محمد عبد الماجد

محمد لطيف يكتب: من وحي السلام .. انتبهوا أيها القادة !

صناعة السلام .. بناء السلام .. حماية السلام .. ثم السلام المستدام .. صحيح لخبراء الأمم المتحدة اجتهادات ومصطلحات .. يصيغون بها وفيها ما يرون أنها مراحل موجبة الالتزام واجبة النفاذ لإكمال عملية السلام .. وهذه القاعدة عندهم تنطبق في أي بقعة فى الدنيا ..ولكن .. غني عن القول أن القواعد ذات الصلة بالعلوم النظرية وليس التطبيقية بالطبع .. ليست ملزمة للجميع .. وفي كل زمان ومكان .. لذا تجدني أميل إلى عدم الالتزام الحرفي بالتعريف الأممي أو مراحله.. ويبدو أن عمليات السلام تبدو أقرب إلى قاعدة تداخل المساقات .. منها إلى التراتبية المرحلية التي تفصل بين كل واحدة وأخرى طبقة سميكة .. ولا أجزم الآن .. أن أياً من أولئك الخبراء يدري على وجه اليقين .. مما تتكون تلك الطبقة العازلة ..!
لئن كان البعض سيزعم أن العام الذي قضاه المتفاوضون من حكومة السودان من جهة والجبهة الثورية من جهة أخرى .. فى دهاليز منبر جوبا .. كان مرحلة صناعة السلام .. فلا يستطيع أحد أن يغالط فى أن وصول قيادات الجبهة الثورية إلى الخرطوم نهار أمس كانت مرحلة مهمة جداً فى مراحل صناعة السلام .. أيضاً .. ولئن كانت النظريات الأممية ترتب مراحل السلام .. بحيث تكون مرحلة حماية السلام .. هي المرحلة الأخيرة بعد صناعته وبنائه .. فإن الجماهير التي احتشدت بالأمس بميدان الحرية لاستقبال رموز السلام .. بنت في الواقع بحشودها تلك .. حائط صد لكل من حاول التشكيك في أن ما أنجز في جوبا لا يمثل سلاماً ولا يحقق سلاماً .. فكان ذلك الحائط الذي انتصب بالأمس فى ساحة الحرية من مناكب الجماهير وعرقها ودموعها .. هو أول حماية حقيقية للسلام .. ومخطئ من يزعم أن الخطوة التي حدثت في جوبا .. لم تكن في حاجة للخطوة التي حدثت أمس بالخرطوم .. فاحتشاد الجماهير هو الذي منح الاتفاقية ألقها ووهجها وشرعيتها ..
وليس من يفتي بعد الشعب .. ولا شرعية فوق شرعية الجماهير ..!
إذن .. ما نريد قوله إننا سنخطئ خطأ جسيماً .. إن انتظرنا صناعة السلام .. كمرحلة أولى .. ثم ننظر بعد ذلك فى كيفية بنائه .. كمرحلة ثانية .. ثم ومن بعد ذلك .. نبحث فى مطلوبات حماية ما أنجزناه في المرحلتين الأولى والثانية .. فببساطة هذه قاعدة يمكن تطبيقها أو الأخذ بها في حال كوننا نعيش في مدينة فاضلة .. ولكن حين تكون في عالم يضج بالمؤامرات وبالمصالح الضيقة وبالنظرة الذاتية السطحية .. عالم يزخر بلوردات الحروب و تجار الأزمات .. الذين لا يهمهم غير المكاسب المادية ولو كان ذلك على حساب أرواح الناس وجراحهم وإستقرارهم وآمالهم .. ففي هذه الحالة يصبح التحدي الحقيقي .. أمام صناع السلام .. هو استباق أنفسهم .. لضمان حماية هذا السلام وصموده وبقائه ..!
ولئن تحدث بعض قادة الجبهة الثورية أمس .. أن أكبر تحدٍ أمام الاتفاقية هو الالتزام بتنفيذها .. فالمنطق يقول إن أكبر مهدد لهذه الاتفاقية هو عدم الالتزام بنصوصها .. والأهم من ذلك .. هذا السلام يحمل مكونات فنائه بداخله .. كيف ذلك ..؟ إنه النوازع الشخصية .. والدوافع القبلية والجهوية والمناطقية .. إذن أهم عناصر صناعة السلام وبنائه وحمايته وجعله سلاماً مستداماً .. هو التخلص من كل الفخاخ التي يمكن أن تكون مخبوءة بداخله .. فانتبهوا أيها القادة ..!

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى