الفاتح جبرا

الفاتح جبرا يكتب: خطبة الجمعة

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
.أيها المسلمون :
إن من نعم الله سبحانه وتعالى في هذا الزمان أن يسر للناس الاتصال فيما بينهم دون مشقة أو عناء سواء بعدت المسافة فيما بينهم أو قربت، بل أصبح بإمكان المرء أن يكلم من يريد وفي أي وقت يريد وفي أي مكان يريد، وذلك عن طريق ما يعرف بالهاتف الجوال الذي أصبح أهم وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة، وسمة من سمات التقدم التقني والصناعي.
أيها الأحباب :
لقد شاب استعمال الهاتف الجوال بعض التصرفات الخاطئة، فتحول من جهاز نتواصل به ومن خلاله إلى جهاز وفساد وإفساد، فتجد بعضهم قد جعل هاتفه مركزا لاستقبال وإرسال الصور المحرَّمة، فهو لم يكتفِ بتحمُّل وزر نفسه، بل حمَّل نفسه أضعاف هذا الوزر ممن أرسل إليهم تلك الرسائل أو المقاطع المحرَّمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا) .
كما أن الهاتف الجوال قد تحول إلى أداة قتل وذلك أن بعض سائقي السيارات صاروا ينشغلون بالهاتف عند قيادتهم ، إما بالاتصال أو بالردِّ على المكالمات، مما يترتب على ذلك حدوثُ بعض الحوادث التي ربما تؤدي إلى الموت والهلاك، والله سبحانه يقول: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾
الهاتف تحول إلى جهاز إزعاج وفتنة، هذه الفتنة لم تسلم منها حتى المساجد التي هي بيوت الله ومكان العبادة والتقرب الى الله، المساجد التي قال عنها رب العزة جل جلاله: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾
فلا تكاد تدخل مسجدا من المساجد لتؤدي فريضة من الفرائض، وخاصة عند إقامة الصلاة، إلا وتسمع الرنات والنغمات التي تنبعث من الهواتف من هناك وهناك، فتسمع العجب العجاب، نغمة هنا، ورنة هناك،حتى صار المصلي بدل أن يعيش بقلبه وروحه مع أيات القرآن، أصبح يُنقل فكره وعقله بين أصوات ونغمات تلك الهواتف في وقت يكون المصلي في أشد الحاجة إلى الخشوع والاطمئنان في الصلاة لمناجاة رب العالمين.
أيها المسلمون :
إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التشويش على المصلِّين ولو بقراءة القرآن، روى أحمد عن أبي سعيد الخدري، قال: (اعتكف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قُبَّة له، فكشف الستور، وقال: ألا كُلُّكم مُناجٍ ربَّه، فلا يؤذِيَنَّ بعضكم بعضًا، ولا يَرفعنَّ بعضكم على بعض في القراءة أو قال: في الصلاة).فإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن يُنهى عنه لأنه يُشوِّش على المصلين؟ فكيف بمن يشوِّش عليهم بهذه النغمات العجيبة
أيها المسلمون :
لابد في هذه الخطبة أن أشير إلى أمر هام ومصيبة من المصائب التي انتشرت في الآونة الأخيرة وهي ظاهرة حمل الأطفال للهواتف وامتلاكهم لها، فلقد صار الهاتف في أيدي الكثيرِ من الأطفال الذين هم دون سن البلوغ، وبمعرفة والديهم الذين يتفاخرون بأن ولدهم الذي لم يكمل الثامنة أو العاشرة من عمره له هاتفه الخاص وهذا لو يعلمون شر عظيم فهذه الهواتف التي أصبحت تحمل تقنيات متطورة لها خاصية تصوير وإرسال الصور ومقاطع الفيديو فهي من الممكن أن توظف في نقل وإرسال واستقبال الفضائح من صور إباحية ومقاطع فيديو خليعة وأفلام تروج للفواحش.
لهذا فليتق اللهَ الآباءُ في أولادهم، فهم المسئولون عليهم، فهم أمانة عندكم أيها الآباء، يجب عليكم الحفاظ عليهم، والسعي في إنقاذهم من مساوئ هذه التقنيات قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ . أيها الآباء أيتها الأمهات إنتم مسؤولون عما يحدث لأولادكم صغار السن إن سهلتم لهم شراء هذه الأجهزة ذات المواصفات العالية التي تسمح بمثل هذه الأمور فأتقوا الله فيهم .
أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى