حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: قانون لتنظيم الممارسة الديمقراطية

بعد أن أكد المحامي الضليع نبيل أديب رئيس لجنة التحقيق في فض الاعتصام على الحق فى الاحتجاج باعتباره أساس كل الحقوق ولا يجب انتهاكه أو منعه، مضى بحسب صحيفة الحراك السياسي الى المطالبة بضرورة إصدار قانون يكفل حرية الاجتماعات والتجمعات العامة والمواكب السلمية، وقال يوجد قانون مقترح ولكن لا يوجد من يحاول تغيير القوانين الأمر الذي يقود إلى خلق حالة من التصادم، داعيا الى ضرورة تنظيم حق الاحتجاج بكل صوره حتى لا يخل بحقوق الاخرين المستخدمين للطرق العامة، وأوضح أديب الذي ظاهره لفيف من القانونيين فى طلبه هذا، اذا تم الاحتجاج بأية صورة من صور الاحتجاج، تظاهرة كانت أو موكبا أو اعتصاما أو وقفة احتجاجية، بشكل لم يعرقل مصالح المواطنين ولم يغلق الطريق العام أو يعرقل المرور عليه، فان مثل هذا الاحتجاج يعتبر حضاريا ولا يستدعي تدخل أي جهة، أما اذا تم الاحتجاج بصورة أضرت بالاخرين وعطلت المرور ففي هذه الحالة يحق التدخل بما يحفظ للاخرين حقوقهم فى الطريق العام، واياك أعني أيضا والحديث لي وليس لنبيل أديب يا قيادة الجيش التي كثيراً ما تؤذي المواطنين باغلاق عدد من الطرق الحيوية وتعطل مصالحهم لمجرد هواجس وتوجسات..
ما طالب به المحامي نبيل أديب وأيده فيه عدد من القانونيين، اعتقد أنه طلب وجيه وموضوعي، لا ينتقص من حق الممارسة الديمقراطية بكل أشكال هذه الممارسة وانما يسعى لتنظيمها، ومن هنا تأتي أهمية صياغة واجازة قانون ينظم هذه الممارسة حتى تتم بطريقة حضارية منظمة وسلمية، فالديمقراطية لا تعني الفوضى وممارستك لها لا يجب أن تؤثر سلبا بغيرك، فحرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الاخرين على قول الفيلسوف مونتسكيو، وما دمنا اليوم بين يدي ديمقراطية رابعة وليدة، حري بنا أن نعتبر بما حدث للديمقراطية الثالثة، اذ لم يجهض الديمقراطية الثالثة من بين مجهضون آخرون الا الاشتطاط في ممارسة الديمقراطية من قبل الديمقراطيين أنفسهم، وهذا ما نخشى تكرار حدوثه مع ثورة ديسمبر أبريل العظيمة، فقد أضرت أيما ضرر الاضرابات الكثيرة والوقفات الاحتجاجية المتوالية والبيانات المتواترة بالديمقراطية التي ولدت من رحم انتفاضة أبريل 1985، علاوة على الاختلافات والصراعات التي دبت بين مكونات الائتلاف الحزبي الحاكم حينها، الأمر الذي زاد من تضعضع النظام الديمقراطي على هشاشته فأدى ذلك لاجهاض التجربة من بين مجهضات ومجهضون آخرون هم أصلا أعداء للديمقراطية، فما بال الديمقراطيون يعينونهم على اجهاضها، وهذا ما نتخوف منه الآن بأن يؤدي الاستعجال لتحقيق أهداف الثورة كاملة غير منقوصة لاسقاط ليس الحكومة وحدها بل الثورة نفسها وهي بعد في المهد طفلة، علما بأن أكثر ما تحتاجه الفترة الانتقالية هو الهدؤ والاستقرار لممارسة أعمالها العسيرة والثقيلة في جو معافى لا تكدره اضرابات ووقفات احتجاجية ولا تشوش عليه المسيرات التي تعطل الاعمال ويتأذى منها الاخرون، وعليه يبقى لزاما على الديمقراطيين والثواران كانوا فعلا حريصين على ثورتهم وديمقراطيتهم الوليدة، أن لا يكونوا عونا لأعداء الثورة والمتربصين بها وما أمكرهم وأخبثهم، بتقديم نماذج حضارية للممارسة الديمقراطية..

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى