حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: قحت وداء الماسوشية

لا أظن أن أيما عضو أو قيادي بقوى اعلان الحرية والتغيير المعروفة اختصاراً بـ(قحت)، يأتي بجديد حين ينبري لتوجيه نقده اللاذع لـ(قحت) وأداءها الكسيح، فإن يقول قائل من الحاضنة السياسية المفترضة بعجز الحاضنة وفشلها وغفلتها وتهلهلها، فذلك مما أضحى من المعلوم بالضرورة، لا يقول به نشطاء (قحت) كافة بلا فرز وحدهم، بل أضحى يعرفه ويعايشه حتى المواطن العادي، ومن كثرة وغلظة انتقاد قيادات الحرية والتغيير لأنفسهم لدرجة أصبح معها هذا النقد ظاهرة وموضة، ما اعتلى قيادي قحتاوي منبراً أو أمسك بمايكرفون إلا وأوسعها لطماً ثم بكى على حالها ورثاها ثم ذهب إلى مقعده داخل قحت نفسها يتمطى، ليعود مرة أخرى مع أقرب فرصة ظهور إعلامي جديدة ليمارس جلد الذات مجدداً، وكأني بهم قد غشيهم وتلبسهم داء الماسوشية أو المازوخية، يجدون لذة ومتعة في نقد أنفسهم والتعريض بأدائهم فقط، دون أن يجدّوا في طلب العلاج من حالة العجز والفشل والغفلة والتشظي والتكايد التي هم عليها وبها معترفون، يظلون هكذا في حالة دوار لا نهائي داخل هذه الدائرة الخبيثة المغلقة، وحين تنتابهم صحوة فجائية يندفعون في حماس يحدثون الناس عن البرنامج الفلاني والخطة الفلتكانية ومبادرة الاصلاح العلانية، ثم ما يلبثوا على هذا الحماس إلا بعض الوقت، ليعودوا مرة أخرى إلى بياتهم السياسي، ثم منه إلى معاودة الحديث المكرور عن ضعف قحت وعجزها وفشلها وضرورة اصلاح حالها المايل، وهكذا تدور دورتهم السياسية النضالية الثورية التي تشبه ما يكتبه سائقو البصات السفرية على جنبات بصاتهم، من شاكلة (عطبرة الدامر الخرطوم وبالعكس الخرطوم الدامر عطبرة).. كل قيادات قحت لم يفعلوا شيئا حتى الآن غير أن يعيدوا على مسامع الناس الموال الذي ملوا سماعه حول ضرورة وحتمية اصلاح وهيكلة قوى الحرية والتغيير، ولم يقدموا أية إضافة جديدة اللهم إلا أن تكون مثل إضافة الكوميديان عادل إمام في مسرحية شاهد ما شافش حاجة حين طلب الاضافة في التعريف بمهنة القتيلة، فقال (رقاصة يعني بترقص)، أو إن شئت فقل أن قولهم كان مثل قول ذلك المتشاعر الذي قال يصف جلسة قوم في واحة وسط الماء كان هو من بينهم، (فكأننا والماء من حولنا، قوم جلوس ومن حولهم ماء)، فضحك عليه الحاضرون وكان فيهم شاعر مجيد فرد عليه قائلا (أقام بجهد أياما قريحته، وفسر الماء بعد الجهد بالماء)، فجرى قوله مثلا إلى يوم العرب هذا.. إن أهمية الحاضنة السياسية وضرورة وجودها في أي نظام حكم، هذا مما لا شك فيه ولا خلاف عليه لاعانة السلطة ولرفدها بالأفكار والرؤى والمقترحات واسنادها سياسياً، بل يمكن القول جملة واحدة أن وجود الحاضنة السياسية هو التعبير الأبسط عن وجود السلطة نفسها، ولكن عندما يصبح حال هذه الحاضنة كما هو بهذا السوء والعجز والتشرذم، لا تجيد فعلاً أكثر من أن تنعي نفسها، هذا حال الأولى بالأسف عليه الشعب وليس قيادات قحت التي عليها قبل أن تصعد المنابر لتلقي على الناس قولها الثقيل المعتاد أن تجلس مع نفسها لتصلح حالها وتصلح ذات بينها ثم لا تخرج على الملأ إلا بقول جديد يتجاوز محطة سلق الذات وجلدها التي طال مكوثها فيها..

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى