ناهد قرناص

ناهد قرناص تكتب: جاياك يا أب شرا (2)

قيل أن هناك قانونا في الولايات المتحدة الامريكية يسمح بفتح ملفات المخابرات الامريكية بعد مضي أكثر من عشرين عاماً (لا أدري مدى صحة هذه المعلومة)، لكني ساركن اليها في مقالي هذا ..واعترف بما فعلته بعد مرور سنوات ..وسنوات ..ها أنا أفتح ملف عفا عليه الزمن وأكل عليه الدهر وشرب:
(عليك الله جيبي لي معاك عرق المحبة من نيالا).. هكذا قالت لي تلك الفتاة التي كانت تسكن مع صديقة قديمة وكنت قد ذهبت لزيارتها في الداخلية التي تتبع لجامعتها ..ضحكت من حديثها وقلت لها (القاهو وين يا زولة في نيالا ..انا ماشة مع الجامعة للتدريب ..ما عندنا وقت لي عروق وحركات) ..ضحكت وقالت لي صديقتي (ما تسمعي كلامها ..دي بتضحك ساي )..لكن الفتاة أصرت وألحت ..قالت ان لها قريبها لا يحس بوجودها ..وهي لا تعرف كيف تلفت نظره ..حدجتها صديقتي بنظرة ..من ذلك النوع الذي يعني (مافي داعي ..معانا ضيوف) لكنها تجاهلتها ..واستمرت في إلحاح ..حتى فارقتها دون ان أقطع وعدا ..فلم أكن على يقين من السفر دعك من موضوع العروق .. تلك التي لا أعرف عنها شيئا ..ولا أدري من أين يمكن جلبها.
لكن الرحلة قامت في موعدها ..ونيالا كانت من أجمل المدن التي زرتها في حياتي ..المهم ان التدريب أخذنا في دوامته ..ونسيت ما كان من أمر تلك الفتاة وعرق المحبة (تبعها) ..حتى أتى يوم ..ذهبنا فيه لزيارة غابة من الدوم ..اشجار عالية شامخة …ترمي بظلها بعيدا ..تفرقنا بين الأشجار ..التي اعتلتها مجموعات من القردة ..التي أعلنت عن غضبها من زيارتنا وطفقت ترمينا بالدوم الذي تسارعنا لجمعه ..ولم نترك انا وصديقتي (نبيهة) دومة لم نغرز اسناننا فيها ..الشهادة لله كان طعمه حلوا وشهياً ..وخرجنا ونحن قد ملأنا حقائبنا من الدوم اللذيذ ..الا ان احد الغفراء (الله يسامحه) صاح فينا (ما تكونوا اكلتوا من الدوم البترميهو القرود ..القرود دي عندها نزلة)..تحذير بعد فوات الأوان .. رمتنا القرود بدائها وانسلت ..فقد رقدنا انا ونبيهة بالحمى والتهاب الحلق والكحة ..والصداع القوي ..(كان ما أخاف الكضب ..) كانت كورونا مسافرة عبر الزمن ..المهم اننا كنا موضع تعاطف كل بنات الداخلية ..وتكومت بالقرب من أسرتنا كل أنواع الاعشاب التي تساعد على الشفاء من الحمى وفتح مجارى التنفس ..أشياء نعرفها وأشياء لا نعرفها ..الشهادة لله فقد انقذتنا من ذلك الوهن وحالة الطشاش وعدم التركيز ..حتى تماثلنا للشفاء ..بعدها جمعت ماتبقى من الاعشاب وأخذتها معي في حقيبة يدي وقفلت عائدة الى الخرطوم ..
التقيت صديقتي بعد العودة ..مازحتني بالا أكون قد نسيت طلب زميلتها ..هممت بالاعتذار لها وكنت أحمل ذات الحقيبة على كتفي ..لكنني فجأة تذكرت بقية الاعشاب التي تقبع داخل الحقيبة ..قلت لنفسي (وجدتها).. أعطيتها لها بكل ثقة وقلت لها بالحرف الواحد (قولي ليها تغلي الحاجات دي وتشرب منها كل يوم كباية لمدة تلاتة يوم ..تصفي النية وتطلب من ربنا ينولها الفي مرادها)..
روح يا زمان وتعال يا زمان ..تفرقت بنا السبل بعد التخرج ..وأخذتنا الحياة في مسالكها المتشعبة ….وكنت كلما التقيت صديقتي أتحاشى سؤالها عن رفيقتها ..لكنني تشجعت ذات مرة وسألتها ..ضحكت وقالت لي انها منذ تخرجها وسفرها الى بلدتها لم تسمع عنها ..لكن الخبر أتاني يجر اذياله …اذ أنني ذات مرة كنت في صالة المغادرة ..أهم بالسفر للخارج ..اذا بامرأة تقترب مني وتسلم علي بحرارة ..سألتني (ما عرفتيني ؟ ) ..هززت رأسي بلا ..ضحكت وقالت لي (طيب لو قلت ليك عرق المحبة؟)..يا دي الكسوف ! أطرقت في الارض ..كيف أفسر لها خدعتي.. ضاعت الكلمات ..تلعثمت وأنا الملم أطراف الحديث .. ..لكنها استطردت قائلة (والله ما قصرتي ..اول ما رجعت البلد ..نفذت الكلام بالملي ..صحي الموضوع ..أخد معاي زمن ..لكن الحمد لله أنا هسه متزوجة الزول ذاتو وعندي منو بت وولد) ..كيف حدث ذلك ؟ لا أدري ..لكن اعتقد ان تلك الفتاة قد سبقت عصرها واستخدمت قوى الجذب والايحاء ..والحاجات التي تحكي عنها الأسافير هذه الأيام.. ولم تنس نفسها من صالح الدعاء ..فاجتمعت كل العوامل واتت أكلها واستجاب ربها ونالت ما كانت تطلبه..
لكن الجزء المؤلم من الحكاية هو انه راحت علي ..لو علمت حينها .. كنت عملت فيها شيخة وكسبت من وراء ذلك الأمر ثروة ضخمة ..لكن القصة جاءت متأخرة ..بعد أن أخذتنا الوظيفة في دروبها ..وضاع في الأوهام عمرنا ..المهم أنا الآن أريد معرفة تلك الاعشاب ..الدنيا ما معروفة ..يمكن نعمل تحويل مهنة وكدا.
أها كيف أصبحتوا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة ؟؟

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى