ناهد قرناص

ناهد قرناص تكتب: صدقني ما بقدر أعيد

الطرفة القديمة التي تقول إن شاباً حضر الى المستشفى بحروق على جانبي وجهه.. سأله الطبيب المناوب.. (حصل شنو يا شاب لي وشك).. قال له انه كان يكوي بنطاله وبجانبه الهاتف الثابت لأنه كان ينتظر مكالمة مهمة.. (أنا بكوي وكنت بصراحة كدا سرحان.. فجأة التلفون ضرب.. قمت من الخلعة رفعت المكوة علي اضاني.. قامت حرقتني ).. قال الطبيب (طيب دي حرقت جانب واحد التاني الحرقو شنو ؟).. قال الشاب (ما التلفون ضرب تاني).
الطرفة اعلاه تصف حالنا (بالملي).. لأننا كل مرة يرن فيها الهاتف.. تحرقنا المكواة على وجهنا.. ولم نفكر مرة في ابعاد الهاتف.. او فصل المكواة.. المشهد الذي نتابعه هذه الأيام في شرق السودان حدث بكل تفاصيله في غرب السودان.. ابتدأت المشكلة بسيطة.. ملاسنات واعلاء لصوت القبيلة والاثنية.. مما اعطى الفرصة للفتنة ان تتناسل وتفرخ عصبية وجهوية.. وبعد زمن وجيز اشتعلت الحرب التي لم تبقى على أحد.
ذات السيناريو نعيشه هذه الايام.. والفتنة تزين نفسها للفرح.. فالاجواء مواتية.. والريح تجري بما يشتهيه الأعداء.. والشامتون يتربصون في انتظار ان تشتعل الحرب في الشرق.. اما نحن (فشغالين مكوة).. وفي انتظار رنين الهاتف لكي يحترق جزء آخر من الوجه…
الحلول التي يتم طرحها من (جودية).. ترضيات لرؤوس القبائل.. و(المساسقة ) التي يقوم بها نفر كريم من السادة والسيدات.. ستأتي أكلها.. وتهدأ الحرب إلى حين .. لكن هل هذا هو الحل الجذري ؟.. لا بالتأكيد.. ذلك ان الذي نحتاجه في السودان ليس مزيداً من الأسلحة.. ولا مزيدا من الجيوش.. .ولا مزيداً من التروس.. الذي نحتاجه بحق هو كم من الوعي..
لسنا اول أمة متعددة العرقيات.. أغلب الدول الكبرى بها مختلف الاثنيات والمعتقدات.. لكنها تعيش في سلام وتحترم حقوق المواطن الذي يعيش بكرامة ولا يتعدى حدود غيره.. الوعى يا سادة هو الذي سيقينا شر الاحتراق بالمكواة كل مرة.. ونشر الوعي يقع أغلبه على الاعلام.. بكل وسائله المسموعة والمرئية والمقروءة.. التوعية باهمية التعايش مع الغير.. بشتى الوسائل.. محاضرات.. مسلسلات.. اعلانات.. ملصقات.. ندوات.. يجب ان تنتظم الدولة حملة كاملة ترفع شعار التعايش السلمي.. حملة حقيقية يساهم فيها كل حادب على الوطن.. استعينوا بنجوم الرياضة.. الغناء والتمثيل.. الكتابة والصحف.. حملة قوية.. قوافل تسير الى كل انحاء البلاد.. انشروا الوعي.. افشوا السلام.. امنعوا الحريق.. وأهم شئ.. لا تردوا على اي هاتف من الداخل او من الخارج .. حتى اكتمال مهمة المكواة .

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى