محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: (لالوب) القحاتة ولا(تفاح) الكيزان

(1)
] الاوضاع الآن اكثرتدهوراً وتراجعاً عما كانت عليه قبل سقوط نظام البشير ، حيث نشهد اوضاعاً تكاد تكون (مأساوية)، لولا صبر الناس واحتمالهم ،خاصة في الجانب (الاقتصادي) والجانب(الامني)، رغم الانفتاح الذي حدث بعد الثورة والدعم الخارجي الكبير الذي حظيت بهالثورة من العالم أجمع بعد رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية عن السودان، وانتهاءعهد الانغلاق الذي كان يعيش فيه السودان وبزوغ فجر الحريات والسلام، وايقاف مضخات(الفساد) التي كانت تغرق فيها البلاد. كل هذه الاشياء التي تمت كان يفترض ان تنعكس على حياة الناس وعلى الوضع الاقتصادي، لكن الحقيقة ان السلطة الحاكمة والحاضنة السياسية للحكومة لم تعرف كيف تستفيد من كل هذه الايجابيات لتقود البلاد للمزيد منالازمات الاقتصادية ونشهد ارتفاعاً (خرافياً) للدولار مقابل الجنيه الذي اصبح نسياً منسياً وسط العملات ما ارتقى منها وما هبط.
] نحن ندرك ان الأوضاع يمكن ان تكون اكثر سوءاً لو ان سلطة الانقاذ مازالت تحكم البلاد، كان التمزق والتشتتسوف يشمل كل انحاء البلاد، اذ فقدت (الانقاذ) كل الحلول وما كان لها سبيل للبقاءغير ابادة (ثلث) الشعب، مرة واحدة، غير ما فعله فيه الجوع والمرض.
] لكن مع ذلك فان الشعب السوداني بعد ان ظل مطحوناً (30) عاماً وبعد ان قدم الكثير من التضحيات من اجلالاطاحة بنظام الانقاذ يستحق حياة افضل – ينبغى ان نعيش حياة كريمة رغم ان النظام البائد عمل بكل ما اعطي من قوة من أجل ان يجعل الحياة بعدهم محال – او (جحيم) لاتطاق.
] كانوا ينتظرون ان يحمل الشعب (بقجهم) بعدهم ونعيش كما يعيش الشعب السوري والليبي واليمني الآن.
] نحمد الله ان الشعب السوداني مع كل هذه المعاناة صابراً ومتمسكاً بثورته المجيدة.
] في حياة السودانيين تبقى فترة الانقاذ هي الاسوأ في تاريخهم، اذ مازال خراب تلك الفترة يمتد الىالاجيال الحالية وربما القادمة، فقد افسدوا الحاضر كما افسدوا الماضي.
(2)
المعاناة الآن موجودة،وربما هي اكبر من المعاناة في عهد الانقاذ – يبقى الاختلاف في القبول والرضابالمعاناة في الوقت الحالي – الناس يدركون ان التعافي والخلاص لن يكون إلا بعدتجاوز هذه الازمات وتخطي كل تلك العقبات.
احدهم بعد معاناة يوم طويل – جلس يحكي لاقرانه وهو في كامل السعادة قائلاً : اصبحت الآن اشعر بالمتعةوالسعادة عندما اصل لدرجة الكمال (فل تنك) – قال انه يقف في صف البنزين، وهو يحسب السيارات التي امامه – بدءاً تبدو له المسافة طويلة وهو ينظر الى صف يمتد حد البصروهو يقف في اخره…سرعان ما يشعر بتبدد هذا الملل والضجر عندما تظهر (مسافة) بينه وبين السيارة التي امامه ويطالبه صاحب السيارة التي خلفه بان يتحرك – يفعل ذلك فيتثاقل واضح يحاول ان يبدو انه غير متهم باختزال مثل هذه المسافات – الشعور باللامبالاة في هذا الموقف امر مريح وممتع، (التقلة) نعمة.
] بعد حين حينما يعودله (الملل) ويشعر بالضجر من طول المسافة التي تبعد بينه وبين ماكينة التشغيل فيالطلمبة، ينظر الى السيارات التي تقف خلفه فيحسد نفسه على موقعه هذا – كم هائل منالسيارات يقف خلفه يمده بشيء من الصبر والاحتمال ويشعره بالسعادة.
] يمضى الوقت وهو يتنقّلبين موجات الاذاعات من محطة الى محطة، ليقطع (سرحانه) هذا من وقت لاخر جهاز (تنبيه)السيارة التي تقف خلفه وهو يدفعه للتحرك الى الامام.
] عندما تصبح بينه وبينالنقطة النهائية (7) سيارات، يشعر بشيء من الرهبة والخوف ان ينتهي (البنزين) ويقطعامداده قبل ان يصل مبتغاه.
] الآن يشعر بسعادةغامرة وامامه فقط (3) عربات.
] ليس هناك شيء اجمل في هذا التوقيت من ان يفتح (تنك) العربية – لصوته وهو يفتح موسيقى توازي مقدمات محمد وردي الموسيقية.
] يبل اشواقه، ويحقق امنيات حياته عندما يصل للمسدس – الذي يشعر نحوه بالحنين…لا يستطيع ان يتمالكنفسه يترجل من سيارته ليعيش هذه اللحظات السعيدة وسيارته تتزود بالوقود.
] ينظر الى (شاشة)الماكينة وهو يقول لعامل الطلمبة (فل تنك) – يكاد ان يطير الى السماء حينها!! هذاالاحساس ما كان يشعر به من قبل – انه احساس تهون من اجله كل المتاعب والمشاق.
] يتحرك من (الطلمبة)وعروقه تدب فيها حياة جديدة – تدير سيارتك وانت تنظر الى الوراء كأنك تحصلت علىميدالية ذهبية في الاولمبياد…توشك ان تحكي لكل من يقابلك بعظمة هذا المشهد.
(3)
] رغم استفزاز إدارة الكهرباء للشعب السوداني بقطوعات طويلة المدى – إلّا ان الناس من اجل ثورة ديسمبرالمجيدة – نسوا كل هذه القطوعات واصبحوا ينتظرون عودة التيار الكهربائي ليشعروابسعادة لا تساوي قطوعات الكهرباء معها شيء.
] قد تفوتك (مباراة) فيكرة القدم كنت تنتظرها منذ شهر بسبب قطوعات الكهرباء – وقد يفسد كل مخزونالطعام الموجود في الثلاجة.
] وربما تكون القطوعاتسبباً في اصابة اطفالك بالتهابات حادة بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
] مع هذا فان عودةالتيار الكهربائي تعيدك الى عهد (الطفولة) وانت تقفز في الفضاء بعيداً كأنك طفل فيالعاشرة من العمر.
(4)
] بغم /
] لالوب (القحاتة).
] ولا (تفاح) الكيزان.
] علماً ان (تفاح)الكيزان كان لهم وحدهم – ليس للشعب منه نصيب، إلّا بمقدار (مشاهدته) وهو فيحيازتهم.

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى