عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: حمدوك، والدرب الطويل

(1 )
(رغم أن البعض يظن بأنني قد أكثرتُ من الحديث عن الشراكة بين المدنيين والعسكريين، إلا أن ترديدي لهذا الحديث يظل الغرض منه دائماً التأكيد على أن هذه التجربة الفريدة لا تنبع إلا من الشعب السوداني، الذي له إرث في ثورات التغيير وتجارب الانتقال) هذا النص مأخوذ من خطاب الدكتور عبد الله حمدوك الذي ألقاه أمام قوات الدعم السريع، وهو يزور رئاستها الأسبوع المنصرم، ضمن سلسلة الزيارات التي يقوم بها لمعاقل القوات النظامية من جيش وبوليس وأمن، وفي فقرة من الخطاب ذاته، يقول: (إن الفصل بين العسكريين والمدنيين لا يعدو إلا أن يكون فصلاً وظيفياً ومهنياً، بحيث يجب ألا يبدو كأنه تمييز أو تمايز في الحقوق والواجبات لأهل الوطن الواحد الموحد) لقد كان مجمل الخطاب يقوم على أنه لا يمكن تحقيق استقرار، إلا بتلاحم القوى المدنية والعسكرية، فالديمرقراطية الراسخة تحتاج لقوة عسكرية تحميها.
(2 )
نعم كما ذكر بنفسه أعلاه، لقد أكثر حمدوك الحديث عن الشراكة العسكرية المدنية التي ثبتتها الوثيقة الدستورية، وقد كان يصفها بالمتفردة والناجحة، ولكن شذَّ عن ذلك مرة واحدة، عندما قال مبادرته الشهيرة، (قضايا الانتقال…) في يونيو المنصرم، إن هناك خلافات عسكرية \عسكرية ومدنية\مدنية وعسكرية\مدنية، ولكن ها هو الآن يعود في زيارته الأخيرة للدعم السريع إلى سيرة حديثة الأولاني بأن شراكة متفردة وضرورية، بالطبع الشراكة مهما كانت متانتها لن تمضي على وتيرة واحدة، ولابد من أن يعتريها هبوط وصعود، ولكن الآن ومن خلال خطابه المشار اليه هنا، هو أن هذه العلاقة في حالة من حالاتها الجيدة، ولكن الأهم هو إصرار حمدوك عليها وإيمانه بضرورتها.
(3 )
ومع كل الذي تقدم لا يمكن القول إن ما يعتقده حمدوك ويمارسه ينطبق على الجبهة السياسية، ولا حتى الحاضنة التي يفترض أن تكون الداعمة لحمدوك، فهناك شيطنة من بعض الجهات المدنية للقوات المسلحة، وهناك من يرى ملكيتها لبعض المؤسسات الاقتصادية خصماً على مال الدولة العام، وبالمقابل هناك من الجانب العسكري في حالة كراهية للجانب المدني، فكيف لحمدوك أن يخرج من حالة الاشتباك هذه ليصل مرحلة الشراكة المثالية، التي يدعو إليها بعبارة ثانية، كيف له أن يحمل الطرفين على شيء من التنازلات لتنتهي عمليات الشيطنة والكراهية المتبادلة، وبما أن حمدوك هو المسؤول الحكومي الأول، فإن هذا التنافر يقع على رأسه، وأن التلاحم إذا حدث سيكون برداً وسلاماً عليه.
(4 )
كان من المؤمل أن تكون الآلية التي شكلها حمدوك لمبادرته، التي يفترض أن تكون الآن في حالة عمل (ليل نهار) معنية بهذا الأمر، لأنه وارد في صلب المبادرة، وينتظر منها أن تخرج على الناس ببرنامج يحوِّل رؤى حمدوك أعلاه إلى خطة عمل واضحة، وسنظل في انتظار عمل هذه الآلية لكن لابد من التنبيه بأن هذه الآلية (فكَّت الدرب) ذات مرة، ففي الوثيقة التي وقعتها بعض قوى الحرية والتغيير ذات أربعاء بقاعة الصداقة، التي قادتها قيادة ذات آلية المبادرة، وبحضور حمدوك نفسه، خروج على النص لآن ما تم هو صميم عمل الآلية، فكان يجب الانتظار لما تخرج به الآلية حول توحيد وتمتين الجبهة الداخلية، كما أن بعض أعضاء الآلية ما زالوا يفضلون النهج السياسي التعبوي على العمل الموضوعي الهادي الرصين، فالشغلانة محتاجة إلى إعادة خطوات التنظيم.

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى