تحقيقات وتقارير

مُتضررو حرب الخليج.. اعتصامٌ بعد نفاد حبل الصبر!!

أكثر من (21) ألف سوداني أفنوا زهرة شبابهم في غُربة لا تَرحم بكل من الكويت والعراق، ذلك لأنها أتت في زمانٍ لم يكُن متاحاً من اخبار الأهل إلاّ (الجَوَّابات) ولذا كان كل يومٍ فيها يُعادل قرناً من الزمان، ورُغم رضائهم بها على مرارتها لكن في رمشة عينٍ وجدوا أنفسهم خارج الدولتين وأصبحوا منذ حوالي (30) عاماً يبحثون عن حقوقهم التي تربوا على ملياري دولار بواقع (100) ألف دولار نصيب كل فرد ، أتتهم منها فقط (4) آلاف دولار تُسمى أتعاب الطريق في عامي (1997_1998)م عبر دفعتين الأولى (2.500) دولار من منظمة الأمم المتحدة و(1.500) دولار من منظمة حقوق الإنسان.. أما مُتبقي المبالغ ضاعت سُدىً كيف؟ ولماذا؟ ومن المسئول عنها؟.. هذا ما سنجيب عليه من خلال السطور القادمة.

 

 

عرق السنين..!!
النِّقِيعة بدوي آدم (74) عاماً هاجر إلى دولة الكويت في الثامن والعشرين من مارس للعام (1981)م يقول النِّقِيعة لـ (السوداني) أنه عملت في الحدادة بشركة مبارك الحساوي لمدة عشر سنوات براتب قدرة (350) ديناراً كويتياً. وتابع في الثاني والعشرين من مايو عام (1985)م اشترىت سيارة بمبلغ (8.650) مايعادل (25) ألف دولار بعقد بيع طرفه الأول كفيلي صاحب الشركة والثاني سودانياً. ونوّه مُتحسراً أنّ سيارته قبل ترحيلها للسودان تمت مُصادرتها من الجيش العراقي الغازي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس (1990)م ليذهب شقى عُمره وحصاد سنينه هباءً منثورا، ليدخُل في حالة ذُعر داخل الكويت حتى الثامن عشر من الشهر ذاته، ليبدأ رحلة معاناة الرجوع مُجدداً وهو لايملك شيئا من المال والزاد عن طريق الأردن وبعدها إلى السودان في التاسع عشر من سبتمبر في العام ذاته. وأكَّد أنه لُدِغَ مرةً أُخرى في بلاده عند تسجيل استمارات المتضررين حيث تم تسجيله وتسليمه استمارة (مُزَوَّرة) ،ونَوّه إلى أنه يستحق الاستمارة (د) نسبةً لتعرضه لخسائر كبيرة عكس المتضرر الذي لم يترك شيئا ورُغم ذلك يمنح (100) ألف دولار ، وأوضح أنه عندما جلس مع لجنة تعويضات المتضررين التي تترأسها حينها آمال البيلي وبروف محمد عوض الكريم ليُقَدِّم مُطالبه واحتجاجه على عدم تسليمه مبالغه حتى آخر صرفية في الدفعة السابعة من التعويضات اجابوه بعبارة ( نسوي ليك شنو دا المبلغ الجابوهو ليك) بعدها طالبهم بتوقيع على مكتوب بذلك لكي يسافر لمكتب الأمم المتحدة بجمهورية مصر لتقديم شكواه لأن جميع المُستندات التي صرف بها تعويضاته (مُزَوَّرَة) وغير حقيقية وتم اكتشافها الأمر الذي أجبره لفتح دعوى قضائية في فبراير الماضي بنيابة مكافحة الفساد وأنه يمتلك بحوزته جميع المُستندات وبعد تحري وكيل النيابة معه تم رفع جواب لوزارة الخارجية السودانية ليصل ردها بجواب رقم (163) وحمله للقنصلية الخارجية في جنيف وبعد مرور (15) يوماً تم الرد من الأمم المتحدة بجنيف أن المبلغ وصل كاملاً وان اللجنة تصرفت في مبلغ ضررك ، (النقيعة ) هو نموذج لما يزيد عن (21) ألف متضرر من غزو العراق لدولة الكويت منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر على فراش الموت والمرض ، هذه الشريحة فقدت وظائفها ومصادر دخولها وتركوا أموالهم لينجوا بأرواحهم من نيران الحرب (السوداني) تجولت داخل اعتصامهم غرب مباني الأمم المتحدة بشارع الجامعة شرق الخرطوم واستمعت لماسأتهم واستنطقت جهات الاختصاص فماذا قالوا…..؟

 

اللّجنة تُوَضِّح
ويُؤكِّد رئيس لجنة مُتضرري حرب الخليج الثانية الكويت والعراق محمد مصطفى الدنقلاوي لـ (السوداني) أن عدد المتضررين حسب الإحصائيات لدى اللجنة التي يترأسها بلغ (21.010) واحد وعشرين ألفاً وعشرة أشخاص منهم (5.300) من متضرري الكويت، و(15.710) من متضرري العراق، وكشف الدنقلاوي عن صرف مساعدة من الأمم المتحدة تُسمي أتعاب الطريق بلغت (4) آلاف دولار في عامي (1997_1998)م عبر دفعتين الأولى (2.500) دولار من منظمة الأمم المتحدة و(1.500) دولار من منظمة حقوق الإنسان ، ونوه إلى أن المبالغ ليست مُدرجة في بند التعويضات، وأوضح أن المتضررين موزعين على عدد من الفئات تبدأ بــ الفئة (أ) المغادرة، و(ج) تعني فُقدان مُمتلكات، و (ب) تعني الإصابات الجسيمة والأموات، و(د) تعني رجال الأعمال، و(هـــ) تعني الحكومات، والفئة (و) تعني شركات ومنظمات، وأكد أنّ الفئة (أ) لم تصرف تعويضاً حتى تاريخ اليوم خلاف الفئات الأخرى وأن المبلغ الذي صرف للمتضررين ليس بتعويض ولم يتم خصمه من جملة المبلغ الذي يُعادل (100) ألف دولار ، بل هو مساعدة أتعاب الطريق للمتضرر ووصوله أهله، مشيراً إلى أن لجنة التعويضات السودانية التي ترأستها آمال سيد أحمد البيلي تجاهلت فئة أخرى لم تعلن عنها وهي (فقدان الوظيفة) التي رصدت لها الأمم المتحدة مبلغ (100) ألف دولار للفرد، وقال إن دعاوى الاعتصام الحالي بالأعداد المهولة التي توافدت منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي بعد استنفاد حبال الصبر وتقديم عدد من المذكرات والشكاوى للأمم المتحدة منذ العام (2005)م، منوهاً إلى أن فض الاعتصام من أمام مكاتب الأمم المتحدة مربوط بالإعلان عن تعويضات المتضررين في وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمسموعة والمقروءة، مُشيراً إلى أن تمويل الاعتصام من عدة جهات أولها وجبات طعام جاهزة من القصر الجمهوري، ودعم مالي من الأمين العام لجهاز المغتربين مكين حامد، و دعومات خارجية من المتضررين بدول المهجر برئاسة ياسر الحسن.

إخفاء مُتَعَمَّد
مُحامي مُتضرري حرب الخليج ومدير شركة سيز للخدمات القانونية الصافي بشير الصافي يقول لـ (السوداني) أنّ لجنة التعويضات التي كوَّنها النظام السابق من (16) عضواً تَعَمّدت إخفاء كشوفات المتضررين من حرب الخليج الكويت والعراق، وأوضح الصافي أن ملف تعويضات المتضررين يُعد من أكبر ملفات الفساد التي شهدتها البلاد لذلك تم اخفاؤها، وكشف عن فتح بلاغ في أعضاء لجنة التعويضات في النظام السابق من قبل النائب العام للجنة الأُممية بجنيف، وأكّد أن السفارة السودانية بجنيف خاطبت اللجنة الأممية بها وتنتظر الرد حول المعلومات الغائبة عن الجهات القانونية في السودان بدايةً من كشوفات وأرقام المتضررين، ونسبة الأموال التي تم تحويلها للمتضررين في السجلات البنكية ؟ وعلى أي حساب؟ واسم البنك؟ وكم تعادل من قيمة المطالبات،؟ هل هي (40 أم 60٪) من المبالغ الكلية ، وتوضيح عن الفئات واستحقاقاتها من واقع البيانات، مُشيراً إلى أن أعداد المتضررين تفوق الـ (21) ألف متضرر، وأن الاستحقاق القانوني للفرد يبلغ (100) ألف دولار وإجمالي مبالغ تعويضات المتضررين تفوق الملياري دولار، مُبيناً أن ملف القضية يمشي على قدم وساق وتتم متابعتها عبر مكتبي محاماة هما (سيز للخدمات القانونية المتكاملة، وازكان للمحاماة القانونية) بعدد أكثر من (20) محاميا لرد الحقوق الغائبة لأصحابها، لافتاً إلى جلوسهم مع الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج مكين حامد تيراب ووعدهم بحلول عاجلة للملف الذي بلغ (30)عاماً.

 

حلول عاجلة
الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج مكين حامد تيراب كشف لـ (السوداني) عن عدد من اللقاءات جمعته بممثلي مُتضرري حرب الخليج منذ تقلده منصب أمين عام ، ووصف تيراب ملف المتضررين بـ (الشائك) وبه عِدة تقاطعات أولها النظام البائد، المنظمات الدولية، وزارة المالية، وبنوك تجارية أسهمت في تضرُّر العديد من الأسر وتأخير عملية الصرف لثلاثة عقود من الزمان، وقال إن قضيتهم (عادلة) ونوه إلى زيارته لمقر اعتصامهم من أجل تحقيق مطالبهم، وأكد أن جهاز المغتربين يعمل على بحث كافة تفاصيل القضية، وكشف عن مطالبته بتسجيل آلية تضم كل من وزارة العدل، بنك السودان، وزارة الخارجية، جهاز المغتربين وكل المؤسسات ذات الصلة بملف تعويضاتهم لمناقشة القضية ووضع الحلول، لافتاً بأنه لا توجد مستندات تؤكد الرقم الحقيقي لقيمة التعويض حتى الآن، مشيراً سعيهم لحلول عاجلة لهذا الملف الذي طال انتظاره.

تحقيق : اليسع أحمد

   صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى