تحقيقات وتقارير

يوناميد تحزم حقائبها .. و يونيتامس على الأبواب..

تحزم قوات حفظ السلام الدولية والأفريقية (يوناميد) حقائبها لمغادرة إقليم دارفور (غرب السودان) المضطرب، بانتهاء تفويضها الجمعة القادم، لتتزايد المخاوف من فراغ أمني قبل قدوم البعثة الأممية (يونيتامس) وتشكيل القوات المشتركة بين حكومة السودان والحركات المتمردة.

وبطلب من الخرطوم تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع الثلاثاء الماضي القرار رقم 2559 بإنهاء مهمة قوات “يوناميد” في 31 ديسمبر وفي غضون 6 أشهر سيغادر 16 ألف جندي نشروا منذ 2007 تحت البند السابع الذي يجيز استخدام القوة.

في الأثناء يبدأ عمل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس) مطلع العام 2021 وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2525 ومن ضمن اختصاصاتها إكمال المهام الإدارية ليوناميد بدارفور.

ورغم أن رحيل يوناميد وحلول يونيتامس جاء بطلب من الحكومة السودانية، لكن الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام ومجتمع النازحين واللاجئين في 175 معسكرا يرفضون انسحاب البعثة على ضعفها.

وفي محاولة لملء الفراغ الأمني، ناقش اجتماع طارئ بين وزيرا الدفاع يس إبراهيم والداخلية الطريفي إدريس دفع الله بالخرطوم أمس الخميس ترتيبات أمنية وإدارية عقب خروج يوناميد، وإنفاذ خطة حماية المدنيين بدارفور.
حالة تأهب

ودخلت الحكومات المحلية في 5 ولايات بدارفور في مرحلة استعداد قصوى لمواجهة الفراغ الأمني الذي سيحدثه انتهاء تفويض يوناميد، والتي كل ما سيفعله جنودها بعد أسبوع حزم الأمتعة وانتظار المغادرة.

ويؤكد والي ولاية جنوب دارفور موسى مهدي للجزيرة نت أن حكومته علقت جميع البرامج المجدولة، وأعلنت حالة الاستعداد القصوى لحماية معسكرات النازحين ومقار يوناميد وأفراد البعثة الذين سيحتاجون للحماية بانتهاء التفويض.

ويلوم الوالي الحكومة المركزية لعدم استجابتها لطلبات حكومة الولاية قبل شهرين، بإرسال تعزيزات أمنية نسبة لوجود معلومات تفيد بأن جهات تخطط لشن هجمات لنهب 6 مقار ليوناميد بالولاية.

وفي ديسمبر 2019 تعرض مقر رئيسي لبعثة يوناميد في نيالا عاصمة جنوب دارفور، بعد تسليمه للحكومة، لعملية سطو وتخريب واسعة على يد السكان المحليين.
اعلان

ويقول الوالي إن حكومة الولاية وفرت قوات كافية لحماية المدنيين ومقار يوناميد من أي هجمات متوقعة للمتفلتين (الخارجين على القانون)، كما أن وزارتي الداخلية والدفاع ستتخذان إجراءات مشابهة.

ويؤكد والي جنوب دارفور إنه بحلول مايو ستكمل قوات يوناميد بولايته الانسحاب ولن تكون هناك حاجة لها، لأن الحكومة ستوفر حماية أفضل للمدنيين وستكون قواتها على الحياد.

واعتبر اعتصام النازحين احتجاجا على سحب يوناميد بلا معنى، لأن مجلس الأمن لا يتخذ قرارات عاطفية بل وفقا للمجريات على الأرض، حيث لا يوجد حاليا قتال بين الحكومة والحركات المسلحة، وتابع “الجو مناسب لرحيل يوناميد”.
اعتصامات بالمعسكرات

في المقابل قررت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، العودة إلى ساحات الاعتصام بمعسكر كلمة في نيالا وفي 155 معسكر نازحين بدارفور و20 معسكر لاجئين بتشاد وأفريقيا الوسطى اعتبارا من غد السبت رفضا لسحب يوناميد.

ويقول آدم رجال الناطق الرسمي المكلف باسم المنسقية إنهم “قرروا تعديل جدول الاعتصام إلى السبت بدلا من الثلاثاء القادم، لإجبار الحكومة ومجلس الأمن على التراجع عن سحب البعثة”.

ويضيف للجزيرة نت أن الحكومة غير قادرة على حماية المزارعين والفصل بينهم والرعاة، فضلا عن استمرار جرائم القتل والنهب والاغتصاب، وإذا لم يتم العدول عن القرار ستستمر الانتهاكات.

ويوضح رجال أنه رغم ضعف قوات يوناميد لكنها توثق الانتهاكات عبر التقارير، وهي حلقة وصل مع الحكومة في ظل انعدام الثقة بين القوات السودانية ومجتمعات النازحين.

ويحذر من أن القوات المشتركة المزمع تشكيلها من القوات الحكومية وقوات الحركات المسلحة لن تكون قادرة على وقف الانتهاكات، قائلا “لدينا أمل كبير في تراجع مجلس الأمن”.
اعتصامات النازحين في معسكرات دارفور احتجاجا على قرار مجلس الأمن بسحب يوناميد (الجزيرة)
تعامل واقعي

وتعترض الحركات المسلحة على قرار سحب يوناميد لكنها تتجاوز محطة الاعتراض إلى مربع التعامل مع قرار مجلس الأمن.

ويقول محمد زكريا فرج الله نائب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة إن “قرار مجلس الأمن بالنسبة لقوى سلام محبط، لأنه كان يمكن الإبقاء على يوناميد لحين بدء نشاط يونيتامس المتوقع اكتماله نهاية 2021”.

ويؤكد للجزيرة نت تفهمهم منذ المفاوضات موقف الحكومة الداعي لانسحاب يوناميد لاعتبارات البند السابع المنتقص من السيادة، لكن كان يمكن التمديد للبعثة تحت البند السادس.

ويضيف أنهم سبق وطلبوا تمديد تفويض يوناميد لمقابلة تحديات الأمن والسلام وأدوار رتق النسيج الاجتماعي وتقديم الخدمات للشرائح الضعيفة المتضررة من الحرب، مثل الأطفال والنساء.

ويذكر أن يوناميد كان يمكنها أيضا لعب دور في الترتيبات الأمنية بين الحكومة والحركات حال حدوث سوء فهم بين الطرفين باعتبارها طرفا ثالثا.

وينفي نائب الأمين السياسي للعدل والمساواة عدم وجود رابط بين سحب يوناميد ودخول يونيتامس بعد تقارير أفادت باشتراط المكون العسكري ذلك، مبينا أن هذا الشرط جاء في سياق تفسيرات.

ويفيد أن بعثة يونيتامس ورغم أنها غير مسلحة، تعهدت لأطراف السلام بابتدار أنشطة مشابهة ليوناميد بمساعدة الشرائح الأكثر ضعفا لسد فجوة يوناميد.

وينوه إلى أن يوناميد أصبحت من الماضي وعلى أطراف السلام مقابلة الواقع بكيفية ملء فراغها وبحث مصير مقارها ومعداتها التي، وبحسب مسؤولي البعثة، لن تعود إلى أي جهة حكومية أو أمنية.

وينصح بالتسريع في ملف الترتيبات الأمنية لملء الفراغ، لأن اتفاق السلام ينص على تشكيل قوة مشتركة عددها 12 ألف عنصر مناصفة بين الحكومة والحركات.
نصائح للحكومة

ويتفق الأمين العام لهيئة محامي دارفور الصادق علي حسن بأن خروج يوناميد بعد قرار مجلس الأمن صار واقعا ويقول للجزيرة نت إنه رغم أن أداء قواتها كان دون المستوى، فإن وجودها كان ضروريا في ظل الظروف الحالية.

ويضيف أنه تبقت أيام قلائل لإنفاذ قرار مجلس الأمن ويجب وضع الخطط لما بعد ذهاب يوناميد، لأن أسباب نشرها لا تزال قائمة، ويقترح أن تجلس الحكومة مع النازحين وتتفق معهم على خطط لسد الفجوة في الأمن.

ويؤكد أن المجتمع الدولي وجد في تغيير البشير واتفاق سلام جوبا سانحة لسحب يوناميد والتخلي عن التزاماته الإنسانية تجاه نازحي المعسكرات لظروف كثيرة، ليس من بينها بالضرورة تحسن الأوضاع على الأرض أو زوال مسببات التشرد.

وينصح الأمين العام لهيئة محامي دارفور النازحين بالانتباه وإعادة التفكير بصورة مستقلة عن المجتمع الدولي بالنسبة لوجودهم في المعسكرات، والتعامل مع الوضع الجديد بحيث لا يؤثر خروج يوناميد على التماسك المجتمعي.

 

الخرطوم : احمد فضل

الجزيرة نت

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى