عبداللطيف البوني يكتب: خليك واضح يا جميل

(1 )
لم يكن خفيا على المراقب الحصيف أن الحكومة الانتقالية ممثلة في الدكتور حمدوك والدكتور إبراهيم البدوي وخليفته هبة ومن خلفهم حاضنة (رمادية) غير معلنة، كانت مستبطنة سياسة صندوق النقد الدولي من يومها الأول لأنها السبيل الوحيد لرضاء (المجتمع) الدولي، أما حكاية القائمة الأمريكية الملعونة والإرهاب وحقوق الإنسان والأقليات الدينية والتطبيع فهي مجرد محطات في الطريق بدليل انه بعد الخروج من القائمة والتطبيع وإعطاء كافة الضمانات المطلوبة للغرب ظلت المؤسسات المالية الدولية والمانحون والأصدقاء يتفرجون على السودان ويسرفون في الوعود لا بل حتى المنحة التي بذمها لنا الأشقاء العرب أوقفوها، بعبارة أخرى ظل الحصار على ما كان عليه أيام البشير وأشد . فأوصولوا الشعب مرحلة (الفونا بالانجليز أو المسيح أب عين) كما قال الحاردلو في آخر أيام الدولة المهدية.
(2 )
كان ينبغي على الحكومة الانتقالية ممثلة في المذكورين أعلاه ان تكون واضحة وتقول للشعب إن فك العزلة وعودة البلاد لأحضان العالم الغربي والاستثمارات والمنح والإعانات وإعفاء الديون وغيرها يتطلب الهبوط بجناحين سياسي يتمثل في الخروج من القائمة والتطبيع والذي منه وجناح اقتصادي وهو القبول بروشتة الصندوق، ولكن وجود قحت كحاضنة مع بقايا يسار في مكتب حمدوك ومعارضة سياسية متمثلة في الحزب المحلول وشوية الخلاف المدني العسكري جعلها تراوغ وتلف وتدور في الجانب الاقتصادي فكانت أكبر عملية تمويه هي رفع المرتبات بنسبة خيالية بدون مبرر ظاهر حتى بدون مطلب نقابي، فكان ذلك بمثابة الطعم، هذا في عهد البدوي، ثم جاءت هبة وتمت الناقصة فكانت الخطوة الجبارة الثانية رفع الدعم عن الوقود والخبز وكان ينبغي ان يكون قون المغربية (تعويم الجنيه) في عهد هبة كي تذهب بكل وجوه القباحة ولكن ربما خطأ إجرائي او ربما لعبة قردية جعله في بداية عهد جبريل، فالمهم بالتعويم اكتملت المطلوبات.
(3 )
بتعويم الجنية يكون السودان قد قدم كل المطلوب منه سياسيا واقتصاديا كي يرضى الغرب عنه وبالفعل تبسم كل المانحين والأصدقاء والداعمين (كلها بين أقواس) والمؤسسات الدولية ولكننا لا ندري هل هي بسمة ترحاب تعني أنهم جاهزون لتلبية ما وعودوا به أم بسمة مكر معناها (أولاد الذين وقعوا)؟ دعونا لا نستبق الأحداث ولا نبالغ في سوء الظن ونقول ان (المجتمع) الدولي قام بتدويخنا الى ان أوصلنا حافة القبر لأمر يعلمه هو والنحمل معنا حسن الظن ونقول ان هذه شروط اللعبة الدولية التي ارتضيناها طوعا أو كرها ، فهؤلاء الناس يخدمون مصالحهم التي تفترض مراعاة مصلحتنا، فالضحية ايضا لها حقوق وخلونا النشوف آخرتا فالفأس وقع فوق الرأس ولكن نتمناه ان يكون بغير الجنبة الفيها الحديدة.
(4 )
أها ياحكومتنا السنية قد وصلت بنا الميس فاعلمي أن طريق التطور الرأسمالي ليس لعبة بل له مطلوبات سياسية مثلما له مطلوبات اقتصادية، فقد قدمت الاقتصادية فما عليك إلا ان تقدمي السياسية وهي الشفافية المتناهية والمتمثلة في حرية التنظيم وحرية التعبير، فالليبرالية الحقيقية ما فيها حكومة أو برلمان غير منتخب فبعد ان تركت الاقتصاد لقوى السوق يجب ان تتركي الحكم للشعب فمنذ الآن واجبك تعبيد الطريق كي تتخارجي وذلك بقانون انتخابات (مكرب) ودستور ليبرالي حقيقي ومفوضيات تهز وترز وما في حاجة اسمها أحكام استثنائية او مؤقتة وعليك بمنهج الشيخ فرح ود تكتوك الذي قبل البنت الحليوة وقبل الثعبان بعدها مباشرة شاكرا لأنعم الله. فالحكاية حزمة واحدة (ون بكتس).

 

 

 

 

صحيفة السوداني

Exit mobile version