حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: يونيو الأغبر ويونيو الأغر

شهد شهر يونيو في السودان ثلاثة أحداث كبيرة، منها حدثان شؤمان مأساويان أسودان، أحدهما انقلاب جماعة الاسلام السياسي الذي وقع في الثلاثين من يونيو عام 1989، والآخر هو مجزرة فض الاعتصام البشعة التي حدثت في الثالث من يونيو عام 2019 الموافق التاسع والعشرين من رمضان، أما الحدث الثالث التاريخي الأغر فكان يوم أن خرجت الملايين في مواكب ضخمة وحاشدة تسد الأفق في العاصمة والمدن الكبرى في الثلاثين من يونيو عام 2019، ويومها كان الثوار قد أعادوا تنظيم صفوفهم وتجاوزوا احزانهم بعد صدمة عملية فض الاعتصام القذرة، التي هدف المجلس العسكري من ورائها للاستحواذ الكامل على السلطة عبر الانقلاب على الثورة بداية بفض الاعتصام، غير أن الطوفان البشري في مليونيات الثلاثين من يونيو، أدخل المجلس العسكري (في فتيل) بل في جحر ضب خرب وجعله يعود مضطرا ومجبرا للرشد والتعقل، ولولا تلك الملحمة الخالدة لكانت البلاد اليوم ترزح تحت قبضة حكم شمولي عسكري بل لم يكن من المستبعد أن يعيدوا البشير نفسه..
ان يوم الثلاثين من يونيو 2019 وأذكر أنه كان يوم أحد، سيظل محفورا في الذاكرة ومحفوظا في سجلات التاريخ، فقد أكد ذلك اليوم ان إرادة الشعب السوداني لايمكن كسرها ولا يمكن حصارها أو الإلتفاف عليها بأي حال من الأحوال، كما بعث برسالة قوية لكل من تحدثه نفسه الأمارة بالسؤ لاجهاض الثورة أو سرقتها أو تجييرها لمصلحة حلف من الأحلاف، أن الثورة مستمرة وستظل جذوتها مشتعلة حتى تصل إلى غاياتها السامية وتحقق كل أهدافها وعلى رأسها الحرية والسلام والعدالة والحكم المدني، فالشعب السوداني أراد الحياة وتشبث بالتغيير ولا راد له من ما أراده أحد، وحتما سيتحقق باذن الله ما أراده ولو بعد حين، فلا نكوص عن الحرية ولا اجهاض للديمقراطية فقد ولى الى غير رجعة عهد الانقلابات، ولا عودة لأنظمة الأدلجة والايدولوجيا والدجل، ولا بديل للعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والمتوازنة والنهضة الشاملة في كل المجالات، وعهد الثوار لكنس ما ومن ثاروا ضده وبلوغ ما نشدوه، أنهم صامدون وصابرون وثابتون على المواقف، فكل شبر من أرض السودان رواه دم شهيد وخضبته بصمات آلاف الثوار المتطلعين إلى الحرية والعيش الكريم، فرغم مجزرة فض الاعتصام الدامية التي راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد ومئات الجرحى ومثلهم من المفقودين، إلا أن إرادة الثوار جاءت في ذلك اليوم الأغر لتثبت أن الرصاص لن يثنيهم عن السعي لمطالبهم بكل الطرق السلمية فشعارهم (الطلقة ما بتكتل بكتل سكات الزول)، وأن دماء الشهداء الطاهرة التي روت تراب السودان منذ بواكير إنطلاق الثورة في 18 ديسمبر 2018 لن تضيع هدرا، بل تشكل دافعا قويا لهم لمواصلة مشوار النضال الثوري السلمي لتحقيق المطالب التي قدم الشعب السوداني من أجلها فلذات أكباده، وتقديم الجناة الذين إرتكبوا مجزرة فض الاعتصام البشعة الى المحاكمة، ومحاسبة أركان النظام المباد على الجرائم التي ارتكبها طيلة ال30 عاما، وتفكيك دولته العميقة واسترداد الأموال المنهوبة والأراضي والعقارات..و..(الثورة مستمرة)..

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى