تحقيقات وتقارير

الصراعات القبلية .. قراءة في المشهد

هدوء حذر بولاية البحر الأحمر بعد الأحداث التي شهدتها الولاية خلال الثلاثة أيام الماضية، نتيجة للصراعات القبيلة والتي أدت إلى وفاة 5 أشخاص، بعد أن دفعت الحكومة بتعزيزات أمنية، فيما دفع مجلس الوزراء بوفد يضم عدداً من الوزراء للوقوف علي المشاكل هناك .
رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ظل في حالة تواصل هاتفي مستمر مع والي البحر الأحمر وجنوب كردفان خلال الأيام الماضية لمتابعة الاستجابة الحكومية لهذه التفلتات الأمنية والعمل على احتوائها بصورة مستمرة.

 

حالة طوارئ
بورتسودان ليست الولاية الوحيدة التي شهدت أحداث عنف خلال الأيام الماضية، فسبقتها ولاية جنوب كردفان، وكان الوالي د. حامد البشير، قد أعلن حالة الطوارئ في (6) محليات بالولاية وهي: “تلودي، الليري، قدير، ابوكرشولا، أبوجبيهة وهبيلا”، إثر تصاعد أحداث العنف بمحلية قدير وسقوط العديد من الضحايا واضطراب الأوضاع الأمنية.

 

وأشار البشير في بيان صحفي إلى عقوبات تشمل السجن والتغريب والجزاءات المالية تجاه كل من يخالف ويتجاوز أسس وضوابط إجراءاته ولم يلتزم بما جاء فيه وفق قانون الطوارئ، مؤكداً القبض على الجناة والمتفلتين والأشخاص الذين يشكلون خطراً على السلم المجتمعي بالتحريض بواسطة الحكامات والشعراء والهدايين أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وتداول الشائعات والأنباء الكاذبة أو أي وسيلة يمكن أن تؤدي إلى الفتن وتثير النعرات.
لافتاً إلى سعى حكومة الولاية لتهدئة الأوضاع وحقن الدماء، تفادياً لتداعياتها وتأثيرها على بعض المحليات ودرءاً للفتنة وحفاظاً على أرواح المواطنين وممتلكاتهم.

 

مخطط ممنهج
بحسب مراقبين فإن هذه هي المرة السادسة التي تشهد فيها ولاية البحر الأحمر نزاعاً قبلياً، وفي أكثر من مرة تم ارسال وفد إلى هناك للصلح في بورتسودان، لكن بعد أشهر قليلة يتجدد الصراع مرة أخرى، مشيرين إلى أن هذه الطريقة ليست سليمة لأنها لا تعالج جذور المشكلة.
آخرون وصفوا إعلان حالة الطوارئ بالصحية بالولاية وقالوا هي في الاساس طوارئ أمنية، لكن لأسباب سياسية لم يتم تسميتها واستعاض عنها بالطوارئ الصحية .

 

الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل أشار إلى أن الأحداث التي اندلعت في الولايتين تزامنتا في التوقيت والتنفيذ ما يدل على أن هناك مخططاً ممنهجاً ومقصوداً من عناصر ضد الفترة الانتقالية وضد الثورة والتغيير في السودان، وقد تكون عناصر داخلية أو خارجية ذات علاقة بأجندة خاصة في منطقة البحر الأحمر، وقال تلاحظ أن هناك تطوراً في نوعية الأسلحة المستخدمة “الاسلحة الرشاشة واستخدام القنابل اليدوية والاحترافية” في تنفيذ عمليات الاغتيالات ضد القيادات السياسية والاقتصادية، مشيراً الى ان احداث بورتسودان احداث قبلية كما في كسلا واغلاق الطريق البري يؤكد فرضية اشعال شرق السودان بكاملة، وقال في ولاية جنوب كردفان فان الاحتكاك الذي يحدث نتيجة لحركة الرعاة والمزارعين لا يستدعي مثل هذا الصراع الدموي، وكانت تحل عبر الادارة الاهلية، وقال هذه المرة تزايدت الصراعات في المنطقة في وقت المفاوضات بين الحكومة وحركة عبدالعزيز الحلو، وهذا يؤكد استخدام فرضية العناصر القبلية كورقة من أوراق التفاوض في منطقة جنوب كردفان .

 

تطبيق صارم
والي ولاية البحر الأحمر، المهندس عبد الله شنقراي أوهاج، أصدر أمراً بفرض حالة طوارئ صحية وفقاً لتوصيات الغرفة العليا لإدارة أزمة جائحة كورونا بولاية البحر الأحمر.

 

وشدد الوالي في بيان على تطبيق أمر الطوارئ على محليات “بورتسودان وسواكن وحلايب”. وفُرضت الاشتراطات والتوصيات، بإلزام المؤسسات العامة والخاصة، الولائية والاتحادية العاملة بالولاية بتخفيض نسبة العاملين (٥٠٪) بجميع المؤسسات الحكومية، الاتحادية والولائية، وإغلاق الحدائق العامة والأندية والمقاهي وساحات الملاعب والإستاد والكورنيش وإلغاء ومنع المناسبات بالأحياء والصالات ومنع إقامة سرادق العزاء لمدة أسبوعين.

 

ونوه البيان إلى إغلاق كافة المؤسسات التعليمية العامة والخاصة والجامعات والمعاهد، وإغلاق جميع دُور العبادة من مساجد وكنائس وزوايا ويتم فتحها بعد (١٤) يوماً من إصدار هذا الأمر، كما قضى الأمر، بإغلاق أسواق الزيارة والسوق الرئيسي، على أن يتم استثناء السوق الرئيسي من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة الثانية ظهراً لمدة أسبوع، ويُمنع قيام الفرِّيشة بصورة دائمة من تاريخ إصدار هذا الأمر، لافتاً إلى منع جميع الزيارات بالمستشفيات والمراكز الصحية العامة والخاصة، واستثناء مُرافق واحد لكل مريض، ومنع دخول أماكن سحب العينات بالمستشفيات والمراكز الصحية لغير المريض، مع التشديد للالتزام بالاشتراطات الصحية، وقال إن شرطة مرور الولاية ستقوم بتفريغ المدينة من الشاحنات وعربات النقل والأحياء والأسواق من مداخل الموانئ، ومنع قيام مواقف لها بتلك المناطق، مع تطبيق القوانين الصارمة لذلك.

 

الغبن التاريخي
الخبير الأمني حنفي عبدالله أشار في تصريح لـ(السوداني) إلى أن الأحداث الإثنية في الشرق او جنوب كردفان او دارفور وغيرها لها اسباب، وقال ان شرق السودان ذاق التهميش منذ الاستقلال، مشيراً إلى أنه لم يتم حسم امر التنمية المتوازنة، وقال إن مشروع مياه بورتسودان تم توظيفه سياسياً منذ عهد نميري، كما أن الصراع بين القيادات الأهلية في الشرق له مؤثرات، وأضاف: أن اتفاق جوبا للسلام فجر الصراعات في الشرق وأدى إلى احتقان سياسي، لأن بعض المكونات رأت أن الموقعين على الاتفاق لا يمثلونهم .

 

حنفي اوضح ان الحكومة تتعامل مع الصراعات القبلية باسلوب اطفاء الحرائق، وقال انه غير مفيد، ويجب ايجاد حلول جذرية ومعالجة الغبن التاريخي بعيدا عن التقاطعات والمكاسب السياسية، مشيرا الى ان الشرق استبيح بالسياسات وظل مظلة للصندوق الانتخابي اي مكاسب آنية وظل بلا تنمية، مستدركا: اذا تم تنفيذ مشاريع يكون لها مكاسب سياسية.
وقال ان التعدد الإثني في الشرق ادى الى مزيد من الصراعات بالتالي يجب ان يحل المشاكل أهلها، ووضع خارطة طريق لتوظيف موارد الشرق واضاف :لا بد من حسم التفلتات وفرض هيبة الدولة، ولا بد من بتر الذين يستغلون السيولة الامنية والظروف ويشعلون الصراعات لمصالح لجهات أو افراد.

 

اجتماع طارئ
وكان رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك،عقد اجتماعاً وزارياً طارئاً للتباحث حول الأزمة الأمنية في ولايتي البحر الأحمر وجنوب كردفان. ووجّه رئيس الوزراء خلال الاجتماع بمغادرة عدد من الوزراء فوراً إلى ولاية البحر الأحمر، حيث يضم الوفد المقرر مغادرته كلاً من وزير الداخلية والنقل والصحة إضافة لقيادات الأجهزة الأمنية المختلفة.

 

وأكد رئيس الوزراء على ضرورة فرض إجراءات أمنية صارمة على الأرض لإيقاف كافة التفلتات، وإلقاء القبض على كل من يثبت تورطه في أحداث العنف، كما وجّه الوفد بالدخول في مباحثات مع قيادات الولاية السياسية والأمنية والمجتمعية فور وصوله، ومخاطبة القضية بكافة أبعادها مع جميع مكونات الولاية.

 

من جهته، أشار وزير الداخلية الفريق أول عز الدين الشيخ إلى استعداد القوات الأمنية لبسط الأمن في المناطق التي تشهد توترات بولايتي البحر الأحمر وجنوب كردفان، وأضاف أن قوات مشتركة ستتوجّه في الحال إلى الولايتين للسيطرة على الأوضاع وتحقيق الأمن لكل المواطنين.
الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل أكد لـ(السوداني) أن الأمر يتطلب الآن من الدولة ليس ارسال الوفود الحكومية ومؤتمرات للصلح التي لا تصمد طويلا بل يتطلب العمل الجاد لبسط هيبة الدولة ومخاطبة جذور المشكلة وحسم المتفلتين من الادارة الاهلية، بالتالي تامين الاوضاع الانسانية لتطبيق اتفاق السلام على الارض وحسم مسألة المسارات الجغرافية التي كانت وما تزال سببا في ارباك مفاوضات السلام السابقة والحالية.

     وجدان طلحة

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى