هاجر سليمان تكتب: (جبريل) و(عقار) وحكومة الدمار

جذبت انتباهى تصريحات الرجلين رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل ابراهيم، وهما شبه متفقين على انهما لم يأتوا للخرطوم غزاة ولكنهم أتوا للخرطوم من أجل السلام ومن اجل ان تضع الحرب اوزارها، وان يضعوا السلاح جانباً ويمدوا ايديهم بيضاء لتحقيق السلام والاستقرار.. هذه التصريحات بغض النظر عما اذا صدق الرجلان فى نواياهما ام لا، فهى تصريحات مبشرة ومفرحة، فعلى الرغم من ان الرجلين الآن يضعان ايديهم فى ايدي قادة عسكريين كانوا فى السابق جزءاً لا يتجزأ من الصراعات والحروبات التى شهدتها اقاليم دارفور والنيل الازرق وغيرها باعتبارهما كانوا جزءاً من حكومة البشير، الا ان ذلك لم يمنعهما من التقدم خطوة للامام فى سبيل السلام، واحسب ان الرجلين ذاقا ويلات الحروب، وفقد جبريل شقيقه قارئ القرآن الاسلامى المحنك خليل ابراهيم فى واحدة من عمليات التصفية لاحد قادة الحركات المسلحة، ومع ذلك نجد ان الرجل الآن هو وعقار يمدان ايديهما للسلام ويطالبان بفتح صفحة بيضاء من اجل انسان السودان، فلماذا لا تكون هنالك صفحة بيضاء ناصعة تقضي على روح الكراهية التى خلقتها حكومة (قحت) فى نفوس المواطنين؟ ولماذا لا تمحو حكومة قحت السواد من قلوب مسؤوليها ازاء الحكومة البائدة؟ ولماذا لا تطوى الصفحات ويتم التصافي والتعافي، ولكن تبقى مسألة حفظ حق الشعب من اولويات الحكومة .
وقطعاً لن تغفر حكومة قحت ولن تنسى مدى التهميش الذى تعرضوا له ابان حكومة البشير، خاصة ان الكل يتكالب على السلطة من اجل الثروة والمال، وليس من اجل تحقيق مكاسب للشعب واحداث التغيير المنشود.. فالآن هنالك تمكين من نوع آخر داخل الوزارات والمؤسسات، اذ تجرى عمليات تمكين مضادة ليس الغرض منها ازالة تمكين آل البشير وحواشيهم، ولكن الغرض منها التمكين لعناصر الاحزاب السياسية المشاركة فى ميثاق الحرية والتغيير، وخلق فرص عمالة لاتباعهم وتسهيل عملية السيطرة على مفاصل الدولة بطريقة الارتزاق والعمالة، وبسفور بالغ يؤكد مدى خواء عقول اولئك الناشطين الذين لم يمارسوا السياسة الا عبر التعليقات الكومينتات بمواقع التواصل الاجتماعى، واكثرهم علما ً مارس السياسة من خلال اركان النقاش بالجامعات, وللاسف هنالك وزراء ومسؤولون يفتقرون حتى للاسلوب الجيد فى الخطاب والتحدث الى الغير، وهذا يوضح معادنهم ونوع التربية الاسرية التى تربوا في كنفها .
لم التق قط بمالك عقار ولم تكن السياسة يوماً احدى اولوياتى، ولكنى استمعت الى الكثير من الحكاوي عن هذا الرجل حينما كان والياً على اقليم النيل الازرق، فإن صحت تلك الحكاوى فأنا ابشركم بأن مشاركة هذا الرجل فى الحكومة لن تضر الدولة، بل بالعكس ستكون مفيدة جداً، فالرجل عرف عنه انه اكثر ميلاً للدعابة واللطف، ولا يحبذ الحرب بقدر ما انه يعشق (البهجة والمسرة)، وقادر على خلق اجواء للسلام والتسامح ومتفتح الافق، وكذلك جبريل، ولو انه يعاب عليه الجدية والحزم فى ادارة ملفاته، لذلك أرى ان افساح المجال امام قادة تلك الحركات يعد نوعاً من العدل، ولكن ليس من العدل أن تخلق وزارات وتستحدث وظائف جديدة من أجل اولئك القادمين على حساب معيشة المواطن، مما يعنى انها ستكون حكومة مترهلة مرهقة مالياً، لذلك لا بد من الاحتفاظ بعدد مقاعد الحكومة التى حددت من قبل وباتت معروفة، مع الاستغناء عن عدد من المسؤولين والوزراء الذين تابعنا باهتمام اداءهم فى الفترة الماضية، وتيقنا تماماً انهم لا يصلحون الا (مطبلاتية) فى سوق رعاة الاغنام وليسوا مسؤولين حكوميين، فيجب الاستغناء عن عدد من الولاة واستبدالهم بعناصر من الموقعين على السلام حفاظاً على ما تبقى من موارد ان وجدت .

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

Exit mobile version