أحمد يوسف التاي

أحمد يوسف التاي يكتب: فضلاً تحركوا قبل الحريق

(1)
لشرق السودان قضية، ولا خلاف على ذلك.. وهي قضية ذات طبيعة تتعلق باختلال التنمية… الدولة اعترفت بهذه القضية ولا بد أن تُتبِع هذا الاعتراف بتحرك جاد يقطع الطريق أمام الأجندة الخبيثة التي دُسّت في القضية.. أما التصعيد الذي يحدث الآن باسم القضية وتحت عناوينها المختلفة فهو عمل سياسي كبير وخطير ومدمر، وبهذا تصبح المعادلة وجود قضية عادلة التبست بها الأجندات السياسية الشريرة كالتباس الحق بالباطل، فأما الحق فهو قضية الشرق العادلة المتعلقة بالتنمية والمطالب المشروعة وهذا ما يهم المواطن هناك، وأما الباطل فهو الأجندات السياسية والتحركات المشبوهة لفلول النظام المخلوع الذي يريد أن يضرم النيران في ذلك الهشيم، ومحاولات الإقصاء للآخر والتي بدت من كل الأطراف المتصارعة خاصة مجموعات جوبا… وعلى أهل الشرق العقلاء ألا ينساقوا وراء أصحاب الأجندات الذين يشعلون النيران الآن تحت لافتة انتزاع الحقوق، ولا يجرون خلف الذين يدعون النضال ويزعمون أنهم أهل الثورة… فهؤلاء وأولئك متصارعون خلف المواقع ولا يهمهم حتى لو تحول الشرق إلى محرقة وساحة للصراع الدولي وفضاء ملبد بدخان الحرائق… وعلى الحكومة ألا تحابي هؤلاء ولا تخشى أولئك ولترى أين مصلحة مواطن الشرق…
(2)
الطريقة التي يتعامل بها ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك مع مؤسسات الدولة القائمة فيها كثير من الاستفزاز والاستخفاف على نحو يجعله قوة موازية للدولة بما يصدر منه من تهديد وتحد… التهديد المستمر بتقرير المصير والانفصال والإملاء على الحكومة وفرض الرغبات والأماني والتهديد بإغلاق الشرق والطرق والموانئ فيه تحد للدولة وتهديد مباشر للمصالح العليا للبلاد…. مصالح البلاد العليا وأمنها القومي يقتضيان أن تكون هناك هيبة للدولة مهما اختلف الرأي حول من يمثل الدولة فأي مساس بسيادة الدولة وهيبتها هو تهديد أمني يمس كل البلاد… كل الشعب السوداني يعاني الآن وكل أطراف البلاد تعاني من نقص الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمياه والكهرباء والبطالة، فهل من المعقول أن تنهض كل أقاليم البلاد في وجه الحكومة وتقطع الطرق وتغلق المداخل وتعطل المصالح، فهل هذه الطريقة المثلى لحل المشكلات، وإذا أجزنا ذلك وباركناه للشرق فحق علينا أيضاً أن نباركه لأهل دارفور وكردفان وشرق الجزيرة وسنار والنيل الأزرق والنيل الأبيض وكسلا والشمالية ونهر النيل بل حتى ولاية الخرطوم التي تريفت الآن واصبحت تعاني من كل شيء على نحو أسوأ من الولايات الأخرى.
(3)
الحقيقة التي يجب أن يراها الناس هي أن قضية الشرق كان يمكن أن تكون قضية عادية يمكن حلها في عشية أو ضحاها لكن الأجندة السياسية التي اُقحمت ووضعت تحت لافتة القضية هي ما زادها تعقيداً ويمكن أن تجعلها خطراً يدمر كل السودان ويجعل منه دويلات متنازعة وحروبات، ولهذا لا بد للحكومة أن تفطن لذلك وتقطع الطريق أمام الأجندات الخبيثة والصراع السياسي بين منسوبي النظام المخلوع وقوى الثورة حتى لا يطول الأمد وندخل في متاهات أخرى …
(4)
في رأيي المتواضع أن الأمر يتطلب تحركاً عقلانياً حكيماً من رئيس الوزراء بالتشاور مع الشخصيات القومية لا الحزبية، تحرُك يبطل مفعول السموم التي يتم بها الآن حقْن الشرق، كما يقتضي التحرك العقلاني نفسه التحكم في شفرة الحرب الأهلية التي جلبوا لها الخيل وأعدوا لها الرباط وأوقدوا لها النيران ليكون غبار المعركة هو ما يسمح بتمرير الأهداف الظاهرة والمستترة… في تقديري يجب أن يتم تجميد اتفاق مسار الشرق إلى حين الوصول فيه إلى حل يرضي جميع الأطراف، إذا كان الهدف هو قضية العادلة وإلا فإن المكر والأجندة السياسية ستكون مكشوفةً للعيان ويسهل ضربها وإفشالها……اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

 

 

 

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى