الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب: (24 روحاً)

:: لهم الرحمة والمغفرة باذن الله ولأهلهم الصبر .. رغم أن الخريف في البدايات، بلغ حجم ضحايا السيول والأمطار بكل السودان ( 24 مواطناً).. وكالعهد بها دائماً عند كل خريف، فان السلطات المسماة بالمسؤولة لا تفعل شيئاً غير رصد الخسائر ثم زيارة المناطق المنكوبة بعد أن يفقد أهلها بعضهم و ممتلكاتهم .. ومنذ أسابيع، فالخسائر بنهر النيل – و مناطق أخرى – فادحة للغاية.. وبالأمس غرقت الخرطوم، الله يعلم ما يحدث بأرياف السودان البعيدة عن الخرطوم..!!
:: فالبعيد عن الخرطوم جغرافياً دائماً ما يكون بعيد وجدانياً أيضاً عن ردود فعل المسؤولين، لحين وقوع المزيد من الكوارث ..وفي خريف هذا العام أيضا، كما تفعل في كل عام، قبل البدايات بأسابيع، دقت وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية (جرس الإنذار)، وتوقعت هطول أمطار وفيضان النيل، ثم طالبت المواطن والسلطات بتوخي الحذر.. ومع ذلك، – كالعادة طبعا- تفاجأت السلطات بالسيول والفيضانات..!!
:: نعلم بأن الطبيعة لا تُقاوم، وهذه سنة الحياة، وكثيرة هي الدول ذات العدة والعتاد التي جرفت السيول والأمطار والأعاصير مدائنها وأريافها، كما الحال بأرياف نهر النيل وغيرها .. ولكن تتميز أجهزة تلك الدول – عن أجهزة دولتنا الكسيحة – بتحذير مواطنها، ثم وقايته بقدر المستطاع، أي بحيث لا تكون خسائر الكارثة (فادحة وقاتلة)، ثم تجتهد في مساعدة المواطن لحظة وقوع الكارثة، ثم تعيد الاستقرار لهذا المواطن، أو هكذا مراحل المسؤولية في تلك الدول ذات الأجهزة (المسؤولة حقاُ)..!!
:: أما هنا، حيث موطن االلامبالاة، إذ كل مرحلة من تلك المراحل (كارثة) .. لا جرس إنذار ينبه الناس باقتراب السيول، ولا سلطة تخلي الممتلكات قبل أن تجرفها السيول، ولا أجهزة مسؤولة تقف بجانب المنكوبين في لحظة اجتياح السيول لديارهم .. وكذلك لا يوجد نهج قويم يعيد الاستقرار لهذا المنكوب وأسرته بحيث لا تتكرر المأساة في خريف العام القادم..فالمواطن وحده – وكأنه بلا حكومة – يصارع الموت وفقدان الممتلكات، ثم يعيد تأسيس حياته – كما كانت – في مجرى السيول..!!
:: وبما أن الخريف في البدايات، فان مئات القرى قد تتحول إلى ركام تحت مجرى السيول أو حين تفيض الأنهار، لتصبح مشاهد مآسي الناس مزاراً للمسؤولين بالمروحيات، وتصحبهم الكاميرات لتوثيق الزيارة، أي كما يفعل أي سائح زائر للبجراوية والدفوفة وغيرها من المزارات السياحية.. ماذا قدمت أجهزة الإنذار المبكر لأهل البيوت التي جرفتها السيول بنهر النيل وغيرها من المناطق المنكوبة، بحيث يغادرونها قبل اقتحام السيول ..؟؟
:: لم تقدم أجهزة الدولة طوال فترة الإنذار غير العجز والفشل بدليل ما يحدث حالياً من موت أرواح ونفوق أنعام وفقد ممتلكات.. ثم ماذا قدمت أجهزة الوقاية للمنكوب في لحظة اجتياح القاش، وهي لحظات مقدار الثانية فيها – عند المنكوب – بحجم العام رهقاً وتوجساً؟ .. للأسف، لم تقدم أجهزة الوقاية للمنكوب غير الخمول، ثم انتظار أن تجرف السيول ممتلكاته، بحيث يكون التقرير الختامي (سيطرنا على الأوضاع)، ولكن بعد موت الناس و خراب الديار ..!!

 

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى