محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: المحاصصات (العسكرية)

(1)
فترة طويلة ظللنا نشكو فيها من المحاصصات (السياسية)، والتي ألقت بظلالها بشكل واضح على الكثير من الحكومات السابقة، ليس في العهد البائد فقط، وانما منذ استقلال السودان ونحن ندور حول كنف المحاصصات (السياسية).
الاحزاب السياسية في السودان منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا هي التي قادتنا لهذا الضياع، وهي المسؤولة عن هذا الذي وصلنا له.
ظهرت اورام تلك المحاصصات الحزبية في السنوات الاخيرة لحكومة الانقاذ، وجاءت وظهرت تلك المحاصصات بصورة كبيرة في تشكيل الحكومة الانتقالية الاولى، بعد ان تقاسمت المناصب والغنائم الاحزاب السياسية والتي لم يكن لها دور في اسقاط نظام البشير إلّا بمقدار تقدمها بعد 11 ابريل 2019 لكي تتصدر المشهد بغير عمل.
الجسم الاقوى والأكثر فعالية في اعلان تجمع الحرية والتغيير كان هو (تجمع المهنيين) والذي كان نجاحه وتأثيره ناتجاً من كونه كان بعيداً عن الاحزاب السياسية، وقد بدأ تجمع المهنيين يضعف حينما تكالبت عليه الاحزاب السياسية لاختطافه ليصبح تجمع المهنيين (حزباً) داخل غطاء (مهني).
(2)
الاحزاب السياسية بمختلف تياراتها وتكويناتها – بما في ذلك حزب الامة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي السوداني وحزب الجبهة الاسلامي او الاخوان اعطتنا كلها نماذج واضحة للضعف والصراعات والتقزم والفساد، ولم ينجح حزب واحد من الاحزاب السودانية في ان يمنحنا مثالاً (داخلياً) مشرفاً حتى في الممارسة الديمقراطية الداخلية للحزب.
اما الاحزاب التي تكونت من افكار (عربية) خارجية مثل حزب البعث والحزب الناصري فهي احزاب حتى وقتنا هذا لا ترقى لأن تكون احزاباً – ما زالت تلك الاحزاب مسلوبة الارادة وبعيدة عن الهوية السودانية وهي تعبر عن افكار لم تصمد في بلادها التي جاءت منها، فكيف تصبر هنا؟
الصراع الدائر بين قيادات رفيعة في الحزب الناصري الآن يؤكد ان قيادات هذا الحزب لم يتابعوا حتى فيلم (ناصر 56)، ناهيك ان يكونوا عرفوا شيئاً من سيرة الزعيم جمال عبدالناصر.
(3)
اخطر من هذه المحاصصات (الحزبية) والتي اضرت السودان كثيراً المحاصصات (العسكرية) والتي بدأت تظهر الآن بشكل واضح.
هناك محاصصات (عسكرية) تحاول ان تسيطر على كل مفاصل الدولة، اذ اضحت الحكومة الحالية حكومة (عسكرية) كاملة الدسم.
بعد ان كان الجيش وقوات الدعم السريع يقودان البلاد ويشرفان على كل الملفات بما في ذلك الملفات الاقتصادية، جاءت الحركات المسلحة لتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع (كعكة) السلطة.
لقد تحولت الخرطوم الى ثكنات عسكرية.
الحركات المسلحة التي تم التوقيع معها على اتفاقية سلام جوبا – تريد نصيبها حتى من العاصمة الخرطوم – قوات مناوي استولت في وقت سابق على مباني الاولمبية وهي مبان محمية بالقوانين الرياضية والدولية، وهي تمثل قمة (المدنية) – حدث ذلك في مباني للأولمبية كيف هو الحال في (القصر الجمهوري) الذي اصبح معسكراً للقيادات العسكرية الى جانب قيادات الحركات المسلحة؟
محاصصات (العسكر) و(البندقية) لن تقودنا إلّا للمزيد من الحروب والصراعات.
هذه محاصصات نواتجها دائماً هي (الدماء).
السودان الآن تحكمه (البندقية)، انظروا لجولات البرهان وحميدتي الخارجية؟ سوف تجدوا ان (العسكر) يسيطرون على كل شيء.
اما تصريحات قيادات الحركات المسلحة في الخرطوم فهي تؤكد ان الحكومة نقلت (الحرب) من الهامش الى العاصمة. الأسوأ من ذلك ان تصريحاتهم تحمل التهديد والوعيد وكأنهم قصدوا ان تعيش الخرطوم في حالة من (الجحيم) كناية او قصاصاً للهامش الذي عاش هذا الجحيم في العهد البائد.
لقد فشلوا في تحقيق (السلام) في الهامش فقرروا ان ينقلوا (الحرب) الى المركز.
اما قيادات هذه الحركات فقد انتقلوا من الفنادق الفاخرة والباذخة التي عاشوا فيها في العواصم الاوروبية ليعيشوا في القصر الجمهوري… تحرسهم قوات حركاتهم، وكأنهم في (الغابة) وليسوا في العاصمة التى يتواجد فيها عدد كبير من السفارات الدولية والمنظمات العالمية.
(4)
بغم /
ثورة ديسمبر المجيدة لم تسقط (بشيراً) واحداً لتأتي لنا بألف (بشير).
لقد سقط (بشير) وجاء (نذير) يتمثل في هذه الحركات المسلحة التي تسكن في الخرطوم وتحوم قواتها بين الناس في الاسواق والأحياء بالأسلحة والذخيرة الحية.

 

 

 

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى