تحقيقات وتقارير

سد النهضة على مائدة العرب بالدوحة.. مصر تنشد دعم الأشقاء، فماذا يملكون؟

من أفريقيا إلى مجلس الأمن الدولي مرورا بالولايات المتحدة، يبدو أن ملف سد النهضة الإثيوبي وصل أخيرا إلى مائدة العرب، حيث تبحث مصر والسودان عن دعم الأشقاء في الأزمة التي تهدد الأمن المائي لهما، بل وربما تؤثر على مستقبلهما وأمنهما القومي.

ويعقد مجلس جامعة الدول العربية -على مستوى وزراء الخارجية- اجتماعا “غير عادي” بالعاصمة القطرية الدوحة  الثلاثاء- لبحث تطورات القضية المتأزمة، حيث ترأس قطر الدورة الحالية لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية.

 

الاجتماع غير العادي للمجلس يعقد بناء على طلب من مصر السودان وعلى هامش الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، بحسب تصريحات السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية.

 

وفي مقابلة مع الجزيرة مباشر -أول أمس السبت- كشف زكي أن مصر والسودان لم تطرحا على الجامعة العربية أي حديث عن عمل عسكري وبالتالي لم تناقش الجامعة أي شأن يتعلق بذلك، موضحا أن قرارات مثل العمل العسكري تمثل خيارات عليا لمتخذي القرار في الدولتين.

 

هذا التحرك المصري السوداني لمناقشة الأزمة في الدوحة؛ يأتي في ظل استمرار تعثر المفاوضات مع إثيوبيا وفشل الوساطات الإقليمية والدولية، ووسط مطالب نشطاء مصريين بضرورة التدخل العسكري.

 

فأي دور عربي يمكن القيام به لمساعدة مصر في أزمة سد النهضة؟ وما هي الأوراق التي يملكها العرب؟ وهل يمكن أن تدفع أزمة السد باتجاه دعم التضامن العربي والعمل المشترك؟

تضامن لا تكتل

في معرض إجابته عن تلك التساؤلات أكد السفير عبد الله الأشعل -مساعد وزير الخارجية المصري السابق- أن ما نحن بصدده هو نوع من التضامن العربي وليس تكتلا ضد أحد، مضيفا أن عقد الاجتماع في الدوحة يضفي عليه أهمية باتجاه توسيع رقعة التضامن.

 

وفي حديثه للجزيرة، أشار الأشعل إلى أن الدوحة لها خبرات طويلة في قضايا حل النزاعات الإقليمية والدولية، وربما رأت مصر أن دورها سيكون إيجابيا إن لم يكن في حل الأزمة فعلى أقل تقدير في إظهار حجم الدعم العربي لها.

 

وفيما يتعلق باستبعاد القاهرة للعمل العسكري، رأى الأشعل أن هناك توجها أميركيا جديدا في اتجاه تجنب أي عمل عسكري ضد سد النهضة، وتغليب المفاوضات من خلال وسطاء لكسر الجمود في عملية التفاوض.
دعم وليس عملا مشتركا

 

بحسب البرلماني السوداني السابق إسماعيل الحاج موسى، فإن الجامعة العربية أصبحت معنية بموضوع سد النهضة؛ لأنه نزاع بين إثيوبيا ودولتين عربيتين.

 

وبشأن الحلول المتوقعة التي قد يخرج بها الاجتماع، أعرب موسى عن اعتقاده أن الاجتماع سيفكر في الحلول السلمية ثم يخطط لما ينبغي عليه العمل في هذا النزاع إذا فشل الحل السلمي، بما يضمن حقوق ومصالح البلدين،

 

وإذا ما كان الاجتماع يمكن أن يكون خطوة على طريق التمهيد والحشد للدعم حال اشتعال الأمر عسكريا، يعتقد موسى أنه لا توجد أية دولة عربية ستمانع الأسلوب العسكري إذا وقفت إثيوبيا في وجه الحل السلمي وأصرت على ملء السد دون أي اعتبار لحقوق مصالح السودان ومصر.

 

من جهته؛ استبعد العميد السابق بالجيش المصري عادل الشريف احتمال القيام بأي عمل عسكري ضد سد النهضة مهما كانت نهاية المفاوضات، قائلا إن “ملخص ما أعتقده أنه لا عمل عسكريا يجاوز حالة التهديد وتهدئة الطموحات الوطنية وتسكينها”.

 

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الشريف -وهو سياسي معارض بالخارج حاليا- أن سد إثيوبيا ليس للتلهي وإنما مستهدف منه تخريب مصر مثلما تم تخريب سوريا والعراق، لتظل هذه القوى العربية مشلولة لـ20 سنة قادمة على الأقل.

مصير الحل العسكري

وتقول واشنطن إنه لا يوجد حل عسكري لأزمة سد النهضة، إذ قالت المتحدثة الإقليمية باسم الخارجية الأميركية جيرالدين غريفيث، إن المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي يجري مشاورات بهدف الوصول إلى حل مناسب توافق عليه الأطراف الثلاثة بالمفاوضات.

 

وأوضحت غريفيث -خلال تصريحات لفضائية مصرية نهاية مايو الماضي- أن الإدارة الأميركية تدرك وجود مخاوف حقيقية لدى الأطراف الثلاثة، وبالتالي تكرس أميركا جهودها الدبلوماسية للوصول لحل بموافقة الدول الثلاث.

 

غير أن رئيس حزب الجيل المصري ناجي الشهابي أكد أن الخيار العسكري ضد سد النهضة ما زال مطروحا، وقال إن مصر لم تستبعد الخيار العسكري لأن الانفراد بقرار ملء السد يشكل خطرا داهما عليها وعلى السودان، فلم توافق مصر على مدار تاريخها على إقامة سد يحتجز مياه النيل.

 

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر الشهابي أن مصر تساهلت مع إثيوبيا بحسن نية، وتفهمت حاجتها لإقامة السد من أجل تعزيز التنمية في البلاد بإنتاج الكهرباء، وليس من أجل احتكار المياه وبيعها على خلاف المعلن، لذلك بقاء مصر على الخريطة الجغرافية قد يصبح محل شك.

ولفت إلى أن انعقاد المؤتمر الوزاري العربي في الدوحة هو أفضل إعلان عن وجود تضامن عربي كامل مع مصر والسودان بشأن قضية سد النهضة، مشيرا إلى أن العرب يملكون أوراق ضغط كثيرة سواء استثمارية أو دبلوماسية.

تحركات دولية

وقبيل عقد الاجتماع في الدوحة، أبلغت مصر مجلس الأمن الدولي باعتراضها على ما أعلنته إثيوبيا عن نيتها المضي في ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل، وأكدت رفضها التام للنهج الإثيوبي، الذي اعتبرت أنه يقوم على فرض الأمر الواقع على دولتي المصب.

 

جاء ذلك في خطاب وجهه وزير الخارجية المصري سامح شكري مساء يوم الجمعة الماضي إلى رئيس مجلس الأمن لشرح مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي.

 

ويأتي تكثيف التحرك الدبلوماسي في الوقت الذي يبدو فيه أن مصر خفضت سواء من مرمى تهديداتها العسكرية أو حتى سقف مطالبها السياسية، بحسب ما ذكره موقع مدى مصر (مستقل)؛ حيث نقل الموقع عن مصدر حكومي مصري قوله إن كلا من القاهرة والخرطوم اتفقتا بشكل واضح، خلال الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية وري البلدين -الأسبوع الماضي- أن العمل متواصل في إطار استمرار الضغط على إثيوبيا وتفادي التصعيد أو التهديد بأي عمل عسكري.

 

ووفق المصدر -الذي لم يكشف الموقع اسمه- “لا يبدو أنه من الواقعي أن نفترض إمكانية الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم قبل الملء الثاني، والتحرك الآن يستهدف ضمان الحقوق بشكل أو بآخر، دون رفع مطلب الاتفاق القانوني الملزم من على مائدة التفاوض من حيث المبدأ”.

القاهرة محمد عبدالله

الجزيرة نت

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى