عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: مبارك الفاضل وعائشة موسى

(1 )
مازلت اذكر تلك الجلسة الطويلة التي اخذت كل النهار ومع ذلك (ما شفنا فيها شقا ولا طاف علينا نعاس) لأهمية الموضوع التي دعانا لها السيد مبارك الفاضل الذي كان يومها وزيرا للاستثمار ورئيسا للقطاع الاقتصادي في حكومة الجنرال بكري حسن صالح وكان الحضور مجموعة كبيرة من الاعلاميين ومجموعة من رجال الاعمال السودانيين المشتغلين بالزراعة ومجموعة تكنوقراط من الوزارات الاقتصادية حيث قدمت لنا ورقة عمل كاربة نبعت من رجال الاعمال واجازها وزراء القطاع الاقتصادي وهي عبارة عن برنامج رباعي أن لم تخن الذاكرة به تفصيل دقيق لنهضة زراعية حقيقية تعتمد على محاصيل محددة مع صناعة تحويلية ومصادر تمويل محددة بدقة واسواق مضمونة محصلتها فوق العشرة مليارات دولار في المدة المحددة ولم تكن فيها اي مبالغة وفي غاية الاقناع لمن يعرف الف باء الاقتصاد السياسي.
(2 )
الشهادة لله لقد كان مبارك الفاضل ايامها في غاية الحيوية ويمدنا بأخبار تحركاته اولا بأول يوم في الضعين للوقوف على تجربة الفول السوداني مع الفرنسيين و هشام صالح يعقوب ويوم في سمسم بشرق السودان للوقوف على محاصيل الشركة الافريقية ويوم في ابي نعامة مع شركة البرير فالتناغم الحكومي مع القطاع الخاص كان على اشده وقد كان المبارك مبذولا لكافة اجهزة الاعلام مما اوجد سندا قويا لبرنامجه الاقتصادي ويبدو انه كان على ذات التناغم مع الفريق بكري دون البشير واظن من هنا حدثت الثغرة التي تمت بها الاطاحة بحكومة بكري وخروج المبارك من الحكومة وبالتالي اندثر ذلك البرنامج الواعد . كلامي عن البرنامج الاقتصادي وبشائره حقائق وقفت عليها بنفسي لكن كلامي في الجانب السياسي مجرد تحليل فليس لي معرفة تامة بكواليس السياسة يومها ولكن المتفق عليه أن الوضع السياسي كان في غاية الاهتراء وان البشير كان منفردا بالقرار.
(3 )
الذي انا بصدده اليوم وهو امتداد لما ذكرناه في اليومين السابقين من أن الحكومة الانتقالية يمكنها أن تتبنى ذات البرنامج فكل المعطيات موجودة ونفس رجال الاعمال الزراعيين اكرر الزراعيين موجودون رغم المضايقات التي حدثت لهم ليس هذا فحسب بل ايدولوجية الحكومة القائمة على الليبرالية الجديدة تجعل ذلك البرنامج مفصلا عليها والأهم من ذلك خروج البلاد من عزلتها وتحريرها لكافة العناصر الاقتصادية سوف يوجد تربة اكثر خصوبة لذلك البرنامج فكل المطلوب هو أن تتجه الحكومة للجبهة الداخلية وللزراعة التي رفعتها شعارا ومحركا للاقتصاد والأهم من كل هذا يمكنها توسيع قاعدة المشاركة وادخال المزيد من الشركاء الاقليمين والدوليين.
(4 )
مشكلة الحكومة كما ذكرنا وذكر غيرنا انها غرقانة في النظر للخارج وترى أن الحل لكل مشاكل السودان يأتي من الخارج وفي هذا بعض الحق لأن السودان قد تأذى من الخارج بصورة لم تحدث لبلد من قبل ولكن بعد أن اطمأنت الآن للخارج ونجحت في كسر طوق العزلة فما الذي يمنعها من الالتفات للجبهة الداخلية ؟ اخشى ما اخشاه أن يكون في الامر مؤامرة تلوي عنق متخذ القرار وتجعله مشدودا للخارج ومنصرفا عن الداخل . اصدقكم القول لقد افزعني قول السيدة عائشة موسى في خطاب استقالتها من أن البلاد تديرها (قوة خفية) فعائشة كانت رأس دولة تعمل من داخل القصر الجمهوري وبمقدورها استدعاء وزير الدفاع والداخلية ومدير جهاز الامن والمخابرات تتحدث ومن منبر سونا الرسمي عن (قوة خفية) تدير البلاد . اها نحن تاني نقول شنو؟

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى