أحمد يوسف التاي يكتب: ابدوا بالقيادات

أشد ما يؤلم النفس أن ترى ذا الخلق الذميم يتسنم قيادة الناس ويتقدم صفوفهم، وأسوأ ما في الحياة السياسية أن ترى الفاسد الفاسق يمسك بخطامهم وهم له كارهون، فيوردهم مورد الهلكة وهم ينظرون.. فما أحطها من أمة تلك التي يتقدمها المنافقون والفسدة والقتلة والثعالب بكل مكرهم واحتيالاتهم..

لذلك اقول إن برنامج الإصلاح وتصحيح المسار لا بد أن يبدأ بإصلاح القيادات ولا يكون ذلك إلا بالبحث عن القدوة من أهل الاستقامة والنزاهة والعفة، وهؤلاء والله كثر لكن ليس سهلاً على المرء أن يجدهم لأنهم ببساطة شديدة لا يبحثون عن سلطة ولا جاه، بل يزهدون فيهما وينفرون من قيادة أمر الناس كما

ينفر السليم من المجذوم، يفعلون ذلك لأنهم يدركون تماماً مغرم بقدر المغنم، وأنها أمانة ثقيلة تنوء بحملها الجبال الراسيات، ألم اقل إن الأمر ليس سهلاً، خاصة في زمن يساق فيه الناس، (سواقة بالخلا) كما كانوا يساقون تماماً نحو (القوي الأمين) الذي ليس هو بقوي ولا أمين..

التاريخ الإسلامي يحدثنا عن عشرات القادة الأفذاذ من أهل الورع والتقوى وكيف أنهم جذعوا من السلطة وخافوا من مغرياتها عندما جاءتهم تجرجر أذيالها ومعها الدنيا طائعة ذليلة، وما قبلوا بها ولا تحملوا مسؤوليتها إلا من أجل أن يحافظوا على بيضة الإسلام، وما حملوا الأمانة الثقيلة إلا لإقامة العدل بين

الناس ونصرة المظلومين والمستضعفين وقد فعلوا وطبقوا ما جاء في بياناتهم الأولى، ارجعوا إلى البيان الأول لأبي بكر الصديق خليفة رسول الله وأمراء المؤمنين من بعده عمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز، وعدد من أمراء بني أمية وأمراء عباسيين، باستثناء أمراء من هؤلاء وأولئك سقطوا في

امتحان السلطة .

عفواً لا أريد أن اذكر حكامنا الحاليين بشعارات الثورة من الذين قالوا فيه إنهم جاءوا لمحاربة الفساد الذي استشرى، وقالوا إنهم جاءوا لتخفيف أعباء المعيشة ومحاربة الجشع والاحتكار والتغيير وبناء دولة القانون.. عفواً ما قصدت أن اذكرهم بذلك لكن أردت فقط أن اذكرهم بأن القيادات القدوة بها صلاح

الدين والدنيا، واردت أن اقول إن اردتم إصلاحاً لمؤسسات الدولة وصلاح شعبها وتجارها وزراعها وصانعيها والعاملين بها أصلحوا أنفسكم أولاً وعفوا عن مال الشعب تعف رعيتكم وينصلح حالها وإذا اردتم نجاح برنامج الإصلاح وتصحيح المسار، طهروا صفوفكم من الفاسدين والنفعيين والانتهازيين

والثعالب الماكرة وما أكثر هؤلاء في صفوفكم .

لا نريد منكم أن تحرموا أهلكم وذويكم وأقاربكم من (بيت مال المسلمين وأملاك الدولة) كما فعل (العمران) ولا نطلب منكم أن تفرضوا عليهم الزهد فيما هو تحت أيديكم، ولكننا نطمع في أن تعدلوا فذاك هو أقرب للتقوى، قد يقول قائل ما لهؤلاء العلمانيين واليساريين بتلك المبادئ، ونقول والله إنا لنحسن الظن

فيهم طالما أنهم سودانيون ويشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويصومون ويحجون ويؤدون العمرة كمان، ولن ينقطع الرجاء فيهم أبداً رغم ما يبدو هنا وهناك .. اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version