تحقيقات وتقارير

وفد إسرائيلي بأرض النيلين ..نسائم التطبيع الدافئة تغزو شتاء الخرطوم

الخرطوم عاصمة اللاءات الثلاث التي ظلت عصية على دولة الكيان الصهيوني بكل أراضيها ومجالاتها الجوية، بـات في حكم المؤكد أن تحتضن في جوفها وفـداً إسرائيلياً  يوم غد (الأحد ) في أول زيارة رسمية معلنة منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد تــرامــب، الشهر الماضي موافقة الـسـودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل ــ ارض النيلين لم تكن هي الأولى التي تبسط صدرها لاستقبال الزائرين من بني إسرائيل فقد سبقتها سماوات السودان التي هي الأخرى لم تتوارى من معانقة الاسرائيليين بعبور طائراتهم للمجال الجوي في أمسية باردة والتقارب بين الخرطوم وتل ابيب الذي تم التوافق عليه بين البلدين بشكل سري بضاحية عنتبي بيوغندا ، صار الآن واقعاً وحقيقة ماثلة يلزم حكومة الفترة الإنتقالية أن تتعامل معه بشكل جـدي وفقاً للبروتوكلات الدولية والدبلوماسية وتهيئة الأجواء وتوفير سبل الراحة والحماية للوفد الإسرائيلي ـزيارة الوفد الإسرائيلي يخشى البعض أن تحيل أرض النيلين الباردة إلى سطح صفيح ساخن بيد أن رمـوز وطنية وأحــزاب سياسية وطائفية لاتزال تتمسك بالقرار الذي اتخذته الخرطوم منتصف الـسـتـيـنـيـات، الــرافــض للتفاوض أو التصالح أو الإعتراف بالدولة الصهيونية.

 

خارج الصندوق
في وقت لاتزال فيه الخرطوم تجري مباحثات ولقاءات واسعة مع عدد من رموز وقيادات الأحزاب الرافضة للتطبيع مع إسرائيل، من المنتظر أن تستقبل البلاد الأحد وفداً إسرائيلياً في خطوة عدها مراقبون تأطيراً وتفعيلاً للعلاقة بين البلدين رغم أن الخرطوم سبق وأعلنت موقفها المؤيد للتطبيع إلا أنها رهنت ذلك بالمجلس التشريعي الذي لاتزال تجري المشاورات لإكتمال بنيانه ..في تعليقه على زيارة الوفد الإسرائيلي يرى الخبير الاستراتيجي والسفير السابق الرشيد ابوشامة أن زيارة الوفد الإسرائيلي تأتي بعد أن تم رفع حمل ثقيل عن كاهل السودان في إشارة منه لخسارة دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الإمريكية للسباق الإنتخابي والتي من شأنها أن تشكل حجر الزاوية لعلاقات جديدة بين البلدين، ومضى بقوله إن الحكومة التي رهنت التطبيع مع إسرائيل بعد قيام المجلس التشريعي لن تجد بداً غير إستقبال الوفد وتوفير الحماية له خاصة أن الوفد تقني يسعى للإستفادة من علاقة البلدين لتقديم إمكانياته الفنية والتقنية في عدة مجالات خاصة الزراعية وأن الوفد طالما بعيداً عن السياسة فإن تفكيره سيكون خارج الصندوق ،وفي رده حول ما إذا كانت زيارة الوفد جاءت تلبية لدعوة تقدمت بها حكومة السودان إستبعد ابوشامة ذلك غير أنه إستدرك بالقول إن الزيارة ربما كانت مقترحاً من جهات أخرى وأن حكومة الخرطوم قبلت الزيارة رغم موقفها المعلن مسبقاً وبشكل رسمي من قضية التطبيع على خلفية سلسلة لقاءات مع جهات عديدة في وقت سابق من بينها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 

المصلحة العامة
من جهته أقر عبدالرحمن أبوخريس الخبير الإستراتيجي والباحث الأكاديمي بحق الحكومة في تحقيق مصلحة الشعب وان ترعى مصالحه بعيدا عن العاطفة والايدلوجيات، وأوضح ابوخريس الذي أكد أن رفع السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب سيجعله قبلة للعديد من الدول بمحيطه الإقليمي والدولي، أكد على ضرورة ان تواصل الحكومة في علاقاتها مع كل الدول شريطة ان يظل موقفها ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية ،وحول التطبيع بين البلدين أوضح ان العديد من الدول العربية والإسلامية قد ابرمت اتفاقيات مع الكيان الصهيوني ولا تزال تبدي موقفها الرافض للاعتداءات الإسرائيلية على الاراضي الفلسطينية سواء كان ذلك من داخل إجتماعات جامعة الدول العربية او غيرها من المناسبات ذات الإهتمام المشترك ،ونوه ابوخريس الى ان العلاقات بين الدول مبنية على تبادل المنافع والمصالح وان السودان من حقه ان يحدد علاقاته وفقا لمصلحة شعبه وحماية أراضيه غير انه استدرك بقوله ،صحيح ان قضية التطبيع مع إسرائيل لم يتم إجماع عليه ولم يتم الإستفتاء حولها إلا ان قرائن الاحوال تشير الى أن أغلب الشعب مع الخطوات التي قامت بها حكومة الفترة الإنتقالية ودلل بذلك انه وعقب الإعلان عن التطبيع لم تخرج الاحزاب الرافضة للخطوة علانية بالشوارع ،كما لم تشهد الخرطوم او الولايات إحتجاجات مما يدلل ان هنالك قبول جمعي ضمني للخطوة وإن كانت هنالك جهات أعلنت رفضها وممانعتها للتطبيع لاعتبارات ليست من بينها مصلحة البلاد ،وتوقع ابوخريس الذي ارجع تراجع البلاد اقتصادياً بسبب إدارة البلاد الفاشلة للزراعة ،توقع ان تسهم الزيارة في تبادل الخبرات التقنية والفنية بين الجانبين ولم يستبعد ان تكلل الزيارة بعقد شراكات واستثمارات زراعية وصناعية من شأنها ان تعيد السودان لصدارة الدول المنتجة وان يصبح السودان سلة غذاء العالم قولا ً وفعلا.

 

تنسيق كامل بين أجهزة الدولة

وكانت مصادر (عبرية وسودانية،) كشفت (الثلاثاء)، أن وفداً إسرائيليا سيزور الخرطوم، الأحـد، ضمن عملية التطبيع بين البلدين،وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، (الثلاثاء)، إن “وفدا إسرائيليا سيزور الخرطوم الأحد في إطار ترسيخ عملية تطبيع العلاقات بين البلدين”،ومضت “ستكون هذه الزيارة الأولى منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الشهر الماضي موافقة السودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل”،ونقلت عن مصدر إسرائيلي مطلع، لم تسمه، قوله إن “الوفد سيضم موظفين في مجالات مهنية معينة، ولن يكون سياسياً”، وأضاف أن “عدد أعضاء الوفد سيكون أقل مما كان في الوفد الذي زار الإمارات في سبتمبر الماضي”،وفيما لم يعلق السودان رسمياً على الزيارة غير أن مصدراً بمجلس السيادة اكد نبأ الزيارة ،وقال المصدر حسب (وكالة الناضول ) ، مفضلا عدم نشر اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، إن “وفداً إسرائيلياً سيزور السودان الأحد”،وأوضح المصدر أن “الزيارة تتم بتنسيق كامل بين كل أجهزة الدولة الرسمية”،وفي ۲۳ أكتوبر الماضي، أعلنت الخارجية السودانية الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل،
وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)،وفي ۲٦ أكتوبر، أقر رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي، بأن ملف رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية لـ”الدول الراعية للإرهاب” مرتبط بتطبيع العلاقات بين بلاده وإسرائيل، وبالمقابل أكد وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، بتصريحات للصحفيين، في ۲۹ من الشهر ذاته، أن الموافقة على التطبيع مع إسرائيل “مبدئية وشفهية”، وأن تأكيدها في اتفاق مرتبط بموافقة البرلمان، وكان الرئيس ترامب أبلغ الكونغرس نيته برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب،وذلك في نفس اليوم الذي أعلن فيه عن موافقة الخرطوم على التطبيع مع تل أبيب ،وأُدرج السودان على القائمة عام ۱۹۹۳ ،لاستضافته آنــذاك زعيم تنظيم “القاعدة” الإرهابي الراحل،أسامة بن لادن،وبات السودان البلد العربي الخامس الذي يوافق على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، بعد مصر (۱۹۷۹ ،(والأردن(۱۹۹٤ ،(والإمارات والبحرين (۲۰۲۰، (وأعلنت قوى سياسية المشترك لبناء مستقبل أفضل، ولدعم قضية السلام في المنطقة»،مشيرة إلى أنه تم الإعلان عن الاتفاق بعد اجتماع في ۲۳ أكتوبر ضم رئيسي وزراء البلدين ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان في السودان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب،ورأت الخارجية السودانية أن قرار السودان بالاتفاق مع إسرائيل «يأتي في إطار التحولات الكبرى التي تحدث فيه، والتي تدفعها إرادة سوق أوضاعه إلى ما يحقق آمال شعبه واستقرار دولته،وفي سياق الثورة السودانية وزخمها الذي يتعدى بالتأثير إلى كافة المعطيات القائمة، بما فيها شبكة علاقات البلاد الخارجية، سعياً لتموضع يعلي تطلعات الشعب السوداني، ويهيئ البيئة الإقليمية والدولية المعينة على إنجازها»واختتمت الخارجية السودانية بيانها بالقول إن «الالتزام القيمي هو ضمير شعب السودان وهادي حكومته الديمقراطية الانتقالية، وسيظل السودان منفتحا على كل الإنسانية، مساندا بصورة دائمة مواضيع السلام وتعزيز الحرية وضمان سودانية عدة، رفضها القاطع للتطبيع مع إسرائيل، من بينها أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم.

فلاش باك
وكانت وزارة الخارجية أكدت في وقت سابق، توصل السودان وإسرائيل إلى قرار بـ»إنهاء حالة العداء وتطبيع العلاقة» بينهما،معلنة عن الاتفاق على بدء التعامل الاقتصادي والتجاري، وبتركيز أولي على الزراعة ،وقالت وزارة الخارجية ، في بيانها، إنه «تم الاتفاق على أن يجتمع وفدان من البلدين في الأسابيع القادمة للتفاوض لإبرام اتفاقيات للتعاون في مجالات الزراعة والتجارة والاقتصاد والطيران ومواضيع الهجرة، وغيرها من المجالات لتحقيق المصالح المشتركة للشعبين»،وأضافت أن البلدين اتفقا على «العمل العدالة».

تقرير: عبدالرحمن حنين

    صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى