مزمل ابوالقاسم

مزمل أبو القاسم يكتب: الإسلامية.. حياك الغمام

‏* للشاعر المرهف كامل عبد الماجد قصيدةٌ جميلة، بعنوان (الزمان الزاهي)، تُضاف إلى روائعه البديعة؛ التي شدت الانتباه وخلبت ألباب عُشاق الفن الجميل، مثل (سيد الاسم)، و (تائه الخُصل)، و(أنا شن أسوَّ)، وبقية قصائده الحلوة المزدانة بأجمل المعاني.

* يقول كامل: (الزمان الزاهي مرَّ.. وعدت أيام المسرة.. وفضلت الذكرى الحبيبة.. ناره توقد مرة مرة.. حار خلاص الكون ده أصبح .. وخوفنا بكره نشوف أمرَّ.. واسه ما طايقين مرارتو.. كيف مع الجاي الأمرَّ.. كانت أم درمان وديعة.. وليله عامر بالحدائق.. البصادفك كلو ضاحك.. والبقابلك كلو رايق.. والحبايب اللينا فيها.. بالجمال لفتو الخلائق.. إلا ما قطعوا العلائق).

* ذاك كان حال البقعة عندما ولجناها قارعين أبواب جامعتها العتيقة في مستهل العام 1987، بنفوسٍ صافيةٍ، وعقولٍ نابهةٍ، وصدورٍ تذخر بالطموح.

* كانت جامعة أم درمان الإسلامية مستقرنا، ومسرح صبانا، وكانت ردهاتها تمور في تلك الأيام الجميلة بنشاطٍ سياسيٍ وأدبيٍ وفنيٍ دفاق، سيما في دار اتحاد الطلاب المواجه لمباني بلدية أم درمان في حي الهاشماب، قبل أن يتحول اسمها إلى معتمدية، فمحلية في عهد الإنقاذ.

* كانت البلاد تتكرّف نسيم الحرية في زمن الديمقراطية الثالثة، وكان طلاب الجامعة الإسلامية مزهوون بدورهم المشهود في تفجير انتفاضة رجب أبريل، التي بدأت بِهم، في زمن اتحاد (عكاشة).

* كانت رابطة الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين تزخر بالنجوم الزواهر، من طينة عبد الرحمن عبد القادر (رحمة الله عليه) والجكومي محمد سيد أحمد وطارق الجزولي وعزَّ العرب حمد النيل وشقيقه عبد الرحمن وود المبارك ومحمد عثمان مبارك وطارق منوفلي وعبد الباقي العطايا وجلال عبد الماجد وعبد الحفيظ الترابي وعبد الباري ونهلة طيب الأسماء ومواهب وسمية محمد إبراهيم ونوال الحويرص، وبقية الجيل الذي تميز بنبوغٍ مشهودٍ في العمل الثقافي والاجتماعي والسياسي، علاوةً على نبوغه المعلوم في النواحي الأكاديمية.

* على صعيد أبناء الدفعة في قسم الإعلام بكلية الآداب كان بصحبتنا الأعزاء عزَّ الدين أبو شورة والطيب سعد الدين ومعاوية عثمان خالد وفائز السليك وحسن البشاري والطاهر أبو هاجة ومصطفى أكُد وفتح العليم ومصطفى تيراب والماحي عجوة وبقية الزملاء الذين قضينا بصحبتهم أربع سنوات لا تُنسى.

* كانت دار اتحاد الطلاب تمثل شعلةً من النشاط الدافق، في الفن والأدب والثقافة والسياسة، وفِيها شهدنا أول ندوةٍ لبعض ضباط الإنقاذ بقيادة محمد الأمين خليفة وسليمان محمد سليمان، الذي اضطر لقطع مشاركته في الندوة تبعاً للهتافات الغاضبة التي قاطعته مراراً، حتى فقد أعصابه وخرج من الدار.

* في عُرصات الجامعة الإسلامية قضينا أجمل السنوات، ما بين العرضة والمدينة الجامعية والهاشماب وود نوباوي، وفِيها التقينا بقياداتٍ شابة للأنصار والإسلاميين ونجوم اليسار، مثل عبد المحمود أبوّ ومحمد المهدي وصلاح بريمة والصادق زكريا وكامل مسلم وكمال ضحوية وعبد الله بركات وأنس الطيب الجيلاني، الذي تولى رئاسة الاتحاد قبل جمعة الحربي.

* من نجوم الجبهة الديمقراطية الزميلة إشراقة مصطفى والصديق العزيز خالد عز الدين وآخرين.

* طافت بذهني تلك الذكريات الزاهية عندما طالعت خبراً موجعاً يتحدث عن مقتل طالب في جامعة أم درمان الإسلامية غيلةً بطعنة سكين أمام مباني المدينة الجامعية، مما أدى إلى وقف الدراسة وإغلاق أبواب الجامعة حداداً عليه.

* الخبر مؤلم، لجهة أن مثل تلك الجرائم المروعة لم تحدث لطلاب الإسلامية حتى عندما كانت مدينتهم الجامعية تقع (على أيامنا) في أقصى الطرف الجنوبي للبقعة، في مساحةٍ شاسعةٍ تبعد عدة كيلومترات من أقرب حي سكني، ناهيك عن وضعها الحالي، بعد أن أحاطت بها الأحياء وحفتها المباني وحاصرتها طرق الأسفلت من كل جانب.

* ألا رحم الله ابننا المغدور عبد الرحيم الصادق، الذي راح مبكياً على شبابه الغض، ونسأل المولى عز وجل أن يتقبله ويحسن مثواه، ونشكر الشرطة التي أفلحت في ضبط المتهمين بقتله في وقتٍ قياسي.

* الرحمة والمغفرة لشهيد الإسلامية، وخالص التعازي لذويه وزملائه المكلومين، ولجامعتنا الحبببة فيوض الشوق والمحبة والسلام.

 

 

صحيفة اليوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى