عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: يا بجاحتك

(1 )
ما زالت الأزمة السودانية / الأثيوبية تتشكل وتتلون وتتصاعد، فقد بدأت بطرد الأثيوبيين من أرض سودانية كانوا مستأجرين لها وبالتالي لهم فيها حقوق متبقية، هذا باعتراف الطرفين، ثم تطورت بادعاء اثيوبيا بأنها نزاع حدودي أي ان الأرض التي وضع الجيش السوداني رجله عليها محل نزاع بين البلدين وهذا ما يرفضه السودان. اذ بالنسبة له أمر الأرض محسوم منذ 1902 ثم صعدت أثيوبيا لهجتها بالقول ان السودان يتحرش بها بدفع من خارجه والإشارة طبعا هنا واضحة (بيضبحو في الضحية وبيقول بااااع)، رفض السودان هذا بالقول انه لا يريد حربا مع أثيوبيا فكل المطلوب منها ان تعترف وتنفذ اتفاقية 1902 ففي هذا الحالة سوف يختفي نهائيا الطرف الذي يمارس (المديدة حرقتني )، فالشاهد في كل هذه التطورات ان موقف السودان هو الثابت والموقف الأثيوبي هو المتحرك وهذا يكسب السودان الكثير من المناعة.
(2 )
بيد أن الصادم والمفاجئ هو ان اثيوبيا قفزت قفزة هائلة في مطالبها عندما طالبت الجيش السوداني بالرجوع الى الوضع الى ما كان عليه قبل نوفمبر المنصرم، بعبارة ان يلغي الجيش السوداني إعادة انتشاره في الفشقة الكبرى والصغرى ليرجع المزارعون الأثيوبيون بآلياتهم من تراكترات وحاصدات وسيارات ومليشات مسلحة الى الفشقة (شفتوا البجاحة دي كيف ؟) حتى بعد ذلك يمكنها التفاوض مع السودان (كمان) . نعم استغل السودان الظرف الأثيوبي الرخو المتمثل في حرب التقراي فأعاد أرضه المحتلة مثلما استغلت اثيوبيا عملية اغتيال حسني مبارك الفاشلة 1995 فاستعمرت الفشقة أكرر استعمرت بدليل عقود الإيجارات الموجودة اليوم فإذن هذه بتلك . ان أقصى ما يمكن ان تطلبه أثيوبيا هو تعويضات عن خسائر مزارعيها في محصولهم الأخير وفي منقولاتهم وحتى في هذه الأمر المؤكد ان المزارعين الأثيوبيين قد كفوا عن دفع الإيجارات منذ زمن وبتشجيع من حكومتهم وكان يمكن إخلاؤهم بواسطة القانون المدني في البلدين لولا ان هناك أطماع سياسية مضمرة، عليه نعتبر مطالبة أثيوبيا بعودة الجيش السوداني لثكنات ما قبل نوفمبر2020 أمرا فيه مبالغة.
(3 )
بالطبع لا يكفي إطلاقا ان نحوقل (نقول لا حولتن) أمام الطلب الأثيوبي الغريب فمهما قلنا عن اثيوبيا فهي دولة راشدة لا يمكن أن تطلق القول على عواهنه، فبالتالي لابد من وقفة ووقفات أمام طلبها الغريب بالتحليل ثم التحوط، فجيراننا ديل معروفين بان (بطنهم غريقة) فهل أرادت اثيوبيا رفع سقف مطالبها تحسبا لتفاوض قادم؟ هل تريد اثيوبيا توحيد جبهتها الداخلية بالادعاء بأن أرض الفقشة اثيوبية فتحيي بذلك أسطورة الامهرة وأغنيتهم المفضلة ؟ هل هناك اتفاق سري بين الحكومة السودانية السابقة واثيوبيا يعطي الأخيرة حقا مكتسبا في الفشقة ؟ علما ان مثل هذه الاتفاقية حتى وإن وجدت فهي غير ملزمة لأي حكومة سودانية أخرى لأن قانون الحدود الدولي ليس فيه بنود سرية، فأي تعديل للحدود يجب ان يكون معلنا وتوضع منه نسخة في الأمم المتحدة . هل تظن أثيوبيا أن هناك انشقاقا في الرأي العام السوداني حول انتشار الجيش في الفشقة ؟ ربما سمعت أثيوبيا كلام تلك المغنية المسكينة أو الزول بتاع سلعتي الذي كشف فيه أنه لا يفرق بين السلع والسياسة. في تقديري، انه على الجهات المختصة من خارجية واستخبارات وغيرهما ان تسبر غور ذلك الطلب الأثيوبي الشاطح وكيفية تبليعه لها والتبليع من البلع (تمساح أم كبلو الضارب اللية يبلع جب وجب لخصيمه جيد ليا).

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى