أحمد يوسف التاي يكتب: الانقلاب الانقلاب.. احذروا

(1)
قبل أيام كان قادة الجيش ورئيس هيئة الأركان يحدثون الصحافيين في لقاء نوعي عن استحالة حدوث أي انقلاب عسكري ويستبعدون ذلك ويُرجعون الإستحالة إلى أن المجتمع الدولي لن يدعم أي إنقلاب في أي مكان من العالم …هذا الحديث في رأيي يجب ألا يؤخذ مأخذ اليقين حتى لا ينام الناس على هذه “النغمة” ويتوسدونها أحلاماً وردية، فقد كان رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي أكثر يقيناً من عدم حدوث أي انقلاب عسكري ، فكان كلما حدثوه عن انقلاب وشيك من “الجبهة” يسخر من ذلك ويرد بأنه واثق من عدم حدوث أي انقلاب حتى وقعت الواقعة واستولى “الكيزان” على سلطته وسرقوها منه في ليل بهيم…
(2)
في الوقت الذي يتظاهر فيه المجتمع الدولي بأنه ضد الانقلابات العسكرية وأنه سيعزل أية حكومة تأتي عن طريق الانقلاب، تتصل الخيوط السرية لتكشف في خاتمة المطاف أن القوى التي تسمي نفسها (مجازاً) بالمجتمع الدولي هي التي تصنع الانقلابات في العالم الثالث وهي التي تدعم الحكومات الانقلابية بصورة أو بأخرى وهي التي تعطيها الضوء الأخضر للانقلاب والإذن بساعة الصفر للتنفيذ وهي التي تغرقها بالوعود الكاذب للاستدراج، حتى إذا ما حدث الانقلاب فإما أن تجد به مبرراً للتدخل في تلك الدولة وتدميرها، أو أنها تدعم الانقلابيين سراً وتدفعهم للتنكيل بخصومهم وتنفيذ أجندة تلك القوى الأجنبية… ولهذا يجب ألا تغرنكم مقولة أن عهد الانقلابات العسكرية قد انتهى وأن المجتمع الدولي لن يسمح بالانقلاب… وهل أذكركم بأحدث انقلاب عسكري حدث في غينيا قبل يومين بدعم سري من قوى فاعلة في المجتمع الدولي ، وقد حدث الانقلاب بعد إطلاق نار كثيف في العاصمة واحتجاز الرئيس الغيني ألفا كوندي..
(3)
كثير من المعطيات وقرائن الأحوال تشير الآن إلى تجهيز المسرح وتعبئة الشارع السوداني لقبول الانقلاب العسكري ، فحالة السيولة التي نشاهدها الآن وارتخاء القبضة الأمنية وزعزعة أمن الناس حتى داخل أحيائهم ومنازلهم والنهب الذي يحدث نهاراً والمطاردات بـ”التاتشرات” بدون لوحات… كل ذلك يحدث مع سبق الإصرار والترصد لتبرير الانقلاب على ثورة ديسمبر ، هذا فضلاً عن استمرار فوضى السوق وانفلات الأسعار التي اصبحت بلا كابح مع استمرار الضائقة المعيشية وانعدام الأمن والأمان… كل ذلك يحدث بتدبير وتخطيط محكمين لاكتمال ظروف وأسباب ومبررات الانقلاب الذي أكاد أشتم رائحته النتنة مع كل زخة “مطرة” أو نسائم ما قبل الفجر…
أما الشائعات التي ما فتئت تتدفق سيولها ما هي إلا واحدة من مقدمات الانقلاب الذي يستهدف ثورة ديسمبر ونضالات الشعب السوداني، فهناك متآمرون يصنعون الشائعات هدمت الثورة أمجادهم الزائفة… وهناك متربصون داخل الحكومة الانتقالية فضحت تصريحاتهم حنقهم واحتقارهم للثوار والثائرات حينما وصفوهم باللاهين الراقصين، وآخرون أنكروا دور الشباب في إشعال الثورة وانتصارها الساحق حينما نسبوا مجد الثورة إلى “الكفاح المسلح”…
(4)
في الذكرى الأولى للثورة كتبت : (سقطت حكومة الصادق المهدي من فرط التساهل في أمور لا تحتمل التساهل، وبسبب التفريط في بسط هيبة الدولة بحجة توسيع الحريات إلى الحد الذي مَحا كل الخطوط الفاصلة بين الحرية والفوضى، وبسبب تهاونها مع إعلام الجبهة الإسلامية آنذاك والذي كانت تختلط فيه الشائعة بالحقيقة مع المبالغة في السخرية من رجال الدولة وذلك لنزع هيبتهم من صدور الرعية، الآن حكومة حمدوك تمشي على إيقاع حكومة المهدي، ونفس الخصم الماكر يضع نفسه في كل المنحنيات والمطبات لاقتناص الفرصة واستغلال الحريات والظروف، ويضاف إليهم المتربصون من داخل حكومة الثورة… كوادر الجبهة الإسلامية وقيادتها لديهم قناعة راسخة بأن إعلامهم «السافر» الذي تغذيه الشائعات والسخرية المُهينة كان له الدور الأبرز في إسقاط حكومة الصادق المهدي وممارسة الاغتيال المعنوي لرموزها وشخصياتها، وقد كانوا يتفاخرون بإعلامهم المتحرر من الضوابط الأخلاقية في التخلص من حقبة الديمقراطية الثالثة، ولهذا السبب وحده استعدوا أيام حكمهم الإعلام الحر وكسروا الأقلام التي استعصت على الترويض ظناً منهم أن هذا السلاح الذي اسقطوا به حكومة المهدي سيقود إلى نهاياتهم ولهذا كانوا أشد حرباً على الصحافة الحرة)…
أما حكومة حمدوك الغافلة تركت الشائعات ومصدرها وأمسكت بتلابيب زملاء صحافيين هم أحرص على الثورة وأهدافها من اللاهثين خلف المحاصصات والمناصب، وشتان مابين الشائعات التي تطفح بها مواقع التواصل الاجتماعي وما يكتب في صحف محترمة بأقلام صادقة وأمينة… اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.

 

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version