هنادي صديق

هنادي الصديق تكتب: غضبة الحليم

ثبت بالدليل أن الشهادات الأكاديمية وإن كانت من كبرى الجامعات العالمية ليست مقياساً دائماً للنجاح، وينطبق ذلك على معظم من تولوا كبرى المناصب بالدولة، وأعني هنا مجلس وزراء حكومة حمدوك تحديداً، حيث فشل الكثير من الوزراء من أصحاب الكفاءة في إثبات أن (الشطارة الأكاديمية) يمكن ان تكون بوابة العبور لنجاحهم كوزراء وتنفيذيين.
فشل الوزراء الذين تمت إقالتهم والذين لا زالوا في حبل الوزارة تتحمله قوى إعلان الحرية والتغيير بصمتها على تجاوزات من كلفته بتشكيل الوزارة ومنحته الضوء الأخضر لقيادة البلاد في أحرج مرحلة سياسية في تاريخها.
وذات الخطأ يتحمله رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك، بإصراره على تنفيذ سياسات خاطئة لا تتوافق وطبيعة دولة في حجم السودان، بتباين ثقافاته وبيئته وإختلافات إنسانه وتنوع إثنياته، بجانب اعتماده لبرنامج غير البرنامج الذي وضعته حاضنته السياسية قوى إعلان الحرية والتغيير. وتحديداً خطأ تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي او البنك الدولي، فهي سياسة لا تنسجم مع جميع الدول ولا في جميع الأحوال، وحمدوك أكثر من غيره يعلم سبب عزوف المانحين عن الالتزام بما سبق وتم الإعلان عنه من تدفقات مالية لحكومة السودان، إضافة للضائقة الاقتصادية التي مرت بها جميع دول العالم بلا استثناء وتداعيات جائحة كورونا التي ضربت اقتصاديات كبرى الدول.
أخطاء قاتلة سيدفع ثمنها الجميع ما لم تتم معالجتها بأسرع السبل منعاً لأي احتمالات لحدوث فوضى أو إستمرار لحالة الإحتقان التي يعيشها الشارع جراء الوضع الاقتصادي شبه المنهار.
ثقتنا متوفرة بأن الكثير من المعالجات الفورية ستحدث، لأن أي إهتزاز لا قدر الله، من شأنه أن يؤدي إلى الفوضى التي يتحاشاها الجميع عدا أصحاب الأجندة والذين يعملون لأجل ذلك بإخلاص متناهي ولحسن الحظ فهم أقلية.
وهذا يدعونا لفتح العديد من الملفات الهامة التي أغفلها رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك عمداً أو سهواً، عسى أن تجد إهتماماً مسؤولاً لحلحلة العالق منها، وتجنباً لسقوط محتمل في فخاخ القادم، وأعني الملف الاقتصادي والذي وضح تماماً أنه (شعرة معاوية) التي تربط المواطن بالحكومة الانتقالية، وفشل هذا الملف حتى الآن مستمراً رغم كل التوصيات المستمرة التي تم رفعها من خبراء اقتصاديين، وإصرار حمدوك على تنفيذ روشتة البنك الدولي التي حذر منها الخبراء بالداخل والخارج، بل وحتى موظفو البنك الدولي.
أحد الملفات التي لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب هو ملف لجنة إزالة التمكين ومحاربة فساد واسترداد الأموال، رغم ضمها للعديد من الاسماء الملتزمة سياسياً وأخلاقياً، وأسباب الفشل تعود لعدم تركيز واهتمام مجلس الوزراء مع عملها، إضافة لتجاهل أعضاء اللجنة لفتح ملفات في غاية الأهمية، وتغاضيها عن البعض الآخر مع سبق الاصرار والترصد، والهمس الذي صار جهراً عن اسماء بعينها داخل اللجنة تعمل ضد فتح الكثير من الابواب المغلقة والتي تقبع بداخلها مصالح طائفة غير قليلة من أهل النظام المباد، ما نتج عن ذلك ضياع الكثير من الحقائق والملفات والمستندات الهامة.
سبق وأن طالبنا في هذه المساحة قبل أيام بضرورة معالجة أوضاع هذه اللجنة باعتبارها الساعد الأيمن والعمود الفقري للحكومة فيما يتعلق بتفكيك بنية النظام السابق ودحر الفساد واسترجاع أموال وأصول الدولة لدى الأفراد والمؤسسات بالداخل والخارج.
الوضع عموماً غير مطمئن، وتلوح في الأفق بوادر ثورة ثالثة مالم يتم تدارك الوضع، وعلى حمدوك وحكومته الحذر من غضبة الحليم.

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى