تحقيقات وتقارير

الحدود السودانية الإثيوبية.. هكذا استقبل السودانيون اللاجئين من حرب تيغراي

على بعد نحو 300 كلم من إقليم تيغراي الإثيوبي حط الفارون من الحرب رحالهم في منطقة “أم راكوبة” التابعة لولاية القضارف السودانية التي تبعد أكثر من 400 كلم شرقي الخرطوم، بعد أن سلكوا طرقا خبروها من قبل فرارا من الحروب.

 

وصلوا إلى مخيم شرقي مدينة القضارف، وهو في طور التشييد وسبق أن وصلته موجات من اللجوء الإثيوبي في عام 1975 هربا من المجاعة، وفي عام 1986 فرارا من الحرب، بل إن ثمة فارين الآن سبق أن وصلوا إلى المنطقة ذاتها لاجئين.

 

وبحسب مدير معسكر أم راكوبة للطوارئ التابع لمفوضية اللاجئين عبد الباسط عبد الغني، فإن عدد اللاجئين في المخيم ارتفع إلى أكثر من 4 آلاف، مشيرا إلى أنه أشرف بنفسه على تفريغ المخيم ذاته في العام 2000 من آخر اللاجئين بعد أن عادوا إلى بلدهم، ولم يتبق سوى 220 أسرة آثرت أن تقطن المنطقة.

 

ويشير إلى أن المخيم يستعد لاستقبال 10 آلاف لاجئ في ظل استمرار التدفق الكثيف للفارين من القتال بين الجيش الفدرالي الإثيوبي ومقاتلي جبهة تحرير تيغراي.

الغذاء والإيواء

وحتى مساء يوم الأربعاء كانت ثمة منظمات محلية وأجنبية تجتهد في تسوية الأرض بقطع الشجيرات والحشائش وإقامة مراحيض مؤقتة في المخيم.

وشيد اللاجئون عدة عنابر بالمواد المحلية في المنطقة (جذوع أشجار وقش) اكتظوا فيها بشكل لافت دون الالتزام بالتباعد في ظل تفشي فيروس كورونا.

 

وفضل بعض اللاجئين الصعود إلى قمم التلال المحيطة بالمخيم، حيث يوقدون النار ليلا على قممها لتتحول إلى ما يشبه منارات الموانئ.

 

وعلى مدى 5 أيام ظل أهالي محلية دوكة -التي يقع مخيم أم راكوبة في نطاقها- يقدمون وجبتين من العصيدة والعدس للاجئين الإثيوبيين.

وبدا لافتا مساء أمس الأربعاء بدء وصول المنظمات، حيث يقدم الهلال الأحمر السوداني الإيواء المؤقت ومواد غير غذائية، فضلا عن منظمة بريطانية تسمى “مسلم إيد” تقدم وجبة مباشرة مطبوخة، واليونيسيف الشريكة في خدمات المياه والصحة.

 

وبينما كانت تفرغ شاحنة حمولتها من الخيم والمشمعات، قال مدير المعسكر إن الاحتياجات الملحة هي مواد الإيواء في ظل التدفق المستمر للاجئين، فضلا عن الخدمات الصحية لمعالجة الحميات وحالات الولادة.

ورغم اصطفاف اللاجئين الإثيوبيين في طابور طويل للظفر بحساء العصيدة والعدس فإنهم عبروا عن استيائهم من نوعية الغذاء المقدم لهم، فضلا عن ضعف الحصص.

وقال اللاجئ كاسو وهو يجلس أرضا مع زوجته وأبنائه على مشمع عليه شعار “يونيسيف” إنهم وصلوا قبل 5 أيام، لكن المنظمات ما زالت تسجل غيابا لافتا، حيث لا يوجد غذاء إلا ما يقدمه السودانيون بالمنطقة، كما لا توجد خدمات صحية.

أما برهان فقد تفرقت أسرته، حيث فضل والده المكوث ببلدة حمرا في تيغراي، وفرت أمه مع أهلها إلى مكان مجهول، وبينما وصل هو إلى أم راكوبة ما زال شقيقه في حمدايت، حيث نقطة استقبال اللاجئين عند حدود البلدين.

ورغم المسافة البعيدة بين المخيم وعمق الإقليم المشتعل بالحرب فقد تمكن مسنون ومعاقون من الوصول إلى معسكر ظام راكوبة.

وعلى ظهره حمل هايلي ماريام (34 سنة) زوجته ملو حدقو المعاقة لمسافة 21 كيلومترا من بلدة حمرا وحتى الحدود السودانية.

ومع الكرم الذي أبداه سكان محلية دوكة لكن ثمة مخاوف من أن تؤدي موجة اللجوء -التي حسب المؤشرات ستمتد طويلا- إلى نضوب مورد المياه الذي تعتمد عليه المحلية، حيث تضم أم راكوبة آبار شرب تغذي محلية دوكة بمياه عذبة.

وثمة مخاوف أخرى تتعلق بتسرب اللاجئين إلى المدن والبلدات القريبة، خاصة في ظل تباطؤ المجتمع الدولي في توفير معينات البقاء في المعسكر، حيث نشطت عصابات في تهريبهم إلى القضارف والخرطوم.

من جهتها، بدأت السلطات السودانية في تشييد معسكرات لإيواء اللاجئين الإثيوبيين في عدة مناطق بولاية القضارف، فيما أكدت للجزيرة نت أن اللاجئين يعبرون للسودان عبر ولايتي سنار والنيل الأزرق.

ووفقا للسر خالد مساعد معتمد اللاجئين، فإن عدد اللاجئين الإثيوبيين فاق 30 ألف لاجئ لم تتمكن السلطات إلا من ترحيل 4 آلاف لمعسكر أم راكوبة بسبب شح الإمكانيات.

ودعا المجتمع الدولي لتوفير الغذاء والإيواء مع توقع وصول عددهم إلى نحو 60 ألفا.

وتبدو المعسكرات المقترحة في السنيط والطنيديبة التابعتين لمحلية المفازة (نحو 90 كيلومترا جنوب القضارف) في حاجة لتمهيد الطرق المحاصرة بالأراضي الزراعية قبل حلول الخريف، مما يصعب وصول المنظمات الإنسانية.

ورغم تمهيد طريق ترابية من رئاسة المحلية في دوكة وحتى مخيم أم راكوبة (6 كيلومترات) فإن الزمن الذي استهلكته السيارة للوصول إلى المخيم بلغ نصف ساعة وسط الأدغال ومزارع الذرة.

 

القضارف : احمد فضل

الجزيرة نت

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى