آراء

عبدالحميد عوض يكتب: (إستهبال سبدرات وصحبه)

(1)
تابعنا طوال 30عاماً من حكم المؤتمر الوطني، عشرات المحاكمات ضد المعارضين، وظلت القرارات الإجرائية والأحكام القضائية، تصدُر ضد خصوم المؤتمر الوطني واحداً تلو الآخر. وكنا نسمع من محامي المتهمين عبارة واحدة، حفظناها عن ظهرقلب وهي: “نحن نحترم أحكام القضاء مهما كانت، وسنستأنفها بالطرق القانونية”، وتلك لعمري من التقاليد الراسخة التي يحرص عليها القضاء الواقف، من أجل المحافظة على سُمعة القضاء وهيبته.
(2)
بعد 11 أبريل، أراد المولى عز وجل، أن يدول الأيام بين الناس، ويجعل خصوم الإنقاذ في السلطة، ورموز النظام خلف القضبان، وهي من سنن الله في أرضه، وحكمة من حكمه، قلّ من يُدركها وكثُر المتغافلون عنها، حتى تستبين لهم في ضحى الغد.
المحامون المحسوبون، على النظام السابق – أو فلنقل بعضهم – من الذين يترافعون عن المتهمين، يصرون للأسف الشديد، على تقديم تجارب ونماذج سيئة في عدم احترام القضاء وقراراته وتوجيهاته وأحكامه.
(3)
المثال الاول، حدث في محاكمة الرئيس المخلوع بتهمة الثراء الحرام والمشبوه العام الماضي، وهي محاكمة يجب أن تُدرس في سوح كليات القانون، لما قدمه قاضيها، الصادق عبد الرحمن الفكي، من مهنية وعدالة، وحفظ لحقوق المتهم.
وفي لحظة النطق بالحكم، وبداية سرد القاضي، لحثيثات إدانة البشير، مارس عدد من محامي الدفاع، يومئذ، أصنافاً من الاستهتار بالمحكمة، وتقليلاً من هيبتها، ووصل بهم الأمر حد الهتاف في وجه القاضي، وأنسحبوا قبل أن يسمعوا الحكم النهائي.
أمس الثلاثاء، تكرر المشهد في محاكمة مدبري إنقلاب 30 يونيو، حينما حسم القاضي عصام الدين محمد إبراهيم، المحاولات الواضحة – على الأقل بالنسبة لي، من هيئة الدفاع لتعطيل إجراءات المحاكمة، بتكرار تقديم الطلبات والطعون، وأمر مباشرة بالاستماع لخطبة الإتهام بواسطة النائب العام، لكن عددا من هيئات الدفاع عن المتهمين طعنت في ذلك، وصنعت حالة من الضوضاء والهرج والمرج، لا تحدث حتى في (سوق العيش)، وذلك في مشهد مخجل لا نرضاه لمحاكمنا.
بنهاية المطاف، قرر محامو الدفاع الانسحاب من الجلسة، رغم تطمينات القاضي لهم بأن سيستبعد خطبة الإتهام، حال قررت المحكمة قبول الطعون المقدمة منهم ضد النائب العام، فرفضوا وأصروا على قرار الإنسحاب، وكأني بهم يريدون فقط فرض قرارتهم على المحكمة، وهذا لن يتأتى لهم في ظل عهد ليس عهدهم .
(3)
أستغربت جداً للخطبة التي القاها محامي المخلوع البشير، عبد الباسط سبدرات، وهو يقدح في مهنية النائب العام واستقلاليته، وأنا هنا ليس في معرض الدفاع عن مولانا تاج السر الحبر، لكن ما يدعو للدهشة، أن الحديث صادر من عبد الباسط سبدرات وزير العدل والنائب العام الأسبق، وهو الذي أمر وهو بالمنصب في يوم من الأيام، شرطياً ينفذ حكم القانون، بإطلاق سراح رجل الأعمال أشرف الكاردينال، المقبوض بأمر من وكيل النيابة، لكن الشرطي الحريص على سيادة حكم القانون أكثر من سبدرات، رفض الشرطي توجيهات الوزير، فما كان من سبدرات إلا أن وجَّه المدَّعي العام بأن يُطلق سراح صديقه الكاردينال وشطب البلاغ، وتلك حادثة وثق تفاصيلها الطيب مصطفى، في واحدة من زفراته الحرى، وثبتتها المحاكم، التي أدانت التدخل السافر لسبدرات والمدعي العام، والذي حال دون تطبيق العدالة، وذلك نموذج واحد لعدالة سبدرات واستقلاليته..!!

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى