عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: بشائر

(1 )
تقول الحكاية إن أحدهم كان يعاني من لوثة عقلية فذهبت به والدته للفكي وبعد عدة أسابيع من القيد والعزيمة تم الإفراج عنه بحجة التعافي فأحضر الى القرية وقررت والدته إقامة (كرامة) كبيرة وكي يخرج على القوم بكامل زينته أدخل الحمام مع جردل والطست (مافي دش وكدا) فلما طال مكثه في الحمام داهمته والدته فوجدته قد صب الماء في الطست ومدخلا سبابته في الماء وجالسا على أطراف أصابعه فلما رآها أشار لها بوضع سبابته الأخرى على فمه قائلا لها (هسسس هسس جابت ليها نقار-بتشديد القاف-) أي انه في حالة اصطياد سمك وأن السمك بدأ بتحاوم حول الصنارة .
(2)
على غير العادة الرمية أعلاه لانريد ان نتوسل بها لموضوع اليوم فقط، بل نريد ان نتحلل بها منه ايضا أو كما يقول الخواجات (ديسكليمر) إذ حكى من أثق في كلامه ان الجازولين والبنزين الآن مطروح في بعض الأقاليم لا بل في العاصمة نفسها تحديدا في شارع الهوا بأقل من السعر الرسمي بكثير وهذا يعني ان الذين كانوا يتاجرون به في السوق الأسود يئسوا من أزمة قادمة فأرادوا التخلص منه، فقلت لمحدثي إذن هذا أمر مؤقت وسوف ينتهي بنفاد كمية المخزون قال لي أبدا سوف يستمر وسوف يأتي المدد من الوقود الحكومي والإشارة هنا لسواقي الحكومة في الآليات الثقيلة والعربات الصغيرة وربما يكون هناك تهريب عكسي، قلت له في النهاية سيكون السوق الاسود أقل من السوق الرسمي فوافقني. أما الأمر الثاني وهو مؤكد ان سعر الدولار في البنك أصبح اليوم أعلى من سعره في السوق الموازي (الأسود) وبالطبع لن تنتهي ظاهرة الاتجار في الدولار خاصة بالنسبة لتجار العملة الصغار (القشاشين) فهؤلاء سوف يشترون من البائعين الصغار ويبيعون للبنك مباشرة أو لكبار التجار الذين سوف يبيعون للبنك اذا ما استمر الحال على ماهو عليه، فالمهم في الأمر ان سعر الدولار في السوق الرسمي أصبح أقل من السوق الموازي.
(3 )
ما أشرنا اليه أعلاه من ظواهر اقتصادية جديدة لا يمكن التقليل من شأنه فانه يدل على ان السياسات الجديدة رغم قسوتها فقد بدأت تؤتي أكلها اي بدأت تظهر إيجابياتها، ففي ما يتعلق بالوقود اذا استمر الأمر على هذه الوتيرة فهذا يعني ان كارتيل الوقود قد انهار وما تبقى إلا جماعة معايش، أما فيما يتعلق بالدولار وهو المهم فاذا ما انهار كارتيله فإن البلاد تكون قد تعافت واذا أيقن الناس ان سوق الدولار لن تقوم له قائمة فإن هناك المليارات من الدولارات مدكنة في المنازل سوف تخرج لاهثة وراء السوق الرسمي ونشير بذلك للذين حولوا مدخراتهم لدولارات ليس حبا فيها إنما خافوا من التمسك بالجنيه السوداني وهو كل يوم يفقد شيئا من قيمته. على الحكومة ان تنتبه لهذه التطورات للإمساك بها كي تبدأ منها رحلة المعافاة إذ لابد لها من إكمال السيطرة على سوق الدولار والاتجاه لتخفيضه بخطوات محسوبة حتى يسترد الجنيه السوداني قيمته، وبالتالي تنخفض الأسعار بما فيها أسعار الوقود وتقل معدلات زيادة التضخم . يجب ان تكون لدى الحكومة أجهزة متابعة (مونترنق)عالية الحساسية حتى لا تترك شاردة أو واردة تسهم في إخراج البلاد من وهدتها .خلاصة القول إن سياسة السعر الواحد للوقود وللدولار جابت ليها (نقار) وعقبال تمسك الصنارة وتخرج السمكة.

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى