محمد عبد الماجد يكتب: عندما يصرخ حسن إسماعيل وحده!!

(1)
اقر ان ثورة ديسمبر المجيدة ادهشتني بدءاً بجيلها الفدائي الجديد، وبالتضحيات الكبيرة التى قدمتها الاجيال القديمة وهي تدفع بابنائها الى شوارع المواكب وميادين الاعتصام وهم يدركون بالمصير الذي ينتظرهم والنظام وقتها ينشر المليشيات والتاتشرات والعسكر في الطرق والاحياء والاسواق.
اقر الآن ان دهشتي اكبر بثورة ديسمبر المجيدة وافتخاري اعظم والشعب السوداني مع كل تلك المعاناة والابتلاء يبقى متمسكاً بثورته، فخوراً بها بعد ان تخلص من نظام فاسد وقمعي كان يتاجر في الدنيا ويتاجر في الدين ايضاً.
هذا الصبر وهذا الجلد على كل ما يتعرض له الشعب يبقى وساماً على ثورة ديسمبر المجيدة التى فضّلت هذه الاوضاع بكل متاعبها وازماتها على الشعور بالحنين الى الماضي – ونحن شعب نحنُ للماضي بصورة طبيعية وتلقائية، حيث عندنا كل زمن ماضي هو الزمن الذهبي – هكذا نفعلها في الرياضة ونفعلها في الفنون والاقتصاد وحتى العلاقات الاجتماعية. نفعلها في كل شيء عدا الحنين الى زمن كاذب أشر – لم نشهد فيه غير الفساد والقمع وتكميم الافواه وتمزيق السودان وتفريق اهله.
(2)
اطربني وزير الاعلام السابق في العهد البائد وهو يكتب عن ذكرى 11 ابريل – حسن اسماعيل – والذي وجد نفسه في غفلة من الزمان من (اللفة) يقفز ليكون (وزيراً للاعلام) في حكومة كان اعلامها عبارة عن (حكامات) تعمل بنسق واحد. حسن اسماعيل اغرته هذه الاوضاع وتلك الازمات ان يخرج على طريقة (جاء اسماعيل يبدو بسمة في شفتيه) او (طرحة) لا ادري، وهو يكتب في ذكرى 11 ابريل – والتى يجب ان يفتخر بها كل سوداني حر وان اوصلتنا الى حطام . كتب اسماعيل تحت عنوان (ذكرى (11) ابريل البشير وحده من يبتسم !!).. ماذا تنتظرون من شخص كان الناطق الرسمي لحكومة ذلك المبتسم. ان كان البشير مازال يبتسم في سجن كوبر فان ذلك هو سبب الى ما اشار اليه حسن اسماعيل من معاناة ومتاعب – لو انجزت الثورة ملف (العدالة) لما بقى البشير مبتسماً في سجن يشكو فيه من البعوض وقطوعات الكهرباء ومن رداءة الوجبة الواحدة.
على ماذا يبتسم البيشر؟ هل يبتسم على سمسرته في العملة الصعبة وهو رئيس؟ ام يبتسم على الابادات التى تمت في عهده ومازالت المحكمة الجنائية تلاحقه بسببها؟
يبتسم على فصل الجنوب؟
ام على 28 ضابطاً اعدموا في 28 رمضان؟
قد يكون البشير تذكر (البركاوي) الذي صرفه للسفيرة البريطانية ، فابتسم على ايام (غيّه) الرئاسي.
لقد حن الشعب السوداني يوماً الى فترة عبود مع شموليته وحنوا لعهد نميري مع كل ما وجدوه منه، وبعضهم كان يحن للاستعمار – لكن لا احد يحن لعهد البشير – حتى حسن اسماعيل لا يستطيع ان يحن لذلك العهد الذي كان فيه اسماعيل وزيراً حينما كان يخرج في جولة تفقدية بربطة عنق حمراء وهو وزير للبيئة لينشر صوره بكامل الاناقة وهو في (خور) يلم معه القطط والكلاب الضالة.
(3)
كتب حسن اسماعيل بلغته التى كان يلف بها على ليالي تأبين الشهداء في بري في هبة سبتمبر 2013 قبل ان يكافأ على سكوته ليكون وزيراً للاعلام : (صبيحة الذكرى الثانية لتغيير ( 11) أبريل كان دفتر الوقائع يعج بالحادثات … وكانت كلها في سياق واحد … ـ تلاميذ وتلميذات الفاشر يحاصرون منزل الوالي ويحرقونه والوالي يختبئ في الحامية ويصدر بيانه من هناك والبشير في كوبر يبتسم … ـ في الصباح كان الشباب يطرقون بوابة مجلس الوزراء ويهزونه بعنف ويطلبون ان يخرج لهم وزير مجلس الوزراء وعندما يختبئ هذا الأخير يصيحون ويذكرونه بهتافه في ميدان الاعتصام عن أحقية كل مواطن في الكهرباء .. ذات الوزير يتزيا ليلاً ويظهر في إحدى القنوات ليبشر الناس بحل معضلة الكهرباء وقبل ان يكمل اكذوبته ينقطع التيار الكهربائي من داخل القناة ويغوص هو في الظلام ليبحث المذيع عن لسانه فلا يجد … (النور) كان في كوبر فقط والبشير يبتسم … ).
سيد اسماعيل هذه اللغة لن تمنحك منصباً جديداً في الحكومة الانتقالية – ابحث عن غيرها.
هذه الازمات التى يتحدث عنها اسماعيل يقابلها الشعب الآن بالاعتراض والاحتجاجات ..ليس كما كان يفعل نظام البشير عندما كان يطلب احتمال ذلك واحتسابه لأن هذا الذي يتعرض له الشعب السوداني اختباراً من المولى عز وجل.
كانوا يضعون مكافأة على احتمال مثل هذه الصعاب باجر وثواب في جنة يجري تحتها الانهار حيث يصل ثوابهم على ذلك لدرجة الحور العين واللؤلؤ المكنون.
هذا الذي كتبه حسن اسماعيل لو جاء من امين حسن عمر او غازي صلاح الدين لقبلنا به – فهما على الاقل عندهما شيء من القناعة بالفكر الذي ينتمان له.. لكن ان يأتي ذلك من حسن اسماعيل الوزير الذي كان يعمل بحساب اليومية في الوزارة فهذا هو العجب. حسن اسماعيل كان (وزير يومية). على حسن اسماعيل ان يرجع الى كتاباته السابقة وتسجيلاته على اليوتيوب وهو معارض لنظام البشير سوف يعرف حجم (السخف) الذي يأتي به الآن.
(4)
بغم /
لا اعتقد ان هناك معاناة منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا تعرض لها الشعب السوداني اكثر من ان يكون حسن اسماعيل وزيراً للاعلام.
النور الذي يتحدث عن غيابه حسن اسماعيل الآن بسبب قطوعات الكهرباء فقدناه في العهد البائد عن طريق التكميم والقمع والابادات الجماعية. اذا كان حسن اسماعيل لا يعرف نعمة (الخجل) عليه ان يحسن قيادة (الدراجة) بصورة افضل من هذا التى يظهر بها.

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version