تحقيقات وتقارير

مخرجات زيارة الخمسين يوماً.. الهادي إدريس يضع “دارفور” في مرآة “الخرطوم”

الإسراع في تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير وبقية المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، لم تكن مطالبة جديدة ، لكنها هذه المرة جاءت على لسان عضو مجلس السيادة ورئيس الجبهة الثورية، د. الهادي إدريس خلال حديثه في مؤتمر صحفي بوكالة السودان للأنباء، والذي أكد فيه الهادي بأن تسليم المخلوع وبقية المتهمين هو بغرض تحقيق العدالة في قضية الإبادة الجماعية التي ارتكبت بدارفور، رئيس الجبهة الثورية أقر بتلمسه عن كثب للإستقرار الذي تشهده دارفور عقب زيارته الأخيرة التي تجاوزت أيامها خمسين يوماً، ودعا الهادي بقية الحركات التي لم توقع على السلام بضرورة التوقيع حتى يعم السلام كل السودان ، وكشف الهادي عن وجود أوضاع إنسانية متردية لمواطني دارفور بالمعسكرات ، وأشار إلى أنهم يعانون من عدم توفر الخدمات الأساسية ، وكذلك أوضاع مدارس ومستشفيات دارفور التي تفتقر إلى وجود بيئة جيدة للتدريس والعلاج- بحسب حديثه- ، وتطرق الهادي بالشرح والتفصيل لظواهر الانفلات الأمني الناشئ من انتشار السلاح في أيادي المتفلتين والمليشيات وتفشي ظاهرة “المواتر” غير المقننة.

 

المقبرة الجماعية
كشف عضو مجلس السيادة الإنتقالي؛ رئيس الجبهة الثورية السودانية، د.الهادي إدريس،عن اكتشاف مقبرة جماعية بمنطقة “مكجر” بولاية وسط دارفور، منوهاً إلي أن تلك المنطقة كان مسرحاً للإنتهاكات الجسمية التي إرتكبتها” حكومة البشير ، مبيناً أن منطقة “مكجر” تُعد إحدى مناطق التطهير العرقي ، لافتاً أنهم إكتشفوا فيها مقبرة للشهيد/ يحي بولاد ، بعد أن دلوهم اليها مواطنون بتلك المناطق ؛ وقال إنهم خلال الطواف الذي قاموا به بقرى وأرياف دارفور المختلفة للتعريف باتفاق السلام إستطاعوا أن يكتشفوا عدداً من المقابر الجماعية نتيجة الحرب في دارفور،وقال إدريس الذي تحدث في مؤتمر صحافي عقده أمس “الثلاثاء” بمباني وكالة السودان للانباء؛ إنهم تواصلوا مع رجالات الإدارات الأهلية بغية التعرف علي مفقودى الحرب والابادات التي ارتكبتها “الانقاذ “خلال سنوات الحرب بالاقليم، مشيرا الي أن رجالات الإدارة الاهلية هم نفسهم شهوداً علي المجازر التي ارتكبت، فيما رفض الحديث عن أن ثمة تميز بين مكونات مجلس السيادة، قاطعا بأنه ليست هنالك تمييز بين تلك المكونات، وأضاف أن طوافهم لمناطق دارفور تعريفاً بإتفاق السلام؛ بدأ من ولاية النيل الأبيض مروراً بولاية شمال كردفان ثم غرب كردفان ، ومن ثم إتجهوا نحو ولايات دارفور، و أشار إلي أن نقطة البداية كانت من شمال دارفور، واوضح أن ذلك التطواف شمل عدداً من القرى والأرياف ومعسكرات النازحين ووقفوا علي كافة الاشكالات بالاقليم، ولفت إلي أنهم وجودوا قبولاً كبيراً من المواطنين؛ واضاف” أكثر الفئات كانت تفاعلاً معهم وفي كل المناطق هم المرأة والأطفال، وأكد أن تنفيذ الإتفاق يؤدي الي التحول الديمقراطي وعبور البلاد نحو الغايات.

تجزئة الإتفاق
الهادي إدريس نوه إلى أن تلك التجاذبات بأنها لا تؤثر علي تنفيذ اتفاق السلام، وعن تذمر بعض اطراف العملية السلمية من عدم توليهم مناصب في الحكومة الجديدة؛ نوه الي أنهم لم يقصوا مكونا من المكونات السلام، وابان ان الذين تولوا مناصب كان نظير استحاق منحتهم له اتفاقية السلام، وتابع : “ما يثار من عملية اقصاء سببا فيه أطراف لديها اهداف ولم يقتنعوا بما جاء به نصيبهم من الاتفاق”، واردف ” هنالك مسارات لم تشارك في مكونات الحكومة كمسار الشرق، وعد ذلك امرا غير مقبولا؛ وزاد بقوله:” لا نقبل بتجزئة الإتفاق، بيد أن إدريس وعد بتضمين مسار الشرق بما فيهم الذين لم يوقعوا علي اتفاق جوبا ومشاركهم في الحكومة الانتقالية، وشدد علي عدم تهاونهم في القبض علي مجرمي الحرب وتسليمهم للعدالة، وقال” إن الأجهزة الأمنية تعاني من المقومات الأساسية التي تمكنها من آداء عملها ، وأقر أن الأجهزة الشرطية تعاني من توفير من وجود متحركات لآداء واجبهم، واضاف ” الشرطة في دارفور تؤدي واجبها في وضع بائساً “، وأشار إلى أن مناطق عديدة من دارفور تعاني من مقومات التنمية التي تجعل الإقليم يذدهر، ولفت إلى أن ثمة فرص لمجابهة التحديات التي تعيق الفترة الانتقالية، ونوه إلى أن أولى تلك الفرص قوات حركات الكفاح وذلك لحفظها للأمن بالإقليم، وتوقع أنها ستساهم في توفير الأمن في دافور فضلاً عن المنطقتين.

تفاقم أزمات
وفي صعيد آخر يتعلق بالخدمات وطبيعة الصراع القبلي، قال إدريس إن الصراعات القبلية تعتبر أهم عائقاً وتحدياً أمام تنفيذ إتفاق ” سلام جوبا”، واعتبر” بأن مشكلات الأرض والحواكير تمثل هي الأخرى عائقاً” مبيناً أن هنالك من يقوم بتنصيب نفسه سلطاناً علي حواكير وأرض لا يملكها، الأمر الذي يؤدي إلي تفاقم الأزمات والصراع القبلي ، مستدلاً بما حدث مؤخراً في منطقة سرف عمرة” ، متهماً السلطات المحلية بالمنطقة بالتساهل في حسم القضية، مشيراً إلي أن بعض الناس لا يريدون أن يلتزمون بمسألة الحواكير، ودعا إلى الأسراع في تنفيذ برتوكول الحواكير حلاً لقضية الصراع القبلي بدارفور ، منوهاً إلى أن الأوضاع الانسانية في دارفور متأزمةٌ جداً وتحتاج الى تحسين، وشكا من عجز الحكومة في توفير المواعين الإنسانية اللازمة علي القدر الذي كانت تقدمه المنظمات الدولية، وأوضح أن النازحين الذي تحدثوا معهم شكوا من انعدام الخدمات، ونوه إلى أن الناس في دارفور لازالوا يعانون من رداءة البنية التحية للتعليم، واضاف ” هنالك مدارس ليست بها فصول و الطلاب يدرسون في الفضاء” ، ورسم إدريس واقعاً مظالماً عن واقع الوضع الصحي للعدد من المناطق التي زاروها حيث جزم بأن ثمة مستشفيات تفتقر حتي الأسرة فضلاً الوضع الصحي لتلك المستشفيات رغم تكدس المرضى.

 

الأجسام الثورية
ثمة جهود تقوم بها أطراف العملية السلمية في الجبهة الثورية فيغضون المرحلة المقبلة لجلب موارد وتمويل خارجي لتنفيذ اتفاق جوبا، أعلن عنها الهادي إدريس خلال المؤتمر الصحفي ولفت إلى أنهم كحركات كفاح مسلح أنهم متماسكون وليست لديهم أي انشقاقات داخل أروقتها بمختلف مسمياتها ، في ذات الوقت قطع بأنه لا يمتلك أي ضمانات تضمن مدى الإستقرار وعدم الإنشقاق، وأقر بوجود انفلاتات بمناطق دارفور المختلفة فضلاً عن وجود سلاح في قبضة متفلتين ومليشيات، وأردف ” بإقليم دارفور ظلت مسألة تنجنيد المليشيات موجوداً غير أنه عاد وذكر أن دور تلك المليشيات إستنفد وليست لديه غرض فضلاً عن لم تعد تجد دعماً من جهات عديدة”، ومضي قائلاً: ” تلك المليشيات جزء منها لم يتم استيعابها في القوات المسلحة ولازالوا يحملون السلاح ” ، وقال إن الحكومة كخطوة إستباقية أمامهم خيارين إما أن ينضموا لقوات الكفاح المسلح الموقعة علي اتفاق السلام بكامل عتداهم ؛ وإما أن يكونوا جسم ويتحايلون علي الحكومة ويعتبروا أنفسهم موقعون علي الاتفاق ، مشدداً أن تلك التفلتات ستتوقف قريباً وذلك من خلال اجراءات الترتيبات الأمنية ، وقطع أنهم لا يسمحون بوجود قوات مسلحة خلاف الأجهزة الأمنية وموجودة في المدن ، ونوه إلى أن تعدد المكونات السياسية للحكومة الحالية كان سبباً وراء تأخير إستكمال هياكل السلطة بما في ذلك المجلس التشريعي القومي، وأضاف” تأخير التشكيل بسبب المشاورات التي تجرى بين الأجسام المتعددة هذه، وتابع : نسعي إلى تشكيل مجلس تشريعي شاملاً بمشاركة كافة الأجسام الثورية التي لها دورٌ فاعلٌ في الثورة “.

 

النزاعات القبلية
عضو المجلس السيادي الهادي إدريس، قال إن الهدف الرئيس من الزيارة إلى تلك المناطق والتي إمتدت إلى أكثر من خمسين يوماً ؛ كانت بغرض تنفيذ أهداف،عديدة بدءً من التبشير بالسلام الذي وقع بينهم والحكومة الانتقالية، وتمليك إتفاق جوبا لسكان تلك المناطق، بجانب معرفة الأوضاع الأمنية والانسانية لتلك الولايات ، فضلاً عن معرفة هموم وأولويات الشعب السودان ممثلاُ في سكان تلك المناطق المختلفة،مبيناً أن تركيزهم فيما يخص مسألة الأمن بشرح ما جاء في بنود الترتيبات الأمنية، وأكد أنهم شرحوا لأهلهم التدابير التنموية التي أتت بها إتفاقية جوباً وتعمير ما دمرته الحرب فضلاً التمييز الإيجابي في ذلك، مشيراً إلي أن زياراتهم أيضاً ركزت على شرح مسألة البرتوكول الخاص بالأراضي والحوكير والنزاع فيما بين المواطنين سيما النزاعات القبلية الجغرافية، مبيناً أن تلك الزيارة ركزت علي ايضاً علي محور العدالة الذي بات الشاغل الأساسي لأهالي دارفور ، وتابع: ” نحن نعلم جيداً أن السلام لا يمكن أن يكون دون تحقيق العدالة بين المكونات” واضاف ” شرحنا لهم أمر العدالة بدءً من مسالة المحكمة الجنائية والمحكمة الخاصة بقضايا الحرب في دارفور التي يجب أن يتم إنشاءها وفقاً لنص إتفاق جوبا”، وابان أنهم كأطراف عملية سلمية يرون أن محور الحكم به إخفاقات جذرية الأمر الذي جعل مؤتمر الحكم يكون إحدى بنود إتفاقية جوبا.

 

تحديات الاتفاق
الطواف والدخول الى معسكرات النزوح المختلفة قال عنه إدريس أنه كان أمراً عصياً ، إلا أنه قال أنهم إستطاعوا أن يدخلوها ويلتقوا بقادة النازحين، واضاف ” بعض المعسكرات لأول كان يدخلها مسؤول إلا أننا دخلنا بطريقة عفوية “، واردف حرصنا علي لقاء الادارات الأهلية بغية إشراكهم في عملية السلام من واقع أنهم شركاء إصيلين” ، وأكد أنهم إستطاعوا أن يغطوا نسبة 95% ولاية جنوب دارفور في تلك الزيارة، بيد أنه ذكر أن الولاية الوحيدة التي لم تجد حظاً وافراً من الزيارات تلك ولاية غرب دارفور؛ نسبة للإنفلات الأمنى بها في تلك الأيام بسبب أنهم زاروها عبر البر ولم يستطيعوا عقد لقاءات جماهيرية بها ، واضاف ” إكتفينا بزيارة حاضرة الولاية برفقة بعض قادة الأجهزة الأمنية وولاة بعض الولايات بدارفور”، واعتذر ادريس لموطني الولاية بأن الظروف الأمنية حالت دون أنهم يلتقون بهم تحوطاً من الإنفلاتات التي يمكن أن تحدث، وقال: ” إن ثمة أرضية كبرى لتنفيذ إتفاق جوبا فضلاً عن التفاعل الكبير الذي أظهره مواطنوا دارفور، ولوح إلي أن هنالك تحديات كبيرة أيضاً تواجه تنفيذ الإتفاق ممثلاً في تنفيذ إتفاق خاصة ملف الترتيبات الأمنية، وقطع أن عدم الإسراع في تنفيذ ملف الترتيبات بدوره يزيد من التحديات والمخاطر التي تجابه اتفاق جوبا.

الرتب العسكرية
وكشف عن أن ثمة حركات لم تكن موقعة على اتفاق جوبا بيد أنها تدعي أنها موقعة وهي تحمل السلاح، وقلل من قدرة قادة الأجهزة الأمنية في التمييز بين الحركات الموقعة على اتفاق جوبا والتي لم توقع، وأشار إلى أن عدداً من المليشيات تم تجنيدهم في أوقاتٍ سابقة تذمرت من عدم تضمينها في الترتيبات الأمنية، وأضاف: هذه الفئة حاولت تتحايل وتنتحل اسم حركات موقعة وهي موجودة داخل المدن بكافة ولايات دارفور” ، وأردف” وجود حركات مسلحة يشكل مخاطر كبيرة، ونوه إلى أنهم شرحوا للأجهزة الأمنية كيف أنها تفرق بين الأجسام التي تحمل السلاح، وتابع: ” من خلال زيارتنا بالبر لاحظنا أن أشخاصاً يُمتطون دراجات نارية يحملون سلاح وأغلبهم من الذي يقتلون الناس” ، ومضي قائلاً : ” رأينا ظاهرة خطيرة متمثلة في بيع الرتب العسكرية وهي أصبت كالسلع تباع في الأسواق” ، واردف” من السهل شراء رتب عليا وإعبتر ذلك بمثابة واحدة من الظواهر السالبة”.

 

واكد أن قوات الحركات الموقعة علي الاتفاق ظلت تتحلى بالإنضباط والتعاون فضلً عن التنسيق التام مع الأجهزة الأمنية بما في ذلك القوات التي حضرت الي العاصمة، وابدى تذمراً واضحاً من عدم الإسراع في تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية وقال إنها تشكل إحدى المخاطر وتؤدي الى تفلتات.

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى