أخبار

بعد سحب الجنسية السودانية بالتجنس عن ثلاثة آلاف أجنبي.. ما مصير معارضي النظام المصري بالسودان

السودان يسحب جنسية آلاف المجنسين.. هل يسلم معارضين للسيسي

 

 

انعكست العلاقات القوية بين مجلس السيادة الانتقالي بالسودان والدول الإقليمية الداعمة له، وفي مقدمتها مصر، على الكثير من القرارات الصادرة عن المجلس، كان آخرها قرار سحب الجنسية السودانية من آلاف الأشخاص الذين كانوا قد حصلوا عليها السنوات الأخيرة.

وأصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، الأربعاء الماضي، قرارا بسحب الجنسية من 3548 أجنبيا، منحت لهم في عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وأفاد البيان، الذي نشرته وزارة الداخلية على حسابها بموقع “تويتر”، أنه تم سحب الجنسية “نسبة لتقارير طبية وأمنية سالبة، أو لأنها منحت لهم بما يخالف شروط منح الجنسية بالتجنس”.

وفي مايو/أيار 2019 قامت الداخلية بتشكيل لجنة فنية تهدف إلى فحص ومراجعة الجنسيات السودانية، التي منحت لبعض الأشخاص، خلال الفترة الماضية.

تسليم المعارضين
وربط حقوقيون وسياسيون، في تصريحات مختلفة للجزيرة نت، بين القرار وطلب السلطات المصرية تسليم بعض المعارضين الذين فروا إلى السودان في أعقاب الانقلاب العسكري عام 2013.

وصيف 2013، انقلب الجيش بقيادة وزير الدفاع (وقتها) عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي، والأخير توفي في السجن العام الماضي، ويقبع عشرات الآلاف من أنصاره ومؤيديه وحتى من معارضيه في السجن حاليا، وفر آخرون إلى الخارج هربا من الاضطهاد الأمني، وكانت أبرز محطات الهجرة القسرية هي السودان وتركيا.

ويرى حقوقيون أن قرار الخرطوم يأتي بعد سلسلة من المواءمات السياسية والعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية الجديدة التي جمعت بين السودان من جهة ودول إقليمية من جهة أخرى، مهدت لإصدار مثل هذا القرار.

ويعزز هذه التكهنات ما نقلته وسائل إعلام سعودية، عن مصادر خاصة نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قولها إنه خلال لقاءات البرهان في مصر تمت “مناقشة ملف تسليم مطلوبين من عناصر الإخوان في السودان لمصر، خلال الفترة المقبلة”.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نقلت صحيفة غارديان البريطانية -عن مصدر يعمل مع اللاجئين بالقاهرة- اعتقال العديد من المعارضين للحكومة السودانية، وخاصة من دارفور وجبال النوبة، الذين يعيشون في مصر، وتعرضهم للسجن والتعذيب ومن ثم تسليمهم لقوات الأمن السودانية.

وفي أبريل/نيسان الماضي، ذكر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن مجموعة من المعارضين المصريين، كان قد ألقي القبض عليهم من قبل السلطات السودانية، يواجهون الآن خطر ترحيلهم إلى مصر.

وأضاف الموقع أنه -وفقا لمصادر لم يسمها- قامت السلطات السودانية باعتقال وتعذيب 9 مصريين على الأقل ممن يعارضون السيسي، مما يؤكد دفء العلاقات بين الحكومتين المدعومتين عسكريا.

تبعات التطبيع
في أكثر من مناسبة، عبرت منظمات حقوقية ونشطاء عن مخاوفهم من تسليم الخرطوم معارضين مصريين إلى القاهرة، خاصة في ظل التقارب الأمني غير المسبوق بين البلدين بعد الإطاحة بنظام البشير.

ولا توجد إحصاءات رسمية بعدد الذين حصلوا على الجنسيات السودانية، لكن معارضين مصريين تحدثوا للجزيرة نت أكدوا أن غالبيتهم من السوريين الذين فروا من الحرب في بلادهم، وبعضهم من المصريين المعارضين لنظام السيسي، ولكن أغلبيتهم رحلوا عن السودان باتجاه تركيا بعد عزل البشير.

وفي هذا السياق، يرى محمد سودان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) أن السودان دخل منعطفا جديدا، خاصة بعد أن انضوى تحت راية المطبعين، ومن ثم تعاملت أميركا معه بلعبة العصا والجزرة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف سودان أن النظام الحاكم في السودان ينفذ ما يملى عليه من اشتراطات سواء إقليمية أو دولية من أجل رفع اسمه من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ومساعدته اقتصاديا، ومن بينها القرار الأخير بإسقاط الجنسية السودانية عن آلاف الأجانب.

لكن هذا المعارض المصري قلل من أهمية القرار، فيما يتعلق بالمصريين المعارضين، قائلا إن غالبية المصريين الذين فروا من قمع السيسي إلى السودان بعهد البشير فروا منه أيضا بعد إمساك النظام العسكري بمقاليد الحكم والتقارب مع نظام السيسي واتجهوا إلى دول أخرى، مثل ماليزيا وتركيا وأوروبا وكندا.

الطعن على القرار
بدوره، وصف الأكاديمي والكاتب السوداني ياسر محجوب، القرار بالمسيس والخاطئ، قائلا “معظم الذين سحبت جنسياتهم لهم توجهات سياسية أو أيديولوجية لا تتوافق مع حكومات أوطانهم الأصلية، وتعرضوا بسببها للتشريد والتنكيل ووجدوا في السودان ملاذا ومأوى، كما يجد ملايين الناس المأوى والملجأ في بلاد أخرى غير أوطانهم”.

وفي حديثه للجزيرة نت، استبعد محجوب أن يكون للداخل السوداني مصلحة من هذه الخطوة، مضيفا “وعلى ما يبدو أن القرار يحقق أجندة خارجية لاسيما الدول التي ينتمي إليها الذين شملهم هذا القرار”.

وبشأن إمكانية الطعن على القرار أمام القضاء السوداني، أوضح أن السلطة القضائية حاليا في أضعف حالاتها -للأسف الشديد- ويتم استخدامها أداة سياسية، فضلا عن أن المحكمة الدستورية العليا اليوم مجمدة ومعطلة بحجج واهية.

غير قانوني
وفي الإطار نفسه، حذر الإعلامي والناشط الحقوقي المصري هيثم أبو خليل من مغبة هذا القرار، قائلا “سحب الجنسية تهديد كبير للمعارضين، ويعرض حياتهم للخطر، لكن حتى الآن لم يقم المجلس السيادي الانتقالي بتسليم معارضين للقاهرة، باستثناء حالة واحدة محل جدل”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد هذا الحقوقي المصري أن قرار سحب الجنسية دون أسباب واقعية أو حقيقية غير قانوني، ويخالف مبادئ ومواثيق حقوق الإنسان، خاصة أن الأسباب التي أدت إلى منح الجنسية لا تزال قائمة، وهي تعريض حياة الحاصلين على جنسية للخطر في حال إعادتهم إلى دولهم الأصلية.

ودعا أبو خليل المجلس الانتقالي السوداني لإعادة النظر بالقرار، قائلا إنهم كحقوقيين يتوجسون من حدوث أي ضرر قد يلحق بمن شملهم القرار، خاصة أن حق اللجوء مكفول ونصت عليه مواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

الخرطوم(كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى