حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: بين الحرية والفوضى خيط رفيع

في خطوة مهنية مهمة لتنقية فضائه مما يعرف بـ(الحرية السلبية)، أوردت الأنباء أن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أزال مئات الحسابات والصفحات المزيفة التي تروج لمعلومات خاطئة وتدعو إلى انقلاب في السودان، وشملت الازالة مناطق متعددة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي تقرير السلوك غير الأصيل المنسق لشهر يونيو، حدد فيسبوك الصفحات في السودان والجزائر والعراق والأردن التي تنتهك سياسة الشركة بشأن التدخل الأجنبي و تتلاعب بالنقاش العام لأهداف استراتيجية بحسابات مزيفة، وأزال فيسبوك (53) حسابا و (51) صفحة وثلاث مجموعات و (18) حسابا على إنستجرام في السودان، بعضها كان يحرض على انقلاب على الحكومة الانتقالية وعودة المخلوع عمر البشير، وساعد فيسبوك في تحديد تلك الحسابات باحثون في Valent Group ، وهي وكالة رقمية مقرها لندن، ويفيد التقرير بأن الأفراد المسؤولون عن هذا النشاط الهدام الذي يسئ لحرية التعبير استخدموا حسابات مكررة ومزيفة، تم اكتشاف بعضها وتعطيله بالفعل بواسطة الأنظمة الآلية لإدارة الصفحات، ودفع الأشخاص إلى موقع الويب الخاص بهم والتهرب من التطبيق والنشر وتضخيم المحتوى الخاص بهم لجعله يبدو أكثر شيوعا من حقيقته، كما أورد التقرير أن المحتوى الذي نشرته تلك الصفحات تضمن دعم تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وانتقاد الحزب الشيوعي والعلمانية والحركة النسوية والحكومة الانتقالية الحالية، وكانت الصفحات التي تمت إزالتها من فيسبوك تنشر باللغة العربية بشكل رئيسي وكانت مرتبطة بأفراد في السودان، بمن فيهم أولئك المنخرطون في تيار المستقبل للإصلاح والتنمية..
الشاهد في هذه الخطوة التي اقدم عليها فيسبوك بازالة الحسابات والصفحات المسيئة لحرية التعبير بنشرها للأخبار المفبركة والمؤججة للفتن، لاصحاح أجوائه من هذه الممارسات السيئة، أن هذه الخطوة تستلزم من جميع الصحافيين والاعلاميين المهنيين والمحترفين، وأكرر المهنيين والمحترفين الحقيقيين، أن ينظموا صفوفهم وينظفونها من كل دخيل على المهنة وكل صاحب غرض ومرض وأجندة هدامة، كما فعل فيسبوك بل انهم احق من أي جهة في ضبط الأداء الصحفي والاعلامي من كل ما يشوهه ويسئ اليه، خاصة وأن دورهم في أداء هذه المهمة المهنية يتعاظم في ظل شيوع خطاب الكراهية وانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة ونشر الفتن، كما على الدولة دور كبير في هذا الاتجاه، يتمثل في ضرورة دعمها للصحافة المهنية المحترفة التي فقدت بسبب معاناتها الاقتصادية الكثير من تأثيرها وانتشارها، الأمر الذي خلق فراغا كبيرا تمددت فيه مثل هذه الممارسات الضارة في الوسائط الأخرى، وقد أدت هذه الثغرة الصحفية والاعلامية لتمادي أصحاب الاجندة والاغراض في اساءة استخدام الحرية التي كفلتها بلا حدود ثورة ديسمبر المجيدة، فللحرية حدود واضحة المعالم ويجب ان تكون خاضعة للقوانين التي تنظمها ولا تسلبها، اذ بغير ذلك سنصل حتما الى ما يسمى بشريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف ومن ثم تنحرف الأمور وتنجرف لمنزلقات خطيرة تهدد النظام العام والسلام الاجتماعي ولا يعلم أحد مداها وتداعياتها على حاضر الوطن ومستقبله..علينا أن نحاذر مما يحيط بنا من أمثلة عديدة انزلقت ببعض الشعوب الى الفوضى والانتكاس.. فبين الحرية والفوضى شعرة اسمها المسؤولية ولابد من كبح الفوضى..

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى