الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: إزالة مفاهيم ..!!

:: فبراير ٢٠٠٨، عندما كشفت الصحف بعض أوكار الفساد، أطلق الفريق صلاح قوش تصريحاً اتهم فيه بعض الصحفيين بتلقي أموال من جهات دولية، ثم لاذ بالصمت، أي لم يفصح عن أسمائهم ولم يقدمهم للمحاكم .. وكذلك في نوفمبر العام 2018، بالتزامن مع كشف بعض ملفات الفساد، وقّع صلاح قوش ما أسماه بالميثاق مع اتحاد الصحفيين، ثم اتهم بعض الصحفيين بالعمالة وتلقي أموال من جهات أجنبية ..!!
:: وما أشبه الليلة بالبارحة، فنقرأ ما يلي : ( من حقّ الصحافي أن يُحاكم السلطان ويسأله من أين لك هذا؟؛ ولكن قبل ذلك أتمنى أن يكشف أصحاب تلك الأقلام عن ثرواتهم وأملاكهم وعقاراتهم، وكيف حصلوا عليها من مرتبات الصحافة الضئيلة، فهذا مطلوب حتى يكون لكلامهم قيمة ومصداقية)، محمد الفكي، عضو المجلس السيادي والرئيس المناوب للجنة إزالة التمكين، بوم السبت الفائت..!!
:: لا جديد .. أي لم تتخلص البلاد من ظاهرة استغلال من نلقبهم بالمسؤولين المنابر والنفوذ لترهيب الصحفيين و إبتزازهم حين يُحاصرون بالحقائق والوقائع .. نعم، ترهيب الصحفيين بالكشف عن عمالتهم، وكذلك ابتزازهم بالكشف عن مصادر أموالهم ( ظاهرة قديمة)، وكان الظن أنها سقطت وتلاشت بعد ثورة الوعي والحرية والعدالة، ولكن يبدو أنها لم تسقط بعد، بل تجددت، بحيث يحل الفكي محل قوش ..!!
:: أما إذا دار النقاش حول تصريح الفكي، فهنا يجب إزالة بعض المفاهيم الخاطئة، ومنها ليس من حق الصحفي أن يسأل السُلطان و المواطن ( من أين لك هذا؟)، أو كما يظن سيادته.. هذا السؤال ليس من سلطات الصحافة، بل من سُلطات الجهات العدلية، و التي منها نيابة الثراء الحرام و المحاكم.. فالصحافة مسؤولة عن مراقبة (الأداء العام) و (المال العام)، وغير مسؤولة عن مراقبة الخصوصيات، ولا السؤال عن المال الخاص .. !!
:: ثم في حال اشتباه المسؤول في أموال أحد من الشعب – صحفياً كان أو غيره – فالأمانة تقتضي إحالة حالة الإشتباه إلى السلطات العدلية، لتتحرى ثم تحكم بالعدل، أي إن كان ثراءً بالباطل تسترده الدولة، وإن كان ثراءً بحقٍّ تبرئه و تعتذر له وتعوضه .. وليس من المسؤولية تحويل المنابر إلى (سُلطات عدلية)، بحيث يحكم منها الفكي على الصحفيين بالثراء الحرام.. وليس في الأمر عجب، فقديماً كان قوش يفعل ذلك ..!!
:: ولكن المؤسف أن قوش لم يكن صحفياً قبل أن يعتلي سُلطة الأمن، ولا يعرف دور الصحافة، ونجد له عذر الجهل حين يضطهد الصحافة، بيد أن الفكي كان صحفياً قبل أن يعتلي سُلطة السيادي و اللجنة، ويعرف دور الصحافة كسُلطة لا تُقدس المسؤولين حتى لو أطلقوا على أنفسهم لقب ( أرواح الثورة).. وبالمناسبة، روح الثورة هي روح الشهيد ونبض الشارع، وليس السلطان، أو كما وصفهم الفكي في الخطاب ..!!
:: على كل حال، ليست هناك حملة ضد اللجنة، ولن نكون جزءًا من حملة، ولسنا قطيعاً يقودنا زيد أو عبيد في حملته.. ولسنا ضد إزالة التمكين ومكافحة الفساد، و لكن ضد إزالة التمكين بتمكين آخر، و ضد مكافحة الفساد بفساد آخر .. ولذلك نطالب المجلسين – السيادي و الوزراء – بأن تكون إزالة التمكين ومكافحة الفساد (مؤسسياً)، كما الحال في كل الدول الديمقراطية، بحيث يُساق فيها الفاسد إلى السجون وغرف الإعدام وليس قاعات التسويات ..!!

 

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى