تحقيقات وتقارير

سرقة أسوار المقابر.. أحياء ينتهكون حُرمات الموتى!!

لم يكُنْ أكثر المُتشائمين يتوقَّعُ أن تنحدر أخلاق بعض السودانيين وصولاً إلى سرقة أسوار المقابر، وكأنَّ الموت بكلِّ هيبته لم يكفِ أن يكون واعظاً لأُولئك اللصوص عديمي الأخلاق والضمائر. نقول ذلك وبين أيدينا حدثاً ضجَّت به مجالس المدينة خلال الأيام الماضية ولا تزال، ألا وهو جُرأة لصوص وصلت بهم (الوقاحة) أن ينتزعوا السور الحديدي لمقابر حمد النيل بأم درمان – أم بدة –، في حادثة هزَّت وجدان المجتمع وجعلت الكثيرين يتحسِّرون لما وصل إليه حالنا، وليتهم اكتفوا بسرقة جزء بسيط من حرم المقابر لكنهم نزعوا كل السياج الحديدي المنصوب فوق الحائط وكأنهم (جنَّدوا) كل (صنايعية) السودان لنزع عشرات الأطنان من الحديد القوي المُتشابك بإحكام، ما يدُلُ على أنهم فعلوا فعلتهم هذه بكامل الطُمأنينة

لدرجة تجعلك تعتقد أن هؤلاء اللصوص كانوا يخافون من الموتى أكثر من خوفهم من الأحياء، وإلا كيف استطاعوا (فكفكة) عشرات الأطنان من الحديد المُتشابك بطول وعرض المقابر دون أن يمنعهم أحد أو على الأقل يراهم فيستنكر هذا الفعل الشنيع ولو بقلبه كأضعف الإيمان..!!

يقول المواطن بُشرى أحمد علي إنَّ رحلة مأساة الإنسان السوداني تستمر حتى بعد الموت، مشيراً إلى أن (التراجيديا) تبدأ برحلة مُرهقة بحثاً عن مستشفى يستقبل (الحالة)؛ مروراً بـ(أُعجوبة) الحصول على طبيب فدواء ثم أُكسجين، ولو كنت من أصحاب الحظ السيئ ستواجهك بعد (راحة الموت)؛ مشكلة المشرحة حيث تنقطع الكهرباء فتخرج السوائل من فتحات دواليب الحفظ فتُشبِع المكان برائحة لا تُطاق لا يجد معها المشرفين خياراً سوى دفن الموتى بأيِّ شكلٍ؛ حفاظاً على كرامتهم، ويمضي بشرى قائلاً: أما إذا كنت سعيد الحظ ووجدت رحلة مباشرة إلى المقبرة دون المرور بمحطات المستشفيات و(عذاباتها) والمشرحة ومآسيها ومن ثم توفَّر لك الوقود لنقل الجثمان إلى مثواه الأخير فتأكَّد أنك لا ولن تُفلت من خطر اللصوص، الذين وصلت بهم (قوة العين) سرقة سور المقابر وهي آخر جريمة في حق الموتى حيث غاب الوازع الديني والأخلاقي.

 

ويقول مواطنون تحدَّثوا إلينا إنهم يخشون عمَّا قريب تسلُّل اللصوص إلى جثث الموتى ونبش قبورهم، فالحصول على المال أصبح هو الغاية التي تُبرِّر كل وسيلة لدى البعض، ومن هنا تنفجر الأسئلة: إذا انعدمت الضمائر لدى أولئك اللصوص فأين (السُلطان)؟؟ ألم يقُل ذو النورين سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه (إنَّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)؟؟!!.. لكن يبدو أن الحقيقة الماثلة للعيان هي أن اللصوص وأشباههم لا يأبهون لسلطان إطلاقاً وكأننا نصول ونجول في غابة..

 

وأين حرس المقابر؟ هل ناموا نومة أهل الكهف حتى خلت ديار الموتى من (متر سور حديدي)؟ بل أين جيران المقابر؟ وأين المارة؟ وأين أصحاب النخوة؟ أم يا تُرى بِتنا نعيش في بلادٍ اختلط فيها حابل الموتى بنابل الأحياء وأصبح من المستحيل التفريق بين الفريقين..!!!!

الخرطوم: ياســـــــــــر الكُـــردي

صحيفة السوداني

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى