صباح محمد الحسن

صباح محمد الحسن تكتب: من عطبرة يجدكم بخير

لم تكن عطبرة مدينة تسريح على نهر النيل ، لتتكيء خنوعاً وخضوعاً لحكومات متعاقبة ، كانت عطبرة ومازالت صوت السودان النابض بالثورة ، تبقى دائماً عطبرة هي الموقف الذي لا يتبدل ولا يتغير ولا يلين صوت صهلته العزة والكرامة ، هي شرارة التغيير التي انطلقت وقضت على (الأخضر واليابس)، هي اول من حرقت دار وشعار المؤتمر الوطني لتعلن من نهر النيل انهيار الإمبراطورية العظمى لنظام وأمن المخلوع.
كانت ومازالت المدينة القابضة على (جمر الثورة ) بها شرفاء وكرماء لا يساومون على الوطن مهما بلغت الأوجاع مداها.
حلمت عطبرة مثلها وبقية مدن السودان بحكومة قوية بحجم ما يحمله شبابها في دواخلهم من ثورة صادقة ، وخُدعت عطبرة وصدمت وتأسفت ، بوجود حكومة عجزت عن تحقيق اهم مطالب الثورة ، يتابع شباب عطبرة كغيرهم من شباب الثورة ضياع ( حق الشهيد ) وعدم محاكمة الجناة من رموز وقيادات النظام المخلوع ، وتدهور اقتصادي عميق ، حقائق موجعة وصادمة ، حدثت ومازالت في ظل وجود حكومة تقف عاجزة تماماً، تركت الامر لسلطة العسكر الذين يريدون ان تعبر المركب بثقوبها، لتتبدد احلام وتتبخر طموحات الأمل والرجاء للعيش في دولة ديمقراطية تتنفس السلام والحرية والعدالة.
وأصدرت مقاومة عطبرة بياناً تزامن مع زيارة رئيس مجلس الوزراء الى ولاية نهر النيل يرافقه وفد من حكومته ، القارئ للبيان يدرك ان عطبرة يمكن ان تعلن صافرة بداية جديدة قد لايتوقعها حمدوك ووفده ، لطالما انهم مازالوا لايرون الثقوب في المركب ، ويصرون على رفع شعار وشراع العبور والانتصار ، بالرغم من استغاثة الشعب الذي يخشى الغرق
والبيان يقول ( بداية نحن مع الحكم المدني الذي يلبي طموحات الثورة ويحقق أهدافها، ويحترم دماء شهدائها ويراعي مصالح الوطن ،وضد كل تلاعب سياسي، وتمييع للقضايا الثورية المهمة ، وجعل حياة المواطن جحيم لا يطاق كما يحدث الآن ،إن هذه الثورة السلمية النبيلة ، لم تقم من أجل ما يحدث الآن من تراخي وتراجع وارتداد عليها ، لم تخرج من أجل وعود براقه ، وصرف بزخي ، وفساد يزكم الأنوف، واهدار للمال العام بطرق أقبح من الماضي القريب ، ومطامع شخصية ، ومحاصصات دون الحد الأدنى من المسؤولية التي تضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
بل ثورة من أجل الشفافية، والعمل الجاد لبناء وطن يتشارك فيه الجميع لرفعته، ويتعايش فيه انسانه بكل كرامة وأمن ومحبة له، إن لجان مقاومة عطبرة ظلت على الدوام لا تخالف مبادئ الثورة ، ولا تنحني لأحد مهما كان موقعه ومكانته ، ولن تكون أداة لألعاب سياسية قذرة ، ترفع من شأن هذا ، وتمجد ذاك ، لتبيع قضايا الشارع الصابر، وتساعد على تغبيش وعيه، من أجل بعض الأهداف الخرقاء.
عامان منذ انتصار الثورة ، ولا جديد يذكر ، بل قديم مؤلم هدرت فيه دماء الشرفاء ، على شوارع الوطن بعدالة مشروخة ،وحكومة نصفها ملطخ بالدماء ، والنصف الاخر خانع ومتواطئ ولاهث خلف المصالح الشخصية ، لا يقوى على فعل شئ ، ورئيس وزراء وجد كل السند والدعم من الشعب كما لم يجده احد من قبله ، ورغم ذلك ظلت كل القضايا الثورية معلقة، والوضع المعيشي من سيئ الى أسوأ ، بتبريرات قبيحة وفطيرة لا ترقى لمستوى نضال الثوار ، يدعمها بعض المصلحجية والمطبلاتية ، أصحاب الدوافع الشخصية ، وصفاقين كل الحكومات ما زالت العدالة غائبة في وجود نائب عام ، فاحت الروائح الكريهة حوله ، واذكمت الانوف وطالب الجميع بإقالته ، ورئيسة قضاء لا حول لها ولا قوة ، ولا تختلف عنه في شئ.
هذا جزء من بيان لجان مقاومة عطبرة ، الذي يعتبر صافرة تحذيرية لقطار عطبرة ، الذي ان تحرك هذه المرة صوب الخرطوم سيعلن ميلاد جديد لثورة جديدة ( لنج ) لاتقبل ان تكون لافتاتها تحت شعار تصحيح المسار ، بل ستكون لتغيير المسار تغييراً جذرياً ، بيان لجان مقاومة عطبرة يعد درساً بليغاً يقدمه الشباب هناك الى رئيس الوزراء ، ولكل من تسول له نفسه او تحدثه كذباً ان الثورة في غيبوبة او تحتضر ، فالثورة حية نابضة لطالما ان ثمة من يكتب حديثاً عميقاً كهذا البيان فإن فهم حمدوك الدرس، سيكون محظوظاً وان تجاهل هذا البيان، قد لا يكون هناك متسع ووقت حتى لترتيب حقيبة السفر .
طيف أخير :
وانت من وين ؟
فيك من طبع الاسد
الحاشا ماختا الضرا
نزلتا زي صبة مطر
سقت الصحاري الفي الخلا
الحرق الدار والشعار
هز َّ(الشجر ) خلل جذورو وميلا
وقلت من وين ؟
عطبرة

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى