عبداللطيف البوني يكتب: سلام جوبا

(1 )
في ذات يوم الجمعة الماضي وطائرات الإغاثة (تتطاقش) في سماء السودان واحدة من مصر تحمل أفرانا لصناعة الخبز واخرى من اثيوبيا محملة بمأكولات وأدوية وثالثة ما عارف من وين , كان سرب من الطائرات مغادرا لجوبا طائرة للبرهان واخرى لحميدتي وثالثة لحمدوك ورابعة للرسميين وخامسة للفنانين وسادسة لـ… وعاشرة لـ… أما على الأرض فصفوف البنزين غطت كل شوارع العاصمة وصفوف الخبز تحسب بالكيلو أما الاذاعة والتلفزيون فكونتا بعثة مشتركة ليكون البث من جوبا . يمكن قراءة هذا المشهد السيريالي من عدة وجوه ولكن دعونا نقلب الجانب الحسن ونتكئ عليه ونقول انه رغم كل شيء فالحكومة الانتقالية كانت مصرة على السلام وهاهي تسعى له في أصعب الظروف وبهذا تكون سوت العليها والدور والباقي على الأطراف الاخرى الموقعة وغير الموقعة ان تبادل الحكومة بتحية أفضل مما حيتها بها.
(2 )
في تقديري انه من حيث الشمول والركون الى جذور الأزمة لم ولن تمر على السودان اتفاقية أحسن من نيفاشا 2005 مظهرا ومخبرا ومع ذلك انتهت الى ما انتهت اليه . ولن تمر اتفاقية على السودان من حيث الواقعية مثل اتفاقية اديس ابابا 1972 فانتهت بان مزقها الذين وقعوها . أما ابوجا وأبشي والدوحة وجيبوتي والقاهرة وفرانكفورت فشيل وأدي البحر، الذي نود قوله ان تجاربنا مع اتفاقيات السلام ليست مشجعة ومع ذلك سنظل مؤيدين لأي اتفاقية سلام فاللسلام سحر لا يقاوم ومفردة السلام مفردة مكتنزة بالمعاني الإيجابية فمن يرفض كلمة السلام محتاج لمراجعة انسانيته مهما كانت موافقه السياسية فمن خدعنا في السلام انخدعنا له ومن الأوفق ان نخطئ بترحيبنا بالسلام الف مرة من ان تصيب مرة واحدة من رفضنا له، فعلى هذا جبلت النفس الانسانية المتسقة مع انسانيتها ومن هنا يأتي ترحيبنا بسلام جوبا الذي وقع بالسبت الأول من امس ونسأل الله ان يكون فيه سر باتع يخرج هذه البلاد من وهدتها.
(3)
اتفاقية جوبا لن تنهي حربا فالحركات الحاملة للسلاح وتملك أرضا خارج سلطة الدولة لم توقع عليها . كما ان نصوص اتفاقية جوبا فيها الكثير من المثالية التي قد تصطدم بواقع مغاير . كذلك الكثير من نصوصها تحتاج لمقدار ضخم من الأموال لكي توضع حيز التنفيذ ومعلومة أحوال البلاد المالية مع عدم وجود جهات داعمة حتى ولو بالكذب كما حدث في الاتفاقيات السابقة ولكن الأهم هو ان النصوص في السودان شأنه شأن كل دول العالم الثالث لا قدسية لها ولا يعبأ بها فكم من نصوص يغني عليها سرور ذهبت مع الريح كنصوص نيفاشا المكربة ونصوص اديس ابابا 1972 الممهولة فالواقع هو المتحكم فعليه انظروا للاتفاقية عندما تسعى بين الناس ولكن الجديد في الاتفاقية انها سوف ترفد الحكم بقوة جديدة ستكون موازية لقوى الحرية والتغيير مما يتيح فرصة لاصطفاف سياسي جديد وتوجه جديد نحو العالم الخارجي وصراع سياسي داخلي جديد . من المتوقع ان يجدث (دك وشك للورق) من أجل توزيع جديد بعبارة أخرى انها قد تشكل نقلة جديدة داخل المرحلة الانتقالية والجديد كما يقولون شديد.

 

 

 

صحيفة السوداني

Exit mobile version