آراء

محمد لطيف يكتب:الإمدادات إدارة أزمة.. أم أزمة إدارة؟!

الإجابة على أسئلة غير مطروحة.. هو أفضل عنوان لحوار قصير نشرته صحيفة سودان مورننق الإلكترونية مع مديرة الإمدادات الطبية المقالة من منصبها مؤخراً.. أما الأسئلة الأكثر إلحاحاً فلم نجد لها إجابة عند الدكتورة عفاف شاكر.. التي احتفى كثيرون بوصولها للمنصب.. إذ يبدو أن ذلك الاحتفاء كان مرده ارتباط اسم الدكتورة بالنطاسي البارع شاكر النحاس.. أكثر منه معرفة بقدراتها الإدارية والمهنية.. فإجابات المديرة المقالة قد حملت إدانة لها.. في الوقت الذي حاولت فيه البحث عن تبرير لتلك الفضيحة المدوية المرتبطة بالحاويات..!
قالت الصحيفة: (كشفت مدير الصندوق القومي للإمدادات الطبية “د. عفاف شاكر” عن شح في الأدوية المنقذة للحياة بسبب مديونيات الحكومة للشركات، موضحة بأن الشركات أوقفت التعامل بسبب المديونيات الكبيرة).. ومن هنا تبدأ أزمة عفاف شاكر.. وتلف حبل الإدانة حول عنقها بنفسها، قبل أن يفعل ذلك الآخرون.. فالأزمة المالية ليست سراً، وليست وحدها الإمدادات من تعاني.. ولم يطلب أحد من المديرة أن تخلق موارد من العدم.. ولكن المحزن أنه وفي ظل هذه الأزمة لا تغادر الست المديرة مكتبها لتتابع بنفسها تدفقات الأدوية لمؤسستها.. وتجتهد فى إيجاد الحلول التي تحول دون وصول هذه التدفقات المحدودة للمستهدف النهائي وهو المريض الذي يدفع روحه ثمناً لضعف وسوء الإدارة فى الإمدادات الطبية..! فحين تكون ثمة أزمة مالية، فالناس ينتظرون من المديرة أن تنزل بنفسها لـ (تلم) كل حبة بندول سقطت على الأرض، لا أن تهدر الموارد المتاحة على شحها..!
حين سئلت المديرة عن الحاويات قالت إنها (استغربت من وجود فيديو منتشر بوجود شاحنات محَملة وما تزال متوقفة لأسابيع والبلاد تعاني من نقص في المحاليل وهذا حديث غير صحيح لأن هنالك عربات تأتي وتذهب بالتدريج ولكن هنالك أناس نفسياتهم مريضة).. هل فهمتم شيئا من هذه الإجابة؟ وماذا فعلت هي قبل أن تتحرك الحكومة وتصلها حتى مكتبها؟.
ثم تسألها الصحيفة عن انعدام المحاليل الوريدية فتجيب المديرة بما لا يمكن أن يخطر على بالك (عقب سماعي الأحاديث المتداولة عن وجود نقص في المحاليل الوريدية قمت بتكوين لجنة لأنني على علم بأن لدينا كمية محاليل موجودة، وتم تكوين اللجنة من أصحاب الكفاءات في الجودة والمخازن وفي ظرف ثلاثة أيام ذهبوا إلى الحاويات وتأكدوا من الجودة الخاصة بها وفي ثلاثة إيام أيضا فرغوا هذه الأدوية واستطعنا التوزيع إلى 17 ولاية).. اولا يذهلك حديث المديرة عن تلقيها معلومات الموقف الدوائي من الأحاديث المتداولة، لا من التقارير الرسمية التى يفترض أنها تحرص عليها وتتابعها بنفسها.. أما حديثها عن التوزيع للولايات فهو إعتراف منها بأن المتداول عن نقص المحاليل كان صحيحاً.. والأسوأ من ذلك أنه اعتراف منها أنها (ما جايبة خبر).. ثم هي تتحدث عن الحاويات.. فإن كانت تعني ذات الحاويات محل الجدل فهذه مصيبة.. وإن كانت تعني حاويات أخرى، أيضاً فالمصيبة أعظم.. أما المذهل فى موضوع الحاويات فهو زعم المديرة، كما قال شهود عيان، أنها فوجئت بوصولها لسوبا.. وهو تبرير مضحك، ذلك أن البضائع، أي بضائع ناهيك عن أدوية يفترض أن حركتها محسوبة بكل دقة.. نقول أن البضائع ومنذ أن تتحرك من دولة المنشأ تكون معلوماتها متاحة لكل من يهمهم الأمر، ناهيك عن وصولها لميناء الوصول، وناهيك عن رسو السفن على أرصفة التفريغ، وناهيك عن تحرك الشاحنات بحمولتها إلى الخرطوم..؟ والسؤال.. أين كان مندوبو الإمدادات الطبية فى كل هذه المراحل؟ ألم يرسلوا تقارير بحركة هذه الشحنات الدوائية؟ أم أن المديرة لم تتمكن من المتابعة لظروفها الصحية، التي منعتها من مرافقة وزير الرئاسة فى جولته بمستودعات الإمدادات..؟!
والحديث عن الحاويات يقودنا لمستودعات الإمدادات.. شهود عيان يؤكدون أنها مكدسة بالفعل بأطنان من الأدوية.. فيما يشكو المواطن لطوب الأرض من شح الدواء.. بل انعدامه.. وهذا التكدس هو الحجة الأساسية التى ساقتها المديرة المقالة لعدم تفريغ الشاحنات.. متعللة بعدم وجود تمويل لعملية التفريغ.. ونسأل المديرة.. كما سألها آخرون.. هل خاطبت الدولة لتوفير هذا المبلغ المتواضع.. كلفة تفريغ المخازن وإعادة تعبئتها..؟ علما بأن مثل هذه العمليات ينبغي أن تكون من صميم مهام المؤسسة دون الحاجة لاستقطاب عون خارجي.. ثم يقال والعهدة على الراوي.. أن واحدة من حجج المديرة.. نقص الأيدى العاملة.. لينهض ذات التساؤل.. هل استنفرت المديرة المقالة أي جهة لتوفير الأيدي العاملة لتنفيذ تلك المهمة..؟ في ظني أن لجان المقاومة وحدها كانت كفيلة بتفريغ وتعبئة مستودعات الإمدادات الطبية.. هذا بالطبع إن توفرت إدارة حاذقة حازمة حريصة على واجباتها.. وقادرة على ابتداع الحلول من خارج الصندوق..!

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى