عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: اللهم انزل الغيث

(1 )
الخبر الأكيد قالوا البطانة اترشت
سارية تبقبق للنهار ما انفشت
هاج فحل ام صريصر والمنائح بشت
وبت أم ساق على حدب الفريق اتعشت
إنه شاعرنا المجيد أحمد ود عوض الكريم ود أب سن الشهير بالحاردلو يحتفل احتفالا شاعريا بالامطار التي هطلت على ارض البطانة حيث مقامه وعزوته فالسارية هي المطرة الليلة والبقبقة هي صوت الماء المنهمر في شكل دفعات . استمرت السارية كل الليل ولم تنفش اي تتنفس من الاحتقان الي طلوع النهار بالله تامل روعة الوصف حيث شبه تراكم السحب بالاحتقان والصبيب بالتنفيس عن الاحتقان و فحل ام صريصر فالمقصود بها ليس الصرصور انما الناقة المصرورة حتى لايرضعها ولدها اما المنائح فهي النوق الممتلي ضرعها باللبن وليس لديها ما يرضعها فنزل منها اللبن بصورة تلقائية بت ام ساق هي ناقته التي شبعت من طرف الفريق ولم تحتاج إلى التجوال بحثا عن الكﻷ فالحاردلو هنا جمع في هذه الصورة الخريفية بين المظهر والمخبر بصورة لا تتأتى الا لشاعر كبير في حجم المتنبئ وشكسبير والحاردلو .
(2 )
لعل ما قاله الحاردلو اعلاه هو ما حدث لنا في شمال الجزيرة واجزاء اخرى واسعة في تسع ولايات من ولايات السودان حيث هطلت امطار في مطلع هذا الاسبوع تترواح بين المتوسطة والغزيرة على حسب قول اهل الارصاد وينطبق عليها قول المغتي (الليلي العم الضهاري) واجزم بأن السعادة قد عمت هذه البقاع بقدر زخات المطر التي حدثت . كيف لا فالزرع والضرع اخذ يتلوى ويشكو من تأخر المطر فإن كان عدم الغيث او تأخر هطوله نقمة ترهق العباد فإن نزوله نعم كبيرة يحمد الله عليها فهو اكسير الحياة ليس في مناطق الزراعة المطرية بل حتى في المشاريع المروية والتي هي اصلا تروى من مطر نازل في مكان آخر كالحبشة او يوغندا وغيرهما وفي حالة الجزيرة المروية مثلا يعتبر المطر النازل عليها مباشرة مكونا اساسيا من مكونات الري فيها فأي سنة يقل فيها المطر او ينعدم تعني فشل الموسم الزراعي في الجزيرة وهذه قصة اخرى.
(3 )
قال الحاردلو اعلاه إن المطر هيج فحل ام صريصر لما فيه من خواص فيزيائية مثلما هيج الارض فاهتزت وربت وانبتت وجعلت بت ام ساق يأتيها رزقها رغدا (في طرف الفريق) وهذا ما يحدث لكافة الاراضي التي تنعم بالمطر فهي تهيج لتقابل ما يبذر فيها من بذور لتعطي الحياة (وجعلنا من الماء كل شيء حي) الآية … لهذا جدير بنا أن نسعد ونحتفل بالمطر والسعادة والاحتفالية امر نسبي فان كان الحاردلو قد حصر فوائد المطر فيما حدث لفحل ام صزبصز والمنائح وبت ام ساق فان سعادتنا واحتفالنا اليوم بالمطر ينبغي أن يكون في شكل حصاد مياه من الخزانات والسدود إلى الحفائر انها 400 مليار متر مكعب من الماء العذب تأتينا من السماء كل عام فبدلا من ان تحيل بلادنا إلى جنة من جنان الله في الارض هاهي تمر كعابر سبيل بعد ان تغلق طرقنا وتهدم بعض منازلنا وتجرف ارضنا واحيانا تتقطع بركا لتوالد الباعوض والناموس لتنشر الملاريا والبلهارسيا وكل امراض المناطق الحارة انه الفقر الذي يحول نعم الله الي نقم فعوضا عن البحث عن مشروع قومي للاستفادة من الامطار نقوم بانشاء اجهزة لدرء آثار السيول والامطار ويا ميلة بختك يا امة السودان.

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى