الفاتح جبرا يكتب: دار رعاية !

قامت ثورة ديسمبر المجيدة على شعارات تمثل أهم مرتكزات القضايا التي طالب بها الشعب وهي شعارات حوت مجمل الحقوق الملحة لكل شعوب العالم وليس السودان وحده وهي:
حرية_ سلام _عدالة ، فلا حياة بلا حرية ولا حياة بلا سلام أو أمن ولا حرية وكذلك لا أمن دون عدالة لذلك كان لابد أن تعمل حكومة التغيير على بناء العدالة بصورة تكفل حماية الحريات وإقامة السلام العادل والعمل على بناء منظومة الأجهزة العدلية بكافة مكوناتها وذلك بصورة تضمن التطبيق الصحيح للقوانين وتنظيفها من روث منتسبي العهد البائد وقبل ذلك كله كان الأهم هو تعديل القوانين التي انشأها مجرمو العهد البائد لحمايتهم وتمكنهم من الافلات من العقوبة ونذكر منها المادة ٣٣ من القانون الجنائي السوداني المعدل ٢٠٢٠ الفقرة ٣ والتي تنص على الآتي :
(في ما عدا حد الحرابة لا يجوز الحكم بالسجن على من بلغ السبعين من عمره فإذا عدل عن حكم السجن أو سقط لبلوغ عمر السبعين تسري على الجاني التغريب لمدة السجن المقررة).
فهذه المادة كأنما (القوم) قد قاموا بوضعها بهذه الصورة لحمايتهم وافلاتهم من العقوبة إذا ما (أزفت الآزفة) وزال عنهم الملك والسلطان وجاء يوم الحساب .
فإذا طالعنا أحوال المحكومين من مجرمي العهد البائد (على قلتها) نرى ان كل الأحكام التي صدرت هي إيداع المجرمين (دار رعاية) امتثالاً لهذه المادة المعضلة ومثالاً لذلك ما صدر في حق المخلوع ولحقه في ذلك (قبل أيام) والي سنار (المجرم) أحمد عباس فكلاهما حوكم في جريمة خيانة الأمانة وكلاهما حوكم بالتغريب بمدة السجن المقررة (سنتين وكده) يقضيها كل منهما في (دار رعاية) بدلاً عن (السجن) إمتثالاً للمادة (الفوق دي) !
فإذا علمنا أيها السادة الأفاضل أن كل من يقبع الآن في السجون قد تجاوزوا هذه السن (السبعين) فمعنى ذلك ان جميعهم ذاهبون (عند الإدانة) إلى (دار الرعاية) بدلاً من السجن؟
مما يجعلنا نتساءل (طيب كل القومة والقعدة دي في شنو؟) اذا كانت القصة كلها في النهاية (دار رعاية) لا نعلم مكانها (وين) مع العلم ان المخلوع قد قضى بها عامين وخرج (منها) بالسلامة.
وهنا دعونا نتوجه إلى المشرع السوداني ونناقشه قليلاً في تحديد هذا العمر فكيف لا يمنع هذا السبعيني من الانتخاب أو تولى رئاسة الجمهورية ؟ أو القيام بأي وظيفة دستورية؟ ويعفى من العقوبة؟ الا تتفقوا معي ان هذا الأمر كان جديراً بالمراجعة؟ فكيف يستقيم الأمر في ترتيب الحقوق وتطبيق العدالة هنا؟
العبدلله يعتقد بالنظر إلى عموم ما أصدرته هذه المحاكم مؤخرا أن ما يجري يعد من باب اللعب على الدقون لأن هذه الأحكام التي صدرت هي أحكام غير قابلة للتنفيذ بحجة العمر تارة وحجة المحكمة الدستورية تارة أخرى التي ظلت علامة استفهام واضحة وعقبة أمام القانونيين لم يستطيعوا حلها بعد ربط قيامها بالمجلس التشريعي الذي صار الآن في مصاف الغول والعنقاء والخل الوفي وأصبحنا في ورطة محبوكة أيضاً من مهندسي الوثيقه الدستورية الكارثية .
فإذا كانت يد التعديل والالغاء قد طالت مجموعة من القوانين لماذا لم ينظر في أمر تعديل هذه
المادة (٣٣) من القانون الجنائي لسنة ٢٠٢٠م حتى تحقق العدالة على وجهها الأكمل؟ اما كان الأجدر أيضاً إلغاء نص المحكمة الدستورية مثلاً واستبدالها في دائرة داخل المحكمة العليا كما وصى بعض القانونيين بذلك حتى نخرج من دائرة الالتفاف حول تنفيذ العدالة..؟
لقد كنا نأمل أن يتم على الأقل الحرص كل الحرص على إبراز التغييرات المرجوة في جانب العدالة قبل بقية الشعارات االأخرى لأنها أساس الحكم الذي تبنى عليه أهم مكاسب الثورة، وهو معاقبة كل من ارتكب جريمة في حق هذا الشعب ولا تحول دون تطبيقها نصوص فارغة من الحكمة وروح القانون ..
كسرة :
قال إيه؟ دار رعاية !
كسرات ثابتة:
• مضى على لجنة أديب 633 يوماً …. في إنتظار نتائج التحقيق !
• ح يحصل شنووو في قضية الشهيد الأستاذ أحمدالخير؟
• أخبار الخمسة مليون دولار التي قال البشير أنه سلمها لعبدالحي شنوووووو؟
• أخبار القصاص من منفذي مجزرة القيادة شنووووووووووووو؟
• أخبار ملف هيثرو شنوووووووووووووووو؟ (لن تتوقف الكسرة حتى نراهم خلف القضبان)

 

 

 

صحيفة الجريدة

Exit mobile version