذه الاشياء ..نحن اصحاب امراض مزمنة ..بالله عليك ..ان صادفت اشياء مثل المذكور أعلاه..دعها تقف عندك ..وساهم في انقاذ الذوق العام ..ولا أراكم الله مكروها في عزيز لديكم

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى