عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: أن تأتي متأخراً

(1)
في حديثه الهام لصحيفة الفاينانشيال تايمز خرج الدكتور عبد الله حمدوك عن القضيب الذي اختطته الحكومة الانتقالية لنفسها خروجا كاملاً عندما قال إن الولايات المتحدة أجرمت في حق السودان وهي تعاقبه بجريرة ما ارتكبه أسامة بن لادن بعد مغادرته للسودان ومنذ عشرين عاما. ذهب حمدوك الى أكثر من ذلك عندما قال صادقا إن الولايات المتحدة بذلك تهزم العملية الديمقراطية في السودان. في تقديري ان هذا الكلام الثوري الناري كان ينبغي أن يقال في أول أيام الثورة لكن للأسف الشديد اخترق الأمريكان الثورة بدعاوى دعم الاعتصام والوقوف مع الجانب المدني دون ان يسألهم أحد عن عقوباتهم المفروضة على السودان بموجب قائمتهم الخاصة بالداعمين للإرهاب، فكان الانبراش لهم والتذلل لهم لا بل شكرهم لإسهامهم في التضييق على النظام السابق، فتناسى هؤلاء الشاكرين أن تضييقهم ما زال منطبقا على حكومة الثورة لا بل اشتد عندما وصل مرحلة المطالبة بمبالغ عينية (عديل كدا) ثم وصول الابتزاز قمته بشرط التطبيع مع إسرائيل.
(2)
لم يكن غائبا عن معظم أهل السودان ان العقوبات الأمريكية على السودان كانت فعلا على السودان الدولة ولم تكن على النظام الحاكم فقط لا بل هذه العقوبات مع المحكمة الجنائية أطالت عمر النظام بفرض الكنكشة عليه وأكثر من ذلك تلك العقوبات فتحت أبواب الفساد بإغلاق أبواب التجارة الحرة في وجه السودان ولكن للأسف بعض المعارضين للنظام قاموا بتزكية تلك العقوبات وأمدوها بالوقود كي تستمر،وهذا البعض هو الذي سيطر على سياسة حكومة الثورة لهذا تكون تصريحات حمدوك للفاينانشيال تايمز المشار اليها أعلاه تعتبر خروجا على السياق وبالتالي خروجا على ذات السياسة الخارجية التي ظلت الحكومة تمارسها. فحمدوك لم يكتف ببديهية ان النظام المتهم بالإرهاب قد تغير وأن النظام الثوري لا ذنب له بل ذهب لدرجة ان الظلم قد وقع على السودان حتى في ظل النظام السابق لان بن لادن غادر السودان منذ عشرين عاما، فمن غير المعقول ان تظل العقوبات سارية عليه، بعبارة أخرى قد يكون مبلوعا ان تعاقب أمريكا السودان أثناء وجود بن لادن فيه ولكن بما أن بن لادن قد أخرجه السودان وبناء على طلب أمريكا بل عرض تسليمه لها ولكن إدارة كلنتون رفضت بحجة انه ليس مطلوبا للعدالة في أمريكا ساعتها. ما لم يقله حمدوك ان إرهاب القاعدة الذي ظهر في المدمرة كول والسفارتين والحادي عشر من سبتمبر وبن لادن كان بعيدا عن السودان. أما ربط العقوبات بالعلاقة مع إسرائيل فهو تأكيد لعدم أخلاقية ومبدئية تلك العقوبات.
(3)
مع أن لو تفتح بابا لعمل الشيطان لكن دعونا نتخيل أن السيد حمدوك قد قال ما قاله للفاينانشيال تايمز في خطابه بعد أداء القسم مباشرة، وطالب الولايات المتحدة برفع عقوباتها فورا ووضع سياسة داخلية تقوم على الأمر الواقع وطالب شعبه بتحدي الظروف وربط الأحزمة بحجة ان البلاد في حالة ثورة ضحى فيها نفر كريم بحياته، أكاد أجزم ان أمريكا يومها كانت ستهرول نحو الخرطوم وإن لم تفعل كانت دول أخرى ستفعل خطبا لود الخرطوم ولكن للأسف استطاع المحولجية بيع الثورة للغرب وحلفائه لدرجة ان السيد إبراهيم البدوي غفر الله له قال ان البلاد سوف تتقلب في نعيم منح الأصدقاء الأعزاء. قدر الله وما شاء فعل.

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى